يعاني "س. س." من هلوسات سمعية وهذيان اضطهادي يرافقه أفكار عظمة. "س.س." البالغ من العمر 32 عاماً هو ابن وحيد، أوقف دراسته في صف التاسع أساسي، وهو متزوّج وله طفلة، وكان يتعاطى في السابق جميع أنواع المخدرات كحشيشة الكيف و​الكوكايين​ والهيرويين.

يظنّ "س. س." أنه "المسيح" وباستطاعته شفاء المرضى، كما أنه يحاور الله والأنبياء، ويخبر أنه "تعرّض للإضطهاد من قبل مجموعة حاولت إجراء إختبارات وفحوصات له لمعرفة مصدر قوّته". وبعد تشخيص الحالة المرضيّة له تبيّن أنه يعاني من مرض فصام الشخصية.

ما هو الفصام؟

فصام الشخصية هو من الأمراض العقلية الأخطر، يعاني منه حوالي 1% من سكّان العالم. يعرف هذا المرض بإضطراب عقلي شديد ومزمن ويؤثّر على سلوك وتفكير المصاب وإدراكه، ويقسّم إلى ثلاثة أنواع: الفصام الوجداني والذي يرافقه إكتئاب وهيجان، الفصام الإضطهادي أي أنّ المريض يخاف أن يضطهده الناس، يرافقه أفكار العظمة كالأمور الروحانية والدينية، واخيرا الفصام البسيط يظهر من دون هلوسات وهذيان، وفي هذه الحالة يكون لدى المريض أفكاراً غريبة ويبتعد عن الناس وهو إجمالاً عاطل عن العمل.

الأسباب

تبدأ الأعراض الأولية بالظهور عند الرجال بين الـ16 والـ25 عاماً، أما عند النساء فتظهر بين الـ16 و الـ35 عاماً. وأسباب هذا المرض تتعدد، فهي تكون عبر الوراثة أو أسباب جينيّة، فنسبة الإصابة بفصام الشخصية تزيد إذا كان أحد أفراد العائلة قد أصيب به سابقاً أو اذا كان هناك خلل جينيّ. وإذا كان الأهل يعانون من هذا المرض فإن نسبة اصابة الأولاد هي 12%، وعند التوأم المتماثل ترتفع النسبة بين 25 و 50% أما عند التوأم المختلف فهي أقل وتتراوح بين 5 و 20%.

كذلك قد تكون الأسباب متعلّقة بالشخصية، فيكون المريض منذ صغره يتمتّع بشخصية خجولة، منزوية وإنطوائية، مع العلم أن ليس للمرض علاقة بالذكاء. ومن الأسباب أيضا خلل بالتواصل بين خلايا الدماغ، والأدوية والمواد الكيميائية اذ ان تعاطي المخدرات مثل الكوكايين والهيرويين وغيرها وبعض الأدوية التي تؤثر على الصحّة النفسية كالأدوية المهدّئة ترفع نسبة الإصابة بمرض فصام الشخصية.

الأعراض

بعد الغوص في تعريف الفصام وأسبابه، لا بد من التطرق الى عوارضه التي عادة تكون واضحة وبحاجة لتدخل طبّي سريع كي تتم معالجتها بأسرع وقت ممكن. وتبدأ هذه العوارض بهذيان الإضطهاد، أي أن المريض يتوهّم أنه تعرّض للأذى أو الخطر وتكون هذه الأفكار منافية للواقع والمنطق، كذلك تكون "الهلوسات" ويمكن أن تكون سمعية، اي سماع أصوات غير حقيقية، ويمكن ان تكون بصريّة لأية أجسام غير موجودة. ومن العوارض أيضا "اضطرابات سلوكية، صعوبة في التركيز، عدم التعبير عن المشاعر والأحاسيس، صعوبة بالذاكرة.

وفيما يتعلّق بالتشخيص، يتمّ اخضاع المريض لاختبارات نفسية ومقابلة عيادية سريرية تؤكد اصابته بهذا المرض.

الحلول؟

لكل هذه الأعراض حلول تكمن بالمتابعة النفسيّة مع المعالج النفسي، إضافة لتناول أدوية مضادة للهذيان والإكتئاب تحت اشراف الطبيب المختص. كما ان الدعم الأسري يلعب دوراً اساسياً في المعالجة، فالمطلوب من افراد عائلة المريض مساندته.

اذا كان اهل المريض قد توفّيا وهو غير متزوّج، من الأفضل ان يتواجد الإخوة بالقرب منه، وأن يكون هناك زيارات له في المستشفى ان كانت الإمكانات لا تسمح له ان يعيش معهم، وأن يصطحبوه خارجاً خلال فترة الأعياد حتى لا يشعر المريض بأنه غير مرغوب به وكي لا تسوء حالته النفسية.

بعد العلاج، يتحسّن المريض تدريجياً ليمارس حياته الطبيعية، فبإمكانه العودة الى الدراسة والعمل، كما انه يستطيع ان يتزوّج شرط ان يتابع علاجه النفسي مع تناول الأدوية بانتظام.

*اخصائية في علم النفس العيادي ​كارين مطر