أثار العرض العسكري الذي قدمه حزب الله في ​مدينة القصير​ في ريف حمص الجنوبي التي استعادها بالتعاون مع الجيش السوري من المجموعات التكفيرية المسلحة في حزيران من العام 2013، موجة من التساؤلات في الداخل والخارج عن التوقيت والهدف، ففي التاريخ المذكور أخيرا تلقى "مشروع تفتيت سورية والمنطقة" ضربة قاصمةً، نظراً لأهمية المدينة من الناحية الاستراتيجية، لانها تشكل أهم عقد موصلات في سورية، بين الساحل والداخل، والوسط اي حمص مع دمشق ومنها الى الجنوب، ومن حمص الى حماه ثم حلب اي نحو الشمال، ومن البديهي أن سيطرة المسلحين عليها لو استمرتلكانت أسهمت إسهاماً فاعلاً في عملية تفكيك أوصال الدولة السورية، لكن تضحيات القوات السورية وحزب الله حالت دون ذلك، فقد استبسلا في القتال، وأثبت الجيش السوري في حينه بأنه يتمتع بمناقبيةٍ عسكريةٍ عاليةٍ، وأن لديه عقيدة قتالية لحماية بلاده، وتجلى ذلك بوضوحٍ طوال الأزمة الراهنة، فقد فاجأ الجيش السوري وحلفاؤه في القصير جميع المراقبين باحترافه في الميدان، إن لجهة توقيت الهجوم، وإن لجهة إتجاه الهجوم وتعدد المحاور، وإن لجهة القدرات العسكرية الكبيرة التي أظهرها، بحسب مرجع عسكري واستراتيجي.

وفي حينه، أجمع المحللون العسكريون والاستراتيجيون أن تحرير القوات السورية وحلفاءها للمدينة المذكورة هو بمثابة "الصيد الثمين"، حيث عثرت على أنفاق تصل الى الحدود اللبنانية، تستخدم لتسلل المسلحين وتهريب السلاح الى الداخل السوري، إضافة إلى مخازن كبيرة للأسلحة والذخائر، قد تكون اهم وأكبر المخازن التي دهمتها القوات المسلحة حتى الآن، وتشكل أيضاً شرياناً رئيسياً للإرهابيين على امتداد انتشارهم في سورية.

وكذلك إنعكست إستعادة "القصير" رعباً على المجموعات المسلحة علىامتداد الجغرافيا السورية، خصوصاً في ريفي دمشق، وأدت إلى إنهيار حالاتهم المعنوية وضرب الثقة فيما بينهم، والى القيام باغتيالات متبادلة بين أفراد المجموعات المسلحة في تلك الحقبة، كما يحدث اليوم في حلب وأدلب.

بالإضافة الى ذلك، فقد أدت عودة المدينة المذكورة ثم منطقتي تلكلخ وقلعة الحصن الى كنف الدولة السورية، الى إنهاء دور "الإمارة التكفيرية" التي كادت أن تقام في مدينة طرابلس، التي كانت تفتعل فيها الحوادث الأمنية وجولات الاقتتال المذهبي، لتمرير السلاح من طرابلس ومرفئها الى محافظة حمص، والدليل مصادرة الجيش اللبناني لباخرة "لطف الله 2" المحملة بالسلاح والمتوجهة الى طرابلس، قبالة شاطىء البترون، هذا على سبيل المثال لا الحصر، وهنا يجزم مرجع عسكري ألا قيمة استراتيجية لاستمرار تسعير الاقتتال في عاصمة شمال لبنان، بعد سيطرة الجيش السوري على هذه المناطق الثلاث المذكورة.

اذاً، نظرا لاهمية "القصير" الاستراتيجية، نظمت المقاومة الاسلامية عرضها العسكري فيها بالتعاون مع القيادة السورية في يوم شهيد المقاومة، لتؤكد لذوي الشهداء أن دماء أبنائهم أثمرت نصراً.

كذلك حمل العرض المذكور رسالة الى العدو الاسرائيلي الذي سعى إقامة حزام أمني بإدارة التكفيريين، لحماية كيانه يمتد من الغوطة الشرقية الى "درعا" – القنيطرة، ولكن لم يكتب لهالنجاح ، ولايزال يقدم مختلف انواع الدعم الى مسلحي تنظيم "القاعدة" في الجنوب السوري للضغط على الدولة السورية وحزب الله، بأن المعركة مع هذا العدو في حال إندلاعها لن تقف عند حدود معينة، وأن المقاومة باتت قوة اقليمية، ودائما برأي المرجع.

كما الى "الاسرائيلي" كذلك الى التكفيريين، فقد حملت "رسالة القصير" الى الرعاة الاقليمين والدوليين للمجموعات التكفيرية المسلحة، بالتزامن مع اطلاق الحملة الروسية- السورية لتطهير أدلب وشرق حلب وبعض مناطق حمص من الإرهاب وعدته، بان النصر حتمي، لامحال.