يتدافع كبار الزوار الى ​لبنان​، والآتي أعظم. طائرة تحط وطائرة تغادر وعلى متن كل منهما موفد ملكي أو موفد رئاسي، أو وزير للخارجية (...) ولهذا الحشد من كبار الزوار دلالات أكيدة، وعديدة، من أبرزها أنّ لبنان موضع إهتمام خارجي كبير.

أولاً - ليس دقيقاً ما يقوله البعض من أنّ هؤلاء الزوّار جاءوا «طبيعياً» لمناسبة إنتخاب رئيس جديد. وهذا أمر مألوف، وتكراراً هو حال «طبيعية».

وهذا الكلام غير دقيق فعلاً لأنّ ليس له سابقة. فلقد كان الأمر يقتصر على إرسال برقيات التهنئة،وتبادل عبارات اللياقة إذا ما حصل إتصال تلفوني.

ثانياً - في تقديرنا أنّ أوضاع المنطقة أثبتت سلسلة حقائق لا يمكن تجاهلها:

1- الأنظمة في المنطقة هي عموماً أنظمة آحادية وتوتاليتارية. فقط لبنان هو البلد الذي يجري فيه إنتقال السلطة بشكل سلس، وبانتخاب ديموقراطي شفّاف، وبالتالي يجب الحفاظ على هذه الواحة من الديموقراطية.

2- إنّ لبنان يتحمّل أعباء كبيرة جداً جراء النزوح السوري الكبير الذي يستضيفه، الى ما هنالك من التداعيات الكبيرة الإنسانية والإقتصادية والأمنية والسياسية والإجتماعية. وبالتالي فإنّ هذه الإستضافة موضع تقدير واحترام دوليين، على أمل أن تصبح عبارات الإشادة مدخلاً لمساعدات عملية تخفف عن لبنان بعضاً من الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتقه. إذ حتى الآن «بالوعد يا كمّون»!

3- إن نهاية الأحداث في سوريا آتية لا ريب فيها، عاجلاً أو آجلاً، وكذلك في العراق وفي اليمن. ولكن أساساً في سوريا. وبالتالي فلا بدّ من إعادة الإعمار. واستطراداً لابدّ من نقطة إرتكاز لـ «المساعدين»... وعليه فلابد من لبنان المعافى والذي يحظى بدعم إقليمي ودولي ليكون نقطة الإرتكاز تلك للمسؤولين والشركات العالمية الكبرى.

ثالثاً - وفي عود على بدء يبدو أنّ لفخامة الرئيس العماد ميشال عون دوراً مهماً في استقطاب المهنئين. فالرجل مشهود له بشمولية الثقافة، والإنفتاح الإنساني، والإلتزام بالمعايير والقيم الدولية، وهو صاحب كاريزما الى قدرة على إقناع الآخر، كونه محاوراً من طراز رفيع... والأهم انه يوحي بالثقة، ما يجعل أي حوار معه (سيان من الداخل أم الخارج)، مستنداً الى أرض صلبة.

رابعاً - من هنا يُفهم ليس فقط الحشد من الزوار، بل أيضا الدعوات التي إنهالت على فخامة الرئيس من القادة، ملوكاً ورؤساء، حتى لدرجة المنافسة في إجتذاب الزيارة الرئاسية الأولى.

وبعد، كان في ودّنا ان نميز بين هذه المعمعة الدولية للعهد في بداياته، وبين محاولات إغراق هذا العهد منذ بداياته في إشكالات مصطنعة.

وللفاعلين نقول: إتقوا اللّه في وطنكم وشعبكم.