استيقظ الشهيد ​رفيق الحريري​ عند السادسة صباحا، وكان يعرف ان هنالك اجتماعا للجان في المجلس النيابي، وكان حائراً ما اذا كان سيحضر ام لا، لكنه كالعادة بدأ باستقبال زواره، الذين يتوافدون عليه منذ السادسة صباحا، او هو يوقظهم من النوم ويطلبهم للمجيء.

ودار حديث 3 ساعات بينه وبين زواره، وعند العاشرة استحمّ وكان درويش بقربه واعطاه البذلة التي يحبها، وهي بذلة كحلية غامقة، مع جرابها الكحلي، وحذائه الكحلي، وحضّر له كل الأغراض.

نزل الحريري الى الصالون وسأل هل الرئيس نبيه بري في المجلس النيابي، فقالوا له، بعد نصف ساعة سيأتي الى المجلس.

طلب تجهيز السيارات وكان الغائب الشهيد وسام الحسن، الذي كان عنده امتحان يومها في الجامعة، بات الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا يخاف الاغتيال ولا يخاف شيئاً، سألوه عن الطريق الذي يريد ان يسلكها، فقال لهم كما تريدون، خذوا الطريق ولا تخافوا من شيء.

عند الحادية عشرة و40 دقيقة انطلق موكب الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى مجلس النواب، وكان مبتسماً وفرحاً ودخل الى اجتماع اللجان وصافح نواباً ومازحهم، ثم جرى حديث عن الانتخابات النيابية، فقال لهم ايضاً مازحاً، سنخسر الانتخابات هذه المرة.

عند الساعة الثانية عشرة و44 دقيقة، كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يأكل البوظة في مطعم قبالة مجلس النواب مع الصحافيين شقير وسلمان، ثم انطلق بعد دقيقة بالسيارة، ووصل الى تقاطع فندق «فينيسيا»، كان امامه 4 جيبـات لـقوى الامن الداخلي مسرعة لفتـح الطريق وموكبـه مؤلـف من 7 سيارات، مرسيدس سوداء اللون، والسيـارة الـتي يركـبها مصفحة تصفيحا مزدوجا، أي انها لا تخرق ابدا الا بقذيفة.

اول دركي مرّ في جيب الدرك لاحظ وجود شاحنة ميتسوبيشي غير طبيعية، فأراد ان يسأل لكن الموكب كان سريعا فلم يستطع التوقف، لكنه نادى رفيقه الذي وراءه وسأله فقال اني أرى شابا اسمر الوجه، يقف قرب باب شاحنة ميتسوبيشي صغيرة، تحمل حوالى 3 اطنان، اقتربت سيارة الحريري من سيارة الميتسوبيشي وما ان مرت بمسافة 6 امتار حتى انفجرت سيارة الرئيس الشهيد رفيق الحريري المحملة بألفي كيلوغرام من المتفجرات.

اهتزت بيروت كلها، الذين كانوا في فندق فينسيا رأوا منظرا مرعبا، الثريات تسقط ارضا، والزجاج يتطاير والسيارات تحترق وحفرة كبيرة احدثها التفجير. اما الرئيس الشهيد رفيق الحريري فقد جعله الانفجار يقفز من السيارة الى مسافة 3 امتار، ويأتي نائما على ظهره، دون ان يكون مجروحا باستثناء ان ضغط الانفجار فجر دماغه.

ثم بدأ البعض يسمع صوت البكاء، ولا احد يعرف ماذا جرى عند الواحدة الا خمس دقائق امام فندق السان جورج، ولا احد يعرف ماذا جرى والبكاء يزداد وعندما اقتربت مراسلة الديار من احد مرافقي الرئيس الشهيد رفيق الحريري رأته يبكي، فاتصلت بالديار قائلة، ان الرئيس رفيق الحريري مات، وكيف علمت، فقالت ان مرافقه يبكي، ويقول «ديعانك يا دولة الرئيس، ديعانك يا دولة الرئيس».

بدأ الاستنفار العام ونزل الجيش الى الشوارع ونزل الناس لكن الأوامر كانت بسحب السيارات الى مركز قوى الامن الداخلي، وغسلها بالماء غسلا كاملاً، وسحب جثمان الرئيس رفيق الحريري الى مستشفى الجامعة الأميركية.

