ماذا فعل سليمان فرنجية ليتعرض الى مثل هذه الحملة من التضييق والحصار؟

عندما ترشح للانتخابات الرئاسية لم يخف ما تفاهم حوله مع الرئيس سعد الحريري، لا بل كاشف الجميع حتى بتفاصيل ما جرى. وذهب في المكاشفة الى عرض الموضوع على طاولة الحوار من دون مواربة او اي تعقيد.

يومها تعرض رئيس تيار المردة لابشع حملة من الثنائي المسيحي، على حد قول مصادر في 8 آذار، وذهب البعض الى حد تخوينه والايحاء بانه نقل «البارودة» من كتف الى كتف. لكنه فاجأهم بمواقفه التي برهنت انه صاحب موقف وكلمة على المستوى الوطني، وانه لا يساو على هذه المواقف حتى لو كان الثمن رئاسة الجمهورية.

اكد على علاقته بالرئيس الاسد، وعلى تحالفه المتين مع حزب الله وامينه العام السيد حسن نصر الله، ولم يتراجع عن آرائه السياسية شبراً واحداً.

وعندما انقلب الرئيس الحريري الى تسمية العماد عون بقي فرنجيه على صراحته المعهودة تؤكد المصادر، والتزام خياره بالسير في المعركة حتى النهاية طالما ان الانتخابات الرئاسية هي لعبة ديموقراطية سياسة وليست حربا ضروساً بين الاعداء.

وشددت المصادر على انه من حق فرنجية ان يخوض معركة الرئاسة بشرف وان يقبل الخسارة ويهنئ الفائز ايضا بشرف كما فعل تحت قبة البرلمان، فلماذا كل هذا الحقد والضغينة عليه اليوم؟ هل ارتكب جريمة لانه ترشح للرئاسة وبقي يخوض المعركة محتكما للمجلس النيابي؟

وهل مارس معصية في الاحتكام الى صندوقة الاقتراع مهما كانت النتيجة؟

وتسأل المصادر ايضا ماذا فعل فرنجية لكي يتعرض الى هذه المحاولات من التضييق والحصار؟ الم يكن واضحا في عرض مطلبه للدخول في حكومة الوفاق الوطني منذ اللحظة الاولى للمشاورات التي اجراها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة؟

ما هو ذنب فرنجيه اذا كان اختار المنافسة الشريفة للوصول الى قصر بعبدا، بدلا من الدخول في صفقات سياسية انتهازية هدفها احتكار القرار المسيحي تحت عنوان استعادة حقوق المسيحيين؟ الا يشكل تيار المردة الذي يقوده جزءاً من هذا القرار طالما انه ممثل بكتلة مسيحية في المجلس النيابي ويملك ثقلا شعبياً قوياً في منطقة مسيحية ومارونية؟

واشارت المصادر الى انه بعد انتخاب الرئيس عون بالاغلبية وليس بالاجماع قيل ان صفحة ما قبل هذا الاستحقاق قد طويت، وان المرحلة تقتضي تضافر كل الجهود من خلال حكومة جامعة للنهوض بالبلد على الصعد كافة. فهل ان سياسة الاقصاء تخدم او تتلاءم مع هذا التوجه ام انها يؤدي الى نتائج معكوسة؟

تؤكد المواقف والوقائع ان ما يجري منذ بدء محاولات تشكيل الحكومة ان هناك من يسعى الى توظيف نتائج انتخابات الرئاسة في مصادرة قرار الحكومة اولا، ورسم سيناريو صفقة انتخابية ثانيا.

وفي قراءة هذه المواقف ترى مصادر سياسية مطلعة ان هذه السياسة لدى البعض هي التي تعقّد تأليف الحكومة وتؤخر ولادتها.

وقد يكون الهدف من التأخير هو اضاعة فرصة اقرار قانون جديد للانتخابات طالما ان البديل قد جرى ترتيبه، اي ان قانون الستين بات ملائما لخوض المعركة وفق التحالفات الجديدة لا سيما على صعيد الشارع المسيحي.

وبرأي المصادر ان حسابات الثنائي المسيحي التيار العوني والقوات اللبنانية على اساس قانون الستين باتت مقبولة بل ومطلوبة ايضا. فالطرفان الاقوى مسيحيا يتوقعان تحقيق نتائج باهرة في تحالفهما الانتخابي، وبالتالي تقاسم اغلبية المقاعد المسيحية.

وتضيف المصادر انه قد يكون هذا الحساب في محلّه، لكن النتائج المتوقعة لن تؤدي الى انقلاب مهمّ للموازين على المستوى النيابي بشكل عام اي على مستوى مجلس النواب المقبل باعتبار ان النتائج على مستوى مقاعد حصة المسلمين لن تتغيّر، عدا عن بقاء التوازنات والمعادلات الانتخابية على حالها في الدوائر المختلطة.

وبرأي المصادر السياسية ان الخاسر الاكبر من الابقاء على قانون الستين هو البلد، وما يمكن ان يلحق بالعهد الجديد من خسائر في ظل الرغبة لدى شريحة شعبية واسعة في اقرار قانون جديد للانتخابات مبنيّ على النسبية.

ووفقا للتوقعات فإن الثنائي المسيحي يسعى الى ممارسة الضغوط وتوفير المناخات المناسبة لقلب المعادلات الانتخابية في بعض الدوائر لا سيما في زغرتا حيث سيحاول قيادة تحالف في وجه تيار المردة من اجل انتزاع مقاعد هذه الدائرة او احداث خرق فيها.

من هنا تبرز شراسة الحملة على فرنجية في معركة تشكيل الحكومة، فالمسألة لا تتعلق بنوع الحقيبة فحسب بل بخلفية هذه العملية التي تطاول شظاياها ايضا حزب الكتائب الذي يقاصص بدوره على عدم انضمامه او انتخابه للرئيس عون.