أكد السفير الفرنسي في لبنان ​ايمانويل بون​ في كلمة له خلال حفل تقليد مدير عام وزارة التربية ​فادي يرق​ وسام الإستحقاق الوطني في قصر الصنوبر، "أنها لسعادة كبيرة أن نجتمع في قصر الصنوبر معا إلى جانب فادي يرق. الرجل الذي نكرمه هو مصلح ومربّ وطني وخادم للدولة وللبنان وهو شريك أساسي في مجال التعاون الفرنسي اللبناني، في مجال شديد الأهمية لمستقبل البلدين، ألا وهو المجال التربوي"، مشيراً الى أن "يرق قد خصص عمله بشكل كامل لتحقيق النجاح للأجيال الصاعدة في هذا الوطن".

واستذكر بون مسيرة حياة يرق "الذي هو ابن شمال لبنان الذي كبر وتربى وتابع دراسته في مدرسة الفرير في طرابلس قبل أن يلتحق بجامعة القديس يوسف في بيروت وحصل على ماجستير في علوم الإدارة وعلى شهادة في إدارة الأعمال وتخرج لاحقا من المعهد العالي للأعمال ESA" لافتاً الى أنه "لم يعمل في إدارة الأعمال بل اهتم بالشأن العام وعمل في الجمعيات على مشاريع إنمائية وتربوية وريفية وأصبح فيما بعد مديرا عاما لإحدى أهم المؤسسات مؤسسة رينيه معوض".

وأشار الى أن يرق "منذ العام 2000 وحتى العام 2005 عمل في المجالات التربوية والصحية والإنمائية والريفية والزراعية وفي مجال حقوق الإنسان وكان يتابع عن كثب كل ما يحتاجه الناس والعمل على تحقيق ذلك من خلال المبادرات في القطاع الخاص"، مؤكداً أن "كل تلك الجهود جعلت من يرق يتحمل مسؤوليات أكبر من خلال وزارة الشؤون الإجتماعية وتوليه مشروع تعزيز القدرات للحد من الفقر، وعمله المشهود ساهم في تعيينه مديرا عاما في وزارة التربية المنصب الذي يشغله حاليا".

وشدد على أن "مهمة العمل في مجال التربية في بلد يحتوي على مواهب مختلفة وحريص على التميز وفيه طلاب ينجحون بتفوق في المدارس وبلد فيه تنوع في التطلعات والتأثيرات وفيه انتماءات مختلفة، يتطلب ليس فقط إتقان في مجال العلوم المعقدة ولكن أن توجد سلطة قوية لوضع سياسات عامة مجدية"، معتبراً أنه "هنا تكمن مسؤولية يرق والتحدي الكبير الذي يواجهه وطموحه اللامحدود. في هذا البلد كل الأطفال في لبنان لديهم الحق في الحصول على تعليم مماثل منذ الصغر وحتى شهادة البكالوريا وهذا أمر ضروري في بلد يعتبر التعليم فيه المورد الرئيسي الذي في متناول العائلات للتحضير لمستقبل أولادهم. كما هو شرط أساسي للمثابرة في بناء الوطن وتعزيز وحدته".

ولفت إلى أن "يرق يحرص من خلال منصبه أن تتلاقى المناهج التعليمية الخاصة والعامة، ليحصل كل طالب لبناني على البرامج التعليمية عينها وعلى أن تحترم سلطة الدولة في علاقاتها مع كافة الجهات الفاعلة في مجال التعليم في لبنان"، معتبراً أن الدولة الفرنسية تريد "تربية وطنية" لأبنائها، مؤكدا أن "هذا الأمر ضروري ولا يمنع التنوع ولا احترام الإختلافات، وبأن الدولة الفرنسية تمكنت مؤخرا من الإتفاق مع التجمعات الكاثوليكية في لبنان لتحقيق طموحاتها في مجال التعليم والثقافة".

