يعتبر ​لبنان​ البلد الوحيد في العالم الذي يتجاوز عدد مغتربيه أعداد سكانه المقيمين. وتشير الإحصاءات إلى أن ما يناهز الـ15 مليون لبناني يقيمون خارج لبنان وجلّهم نال جنسية البلدان التي يتواجدون فيها. ولعل الأسباب التي وقفت وما زالت تقف خلف سعي المواطن اللبناني للهجرة عديدة ومتشعبة، ولكن بعد إنتهاء الحرب اللبنانية أمل اللبنانيون خيراً بعودة ذويهم من بلدان الإغتراب إلاّ أن الآمال ظلت وهماً.

اليوم ومع الإستقرار السياسي الذي يشهده لبنان، وبالتزامن مع فترة الاعياد يأمل اللبنانيون بعودة ذويهم من بلدان الإغتراب، وفي هذا الإطار أًطلقت حملة تحت شعار "lebanon is calling" تدعو اللبنانيين المغتربين إلى العودة إلى لبنان وقضاء فترة الأعياد مع الأهل خصوصاً بما يحمله العيد من رمزية لناحية الإجتماع بين الأهل والأصدقاء، وقد ذهبت الحملة بعيداً بدعوة المغتربين إلى البقاء في لبنان دائماً.

وقد بدا من خلال الحملة أن هناك ارادة لدى المنظمين ببلورة رسالة يتوجّهون فيها الى ​الاغتراب​ اللبناني لمشاركته جو التفاؤل الذي ساد في لبنان، وقد أطلقت الحملة خلال فترة الإنتخابات الأميركية وشاهدها العالم بأسره ومن بينهم جميع المغتربين اللبنانيين، حيث وصل متابعوها إلى مليون ونصف في أقل من أسبوع مما يؤشر إلى أنها مسّت اللبنانيين بشكل كبير. وكانت الخطوة التالية اطلاق اعلان جديد بمناسبة الاعياد يحمل رسالة عاطفية صادقة الى اللبنانيين مغتربين كانوا او مقيمين، وكان رد الفعل على المرحلة الثانية نجاحاً اضافياً اضيف الى المبادرة الاولى. وبحسب المنظمين تهدف الحملة إلى بثّ رسالة ايجابية عن لبنان لتحسين الاوضاع فيه واعادة ثقة ابنائه المغتربين به واتجاهه السريع بأن يعود وجهة سليمة للاستثمار.

وللإطلاع على مزيد من تفاصيل الحملة تواصلت "النشرة" مع أحد منظميها السيد ​آلان ديبو​ الذي إعتبر أن "الوطنية ليست حكراً على المجال السياسي والعمل في الشأن العام"، مشيراً إلى ان "القطاع الخاص في لبنان هو الاوكسيجين الحقيقي لاقتصادنا، وبالتالي نرى انّه من واجب القطاع الخاص، الانخراط في الحملات الوطنيّة وبخاصة تلك المشجّعة للاستثمار في لبنان".

وعما إذا كان هناك تنسيق مع ​وزارة الخارجية والمغتربين​ اللبنانية، لفت ديبو إلى ان "الحملة هي حملة خاصة، ولا تنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين، ولكن، في حال ارتأت الوزارة ان هناك امكانية للتعاون فمن الطبيعي ان يتم ذلك".

وأوضح ديبو أن "الحملة ومع انطلاقها على محطّات اجنبية وبالتوقيت الذي اختير لذلك، وايجابية الرسالة التي تحملها، جعلها حديث الساعة منذ بثّها. ومع رواجها وبخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الانترنت لفتت انتباه الاعلام اللبناني الذي عاد ولعب دوراً كبيراً في الحديث عن عنها والنجاح الذي حصدته وتحصده"، لافتاً إلى أن نجاحها هو الذي جعلها تنتشر على الانترنت بشكل كبير. مؤكداً وجود "نيّة في الوصول الى جمهور أكبر، وسيكون هناك مجموعة من الخطوات في هذا السياق لا تزال قيد الدرس".

ورداً على سؤال حول قدرة الإقتصاد اللبناني استيعاب فرص عمل إذا ما قرر المغتربون العودة إلى لبنان، رأى ديبو أن "الاقتصاد اللبناني قد لا تكون له القدرة على استيعاب عودة المغتربين، الّا ان الموضوع في هذا السياق مبدئي، اذ لا يمكننا وطنيّاً الّا دعوة اللبنانيين للعودة الى وطنهم والمساهمة في نهضته والاستثمار فيه، كما انه وعلى الصعيد العاطفي فطموح كل اب وام واخت واخ ان يروا اولادهم واخواتهم يعودون الى الوطن. وهنا لا بدّ ان نقول ان واجب تطويرالاستراتيجية في هذا الصدد يعود الى الاستراتيجيات الوطنية التي نأمل ان تعتمدها الدولة اللبنانية، امّا القطاع الخاص فقد كان وسيبقى دائماً العنصر الداعم بايجابية لكل ما يأتي بالخير على لبنان واللبنانيين".

وعن أزمة ​النزوح السوري​ إلى لبنان وإمكانية إنعكاسها على عودة اللبنانيين من بلدان الإغتراب، أوضح ديبو أنه "لا يمكن ربط هذين الموضوعين، فمن واجبنا الدعوة للدعم والعودة والاستثمار، امّا وجود النازحين السوريين في لبنان فله جانبان الاول انساني فاللبنانيون الذين عانى الكثيرون منهم من النزوح خلال الحرب اللبنانية يعرفون هذا البعد جيداً ولا تزال حسرة النزوح وعذابه في ذاكرتهم، وهذا ما قد يفسّر ايجابية تعاطي اللبنانيين مع ازمة نزوح السوريين. أمّا الجانب الثاني فهو تقني وواقعي وهو ان الحرب السورية ستنتهي يوماً وسيعود النازحون الى ارضهم. بانتظار ذلك لا يمكن ان تتوقّف الحياة، ولا ان نتوقّف عن التفكير بما هو افضل للبنان، اي عودة ابنائه اليه والاستثمار فيه".