اتصل رئيس دولة عربية ببهاء الحريري، وسأله اين والدك، قال له انه يتعالج في الجامعة الأميركية، قال له، هل رأيته، هل كلمته، قال، لم يمت والدي ما زال حيا انه يعالج في مستشفى الجامعة الأميركية، قال له يا بهاء والدك قتل، وكل المعلومات تدل على ذلك.

سعد أصيب بالصدمة الكبرى، اكثر شخص تأثر كان سعد الحريري، ثم السيدة نازك، اما ابنته هند فكانت متماسكة الاعصاب ولم تنزل دموعها.

هبّ الناس الى قريطم والى الجامعة الأميركية وفي الجامعة الأميركية كان الأطباء قد بدأوا يشرحون ويكشفون جثة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

رئيس فرع مخابرات بيروت العميد البير كرم، استقبل عند الواحدة الا ربعاً العميد جامع جامع وخرج واياه الى وزارة الصحة لانهاء معاملة. وبينما هما في وزارة الصحة حصل الانفجار. ووزارة الصحة هي قرب مركز مخابرات بيروت، لم يعلموا ماذا حصل، الوحيد الذي عرف أول بأول كان الرئيس اميل لحود.

وفي البحث والتدقيق تطلعوا نحو عمود الارسـال الخليوي، فرأوا انه تمت ازاحته من طرف تقاطع فينيسيا باتجاه كليمنصو مسافة 50 متر، ولماذا تمت ازاحته، لا احد يعرف.

شيراك أصيب بالذهول، كان يتصل كل دقيقة، هل رفيق الحريري حي او ميت، أخيرا اخذ الهاتف السفير الفرنسي وقال للرئيس شيراك، انا موجود في مستشفى الجامعة الأميركية، الرئـيس رفيق الحريري قد توفي. فبكى شيراك على الهاتف.

بوش كان يسأل عما حصل، الدول كلها تريد التأكد اذا كان الرئيس رفيق الحريري ميتاً ام حياً، الرئيس الحريري استشهد عند الساعة الواحدة الا خمس دقائق، ولكن عند الساعة الثانية بعد الظهر تم الإعلان رسميا وعالميا واخذت دوائر المخابرات الخبر اليقين والرسمي، رئيس حكومة لبنان رفيق الحريري استشهد بتفجير كبير لا احد يعرف حجمه لان سيارة الميتسوبيشي التي انفجرت لم يكن قد بقي منها شيء على الأرض، والحفرة عميقة والمياه تندفع منها وسيارات الحريري تم سحبها من المكان، وأعطى الرئيس اميل لحود امرا فتح الطريق، كذلك الوزير فرنجية لم يكن يمانـع بفتح الطريق، الى ان اتصل اللواء جميل السيد بوزير الداخليـة قائلا انه ليس حادث سير انه حادث كبير، لا يجب فتح الطريـق.

جلس لحود في القصر، وقال البعض انه لم يكن حزينا، اما البلد فانقسم الانقسام الشهير، وبحث كل المحققين من الذي استطاع تفجير سيارة الميتسوبيشي بسيارة الحريري على مسافة 6 امتار وسيارة الحريري كانت سرعتها 80 كلم، أي انها تقطع في الثانية 25 متراً، وحتى الان لم يجدوا جوابا عن كيفية التفجير.

اتهموا حزب الله واتهموا سوريا، لكنهم لم يستطيعوا تحديد كيف حصل التفجير، مدعي عام بيروت سعيد ميرزا امر بتفتيش كل الأبنية التي هي حول الحادث، فلم يجدوا اثرا وفجأة صرخ ضابط على الجهاز وجدنا أثرا، فما هو الأثر، انه سنّ من اسنان الذي فجّر السيارة، فوراً نقل السن الى مركز التحقيق وبالطائرة ارسل الى أوروبا لدراسته، فتبين انه تابع لشخص عاش فترة في الصحراء، وفي منطقة رطوبتها عالية، وان عمره تحت الـ 30 سنة.

استشهد الحريري وبقي السر، من فجّر الميتسوبيشي؟ ليس السؤال من وضع الفي كيلوغرام ت. ن. ت. في سيارة الميتسوبيشي والصعب ان تعرف ان سيارة الميتسوبيشي انفجرت، لكن الصعب حتى الان هو كيف تم تفجيرها، وبخاصة ان سيارات الحريري لديها اجهزة تمنع التفجير عن بعد، فاذن الذي فجرها فجرها يدويا، فكيف حصل ذلك؟ انه السر الكبير الخطير.