وأكد بون أن "يرق يلعب دورا سياسيا بارزا ويحضر إلى لبنان الغد من مكانه ويفعل ذلك بكل إصرار وببراعة كبيرة وقدرة على التكيف مع واقع معقد وصعب ألا وهو إحتياجات الناس من جهة وإمكانات السلطة العامة من جهة أخرى، خصوصا تأثيرات الأزمة السورية التي تفرض تعليم عشرات آلاف الأطفال في المدارس اللبنانية لمنع التخلي عنهم وتركهم لمصيرهم. إن هذا تحد كبير وغير مسبوق فلا يكفي فقط الحد من أضرار الأزمة الإنسانية بل تجنب ترك الأطفال اللاجئين بدون تعليم وتدريب لكي لا يصبحوا فريسة سهلة بيد الحركات المتطرفة"، لافتاً الى أن "كل هذا الدور يلعبه يرق مع الحرص على أن يبقى أطفال المدن والقرى اللبنانية يحصلون على تعليم مماثل في المدارس العامة".

وأعربعن "إعجاب فرنسا بلبنان في ظل هذه الظروف الصعبة" وحيا جهود يرق و"التزامه تجاه اللاجئين الذين سيعودون إلى أرضهم ما إن تسنح الظروف وبانتظار هذه العودة لبنان يعطي درسا للعالم أجمع عن حسن استضافته وكرمه في ظل هذه الأزمة".

وتوجه إلى يرق مشدداً على أنه "شهد على مفهوم العلاقة الجيدة بين فرنسا ولبنان خلال مسيرته"، مشيرا إلى أنه "من الأصدقاء التي تعرف فرنسا أنها تستطيع الإعتماد عليهم لأنها تتشارك معهم الإنتماءات العفوية والمتطلبات والذوق الواحد وكل الأشياء التي تقرب وتعطي الرغبة للجميع بأن يلمسوا هذا التشارك بل وبناء المستقبل معا".

ورأى أن "التربية هي الوجه الأكمل حيث تلتقي الطموحات وتعكس القصة التاريخية، ففي لبنان افتتحت أولى المدارس الفرنسية في القرن السابع عشر"، قال: "قناعتنا بأن لدينا مواهب وقيما ولغة ومشاريع مشتركة يجب أن نتشاركها ونجددها لنعزز صداقتنا باستمرار ولننقلها إلى الأجيال القادمة ونؤكد لهم بأن اللبنانيين والفرنسيين خلقوا ليتفاهموا ويلتقوا"

وأوضح بون أن "معا نعلم، من خلال 41 مؤسسة تعليمية في شبكة التعليم الفرنسي تستقبل 57 ألف تلميذ وتوفر لهم التعليم وتخرج نخبة التلاميذ الذين تعلموا احترام هويتهم والقيم المشتركة ليتمكنوا من خدمة بلدهم في المستقبل. كما أننا نلبي ونجيب على كل المدارس الخاصة والعامة التي تريد اعتماد اللغة الفرنسية في مناهجها التعليمية بدون التدخل بإرادة متابعة كل منهم. وفي هذا الإطار، أكثر من نصف طلاب لبنان يحصلون على تعليم مزدوج باللغتين العربية والفرنسية".

ورأى أن "يرق في كافة هذه المشاريع المفيدة، هو شريك إستثنائي في هذا المجال لأنه محترف ولديه قناعة ذاتية تحثه على المشاركة في تعزيز ومشاركة مميزات التعليم الفرنكوفوني"، مشيراً الى أنه "بناء على طلب يرق وضع المعهد الفرنسي برنامج للقراءة والتحدث باللغة الفرنسية في متناول الطلاب من كافة المدارس، لنخصص لهم مساحة أكبر للتواصل من تلك التي يحظون بها خلال الحصص التعليمية، وهذا الأمر أزهر نتائج جيدة كما نلمسه خلال معرض الكتاب الفرنكفوني الذي يستقطب آلاف الطلاب أطفالا ومراهقين يزورون المعرض برفقة أساتذتهم للقراءة والنقاش واكتشاف كل جديد".

وتوجه الى يرق مركداً "لأنك على بينة من كافة القضايا، ساهمت بتشجيع الإبتكار التربوي الذي يسمح لكل الشباب بالحصول على حظوظ في المستقبل. وتحت إشرافك نعمل في هذا المجال مع المركز التربوي للبحوث والإنماء، المشغل الرئيسي في وزارة التربية".

وأعلن أنه "باسم رئيس الجمهورية وبموجب الصلاحيات المعطاة لنا، نقلدك وسام الاستحقاق الوطني".