لا يشبه الرئيس العماد اميل لحود أحداً من رؤساء الجمهورية اللبنانية. واجه طبقة سياسية طائفية. طبقة استشرى الفساد في عروق قادتها وزعمائها الإقطاعيين والرأسماليين ولا يزال. لم يقع في كمين مغريات الحريرية السياسية وداعميها الخليجيين. يجلس الرئيس لحود في منزله في برج الغزال مرتاح الضمير.

لم تلمس يداه قرشاً واحداً من خزينة الدولة. لم يطلب يوماً شيئاً لنفسه. كان همّه بناء الدولة القائمة على أساس الكفاءة والمواطنة والعدالة الاجتماعية، واستنهاض لبنان من ضعفه وجعله قوياً.

إلى جانبه في صالون الاستقبال، تضيع عيون الزائرين بتفحص الكتب المنتشرة يميناً وشمالاً باللغات العربية، الفرنسية، والانكليزية، صحف محلية وعربية وغربية، فضلاً عن صور جمعته بالرئيس بشار الأسد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

لا يضيّع الرئيس لحود وقته على استقبالات سياسية مزيفة. لا يلتقي إلا الأوفياء من السياسيين وإن كانوا قلة قليلة. يتابع عن كثب مجريات الأحداث السورية من خلال تواصله شبه اليومي مع الرئيس السوري، أو عبر مشاهدة قناتي "المنار" و"الميادين". بات إحياء عيد رأس السنة في سورية كل عام في ضيافة الرئيس الأسد بمثابة التقليد السنوي.

يُبدي تفاؤلاً حقيقياً بحلّ الأزمة السورية وانتصار محور المقاومة في الأشهر المقبلة ضدّ الإرهاب والتطرف.

من متابعته للسياسة الغربية، يرى فخامة المقاوم في حديث لـ"البناء" أنّ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب أفضل من وصول هيلاري كلينتون، لكن علينا أن لا نتسرّع وأن ننتظر لنحكم على إدارته للسياسة الاميركية، ففي الأقوال أكد ضرورة القضاء على داعش في سورية، وفي الوقت نفسه يدعم الإسرائيلي الأصولي. بحسب الرئيس لحود، إذا قرر ترامب التخلص من الإرهاب فتنتهي الأزمة في سورية، لا سيما أنه يعلم أنّ الحرب ستصبح في قلب الولايات المتحدة إذا لم يقضِ على الإرهاب.

في فرنسا سيكون الموقف أفضل، يقول الرئيس لحود، مع اعتلاء رئيس الحكومة الأسبق فرنسوا فيون سدّة الرئاسة الفرنسية في أيار المقبل. يتحدّث فيون عن سورية بدقة أكثر من ترامب، فهو ينتمي الى الفكر "الديغولي". لا يشبه فيون الرؤساء جاك شيراك، نيكولا ساركوزي أو فرنسوا هولاند.

إذا كان المسلحون مستمرّين في الحرب داخل الأراضي السورية، فلأنّ التمويل لا يزال يتدفق من قطر والسعودية. في المقابل يشكل ضرب الإرهاب بمسمّياته المتعدّدة، كما يقول الرئيس لحود، قضية حياة أو موت بالنسبة لروسيا المطوّقة من دول القوقاز. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حسم موقف بلاده بمحاربة الإرهابيين مثله مثل الرئيس السوري بشار الأسد، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، السيد علي الخامنئي، والرئيس حسن روحاني.

يبقى، عند الرئيس لحود أنّ الاتكال على النفس هو الأساس، وتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز في الميدان هو الفيصل، لا سيما أنه لولا صمود الجيش والشعب السوري بقيادة الرئيس الأسد والحلفاء لما تدخلت روسيا، داعياً الى ترقب سياسة ترامب الحقيقية إذا كانت ستصبّ لمصلحتنا، لأن أحداً لا يعلم كيف ستكون ردة فعل "الإسرائيلي".

يقول الرئيس الأسبق للجمهورية: الانفراج في لبنان جاء نتيجة التطورات الميدانية السورية. إن تطورات الميدان في حلب التي أدّت لاستعادة الدولة السورية لمدينة حلب وهزيمة المسلحين، كانت السبب الأول لمسارعة الولايات المتحدة الضغط على السعودية للسير بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. من هنا جاء دعم الرئيس سعد الحريري السريع لترشيح الجنرال. ولو خسر محور المقاومة في حلب، لما انتهى الفراغ الرئاسي، وربما كان الفريق الآخر أتى بـ"زلمته" الى القصر الجمهوري.

أعطى الرئيس السوري، وفق لحود، لبنان من دون أن يطلب منا شيئاً، لكن المعنيين حاكوا البيان الوزاري بطريقة تدوير الزوايا لجأوا الى عبارة إبعاد لبنان عن المشاكل المحيطة به، وتمرير كلام معسول في صحيفة تحاكي فريق 14 آذار، وكلام آخر في صحيفة تحاكي فريق 8 آذار، وكأن بنا نقول لا نريد أن نغضب لا الغرب ولا الروس ولا الأميركيين ولا الإيرانيين ولا السعوديين ولا السوريين. صحيح أنّ حزب الله شارك في صياغة البيان الوزاري ويشارك في الحكومة، لكن الجميع، يعلم أنه أسند السياسة للرئيس بري. يحارب على جبهتي الإرهاب التكفيري والإرهاب "الإسرائيلي"، لا يريد أن يتلهّى بالسياسة الداخلية. إنّ تدخله سيحسم الأمور، لكنه سيؤدّي إلى شرخ هو بغنى عنه.

