بعد عشر سنوات على حرب 2006، وثلاث مواجهات عسكرية دامية ضد قطاع غزة، أقرّت إسرائيل بأن جبهتها الداخلية غير جاهزة لمواجهة صواريخ حزب الله، وأن أداء الحكومة وقيادة الجيش لم يرتقِ إلى مستوى التهديد الذي شكّلته أنفاق قطاع غزة

أعلن «مراقب الدولة» الإسرائيلية أن الجبهة الداخلية غير جاهزة لمواجهة صواريخ حزب الله، بعد عشر سنوات على عدوان تموز. ومع أن تقرير مراقب الدولة تناول جاهزية الجبهة الداخلية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.

إلا أن الملاحظات والتحذيرات، التي انطوى عليها، استهدفت بشكل رئيس الاستعداد لمواجهة حزب الله على الجبهة الشمالية.

ولفت عاموس هرئيل، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، إلى أن هذا المفهوم يستند إلى حقيقة أن لا تشابه بين خطورة التهديد الذي يشكله حزب الله على الجبهة الداخلية وما واجهته إسرائيل في حربها الأخيرة مع حركة حماس. وحذرت الصحيفة من عدم فهم التهديد المحدق بإسرائيل انطلاقاً من جبهتها الشمالية، في ضوء امتلاك حزب الله عشرات آلاف الصواريخ التي يتمتع جزء منها بالدقة وبمديات تغطي كل فلسطين المحتلة.

ولا يمكن الفصل بين ما انتهت إليه الصحيفة الإسرائيلية، وما يدركه صنّاع القرار السياسي والأمني في تل أبيب بأن حزب الله، رغم انشغاله بمواجهة التهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية والتكفيرية، ما زال يملك إرادة القرار بتفعيل قدراته في حال تجاوُز إسرائيل بعض الخطوط الحمراء التي تبلورت خلال السنوات الماضية.

وأشارت «هآرتس» إلى أن الهوة العميقة بين ما يواجه إسرائيل على جبهتها الشمالية وما تواجهه على جبهتها الجنوبية، وهو ما يمكن أن يفسر الفجوة بين الخطاب الإسرائيلي الحازم ضد حزب الله، والنهج العملاني المنضبط والمبرَّر لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يحاول قدر الإمكان تجنّب نشوب الحرب مع الحزب. وتشي الخلاصة التي أشار إليها هرئيل إلى أن حسابات الكلفة والجدوى من أي حرب مع حزب الله تحضر بقوّة في وعي صنّاع القرار السياسي والأمني في تل أبيب، وتفسر الكثير من مفردات أدائه العملاني والسياسي.

تقرير مراقب الدولة عن وضع الجبهة الداخلية خلال عملية «الجرف الصامد» ضد قطاع غزة، ليس سوى ضربة استباقية تمهيدية للتقرير النهائي الذي يفترض أن يصدر في كانون الثاني المقبل، والذي سيتناول القضايا الأساسية التي شغلت الرأي العام الإسرائيلي، وشكلت محور الخلافات بين نتنياهو من جهة، وكل من الوزراء في حينه نفتالي بنيت ويائير لابيد وتسيبي ليفني. وتدور هذه القضايا حول الاستعداد لتهديد الأنفاق، وأداء المجلس الوزاري المصغر في الحرب، وصورة الاستخبارات وأبعاد أخرى.

في قضية الجبهة الداخلية، لم يكن رئيس الحكومة الهدف المركزي لانتقادات تقرير مراقب الدولة، بل تركزت الانتقادات على قيادة الجيش ووزارة الأمن ووزيرها السابق موشيه يعلون. وتضمن التقرير سلسلة عيوب، بدءاً من عمل المجلس الوزاري المصغر والحكومة وانتهاءً بالنشاط الميداني. ولفت التقرير، في هذا السياق، إلى أن المجلس الوزاري المصغر كجهاز مراقب، لم يعقد حتى حزيران من هذه السنة أي جلسة نقاش واسعة حول استعدادات الجبهة الداخلية، باعتبار أن هذه القضية هي أحد أهم الأسئلة الحاسمة من قبل إسرائيل في أي معركة مستقبلية ضد حزب الله في لبنان أو ضد قطاع غزة.

أما نتنياهو، فتنتظره ثلاث ملاحظات شخصية في التقرير الأساسي، تتصل بعدم دراسته بدائل عن الحرب، وعدم إشراك المجلس الوزاري المصغر في خطورة تهديد الأنفاق وغياب الرقابة عن استعدادات الجيش للتهديد. وحول هذه القضية لا يزال نتنياهو يدير حملة مركزة للتأثير في التقرير النهائي للمراقب، يوسف شبيرا، الشهر المقبل، من أجل تليين صيغة المسودة شبه النهائية.

ومع أن شابيرا يدرك أنه سيتعرض لهجوم إعلامي من قبل محيط رئيس الحكومة، لكنه وجه انتقادات شديدة إلى المجلس الوزاري حول سبل تحذير وحماية السكان في إسرائيل، خاصة في ضوء التوقعات بتعرضها في أي حرب مستقبلية مع حزب الله لعشرات آلاف الصواريخ، في وقت لا يزال فيه قسم من منظومات الدفاع والاعتراض غير صالح، وقسم كبير من الملاجئ العامة والخاصة ليس جاهزاً لمواجهة التوقعات.

ولفت المراقب إلى أنه منذ قررت الحكومة تقليص الفروق في تحصين المباني، نُفِّذ القرار جزئياً، وفي بعض الأماكن لم ينفذ مطلقاً، وهو ما حال دون تحقق المساواة على هذا الصعيد. وأوضح التقرير أن هناك مباني مؤسسات لم تُحصَّن في البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، رغم صدور قرار بهذا الخصوص عن المحكمة العليا. وحذر التقرير أيضاً من أن القدرة على الدفاع عن شمال إسرائيل محدودة للغاية، في ضوء انعدام تحصين المباني.

من جهة أخرى، أكد تقرير المراقب أن الجيش ووزارة الأمن لم يبلورا خطة لإخلاء المدن في شمال إسرائيل، ولم تجر مداولات على المستويين العسكري والسياسي حول الفجوات في وسائل الدفاع الجوي عن شمال إسرائيل. وشملت الانتقادات أيضاً هيئة الأمن القومي لكونها لم تتابع كما ينبغي تنفيذ قرارات رئيس الحكومة، باعتبار أن هذا الأمر من أدوارها المحددة في القانون.