الأكيد، عند الرئيس لحود أنّ التعاطي مع سورية في عهد فخامة العماد سيختلف عن تعاطي العهد السابق. سنسمع قريباً عن لقاءات ستحصل بين الجانبين اللبناني والسوري للتنسيق. سورية الدولة الشقيقة الوحيدة المحيطة بنا، ولا أظن أنّ أحداً سيتجرأ على منع رئيس الجمهورية من زيارتها. الرئيس القوي لا يهاب أحداً ولا يتبع لأحد.

الرئيس عون، يشدّد العماد لحود، هو مسيحي مشرقي ووطني منفتح. ذهبنا الى براد سوياً. اليوم هو رئيس جمهورية وسيبقى كما عهدناه منذ العام 2006، لكن المشكلة تكمن في الطبقة السياسية في الحكومة، ولو انتظرنا قليلاً لكانت الوزارة شكلت بطريقة أخرى بعد تحرير حلب. الجميع يعلم أنّ اسم وزير الدفاع يعقوب الصراف قبل أن تتضح معالم المشهد الحلبي، كان اسماً آخر من فريق سياسي نقيض لسياستنا.

أدرك الرئيس لحود أثناء توليه سدة الرئاسة، أنه سيواجه المشاكل مع المكوّنات السياسية، لا سيما أنه اختبر هذه الفئة خلال توليه قيادة الجيش. أيقن أنّ السياسة نقيض الجيش. السياسيون لا "يتكنّسون" إذا كانت لديهم مصالح، وحينما لا تلبّى هذه المصالح يطعنون في الظهر.

يقول الرئيس لحود: لقد نجحتُ في دمج الجيش على أساس وطني لا طائفي عندما كنت قائداً على رأس المؤسسة العسكرية، متحدياً الجميع وعلى رأسهم الرئيس الياس الهراوي. صوّبت عقيدة الجيش القتالية، بأنّ "إسرائيل" هي العدو. تمكّنت من إلغاء الميليشيات وحلّها ومصادرة العديد من سلاحها.

التزم الرئيس لحود في الدفاع عن المقاومة وحمايتها، نجح كما يروي لـ"البناء" في ترسيخ التنسيق بين الجيش والمقاومة، فتثبيت المعادلة الذهبية "الجيش، الشعب، المقاومة. رفض زجّه في مواجهة مع حزب الله بعد عدوان تموز صيف 1993. يشير إلى أنّ أحد الضباط سأله في أحد الاجتماعات أنه كان يقوم بدوريات ويقومون كعسكريين بإلقاء القبض على مسلحين يقومون بعمليات ضمن الأراضي الخاضعة لـ "يونيفيل"، فسأله مَن يكونون هؤلاء فقال له إنهم لبنانيون يريدون العودة إلى منازلهم... عندها تفاجأ الرئيس لحود وقال: هؤلاء مقاومة وليسوا مسلحين، ويجب أن ندعمهم بكلّ قوانا، لأننا جيش وطني، لكن لا نريد أيّة مقاومة في الأماكن التي يتواجد فيها الجيش فهو مَن يحفظ الأمن. بعدها ذهب لحود يومذاك الى رئيس الجمهورية الياس الهراوي، وبحضور اللواء غازي كنعان، قال له الرئيس الهراوي: "أنت بدك تخرب لبنان. أنت تدعم المسلحين في الجنوب". فردّ قائد الجيش يومذاك "إذا مش عاجبكن أقيلوني من منصبي، أنا جئت من أجل خدمة الشعب". عندها اشتكى الهراوي عبر كنعان للرئيس حافظ الأسد (لم يكن على معرفة بالرئيس لحود) فقال لهم "إذا عندكم قائد جيش بيفكر هيك فنحن سندعمه".

لا يزال الرئيس لحود على موقفه أنّ قوتنا بمقاومتنا ضدّ الإرهاب وضدّ "إسرائيل". المقاومة التي هزمت "اسرائيل" في العام 2006، وضربت المسلحين الإرهابيين في سورية استباقياً، ومنعت وصولهم الى لبنان وجنّبت اللبنانيين الخطر الأصولي.

يعترف الرئيس لحود أنه لم يتمكن من إقرار قانون انتخاب وطني. يُقرّ أنه لم يكن خبيراً أو مطلعاً أو ملماً بالقوانين الانتخابية وما تخبّئه بين سطورها من دوائر على قياس طبقة ما بعد الطائف مجتمعة.

في عام 2000 أبلغ المكوّنات السياسية أنّ أيّ قانون تتفق عليه سيوقعه، لكن مساؤئ النظام الانتخابي الذي كرّسه غازي كنعان، الرئيس رفيق الحريري والنائب وليد جنبلاط دفعته في العام 2005 إلى توجيه رسالة الى المجلس النيابي يسرد فيها مساوئ هذا القانون، ورفض إجراء الانتخابات على أساسه، لكن المجلس النيابي لم يأخذ بها وجرت الانتخابات وفق ذلك القانون.

لم يكن أحد، يقول لحود، يحسب حساباً أنّ الرئيس الحريري سيُغتال. بعد اغتياله بات الكلّ يريد إجراء الانتخابات وفق القانون المعمول به في العام 2000 مهوّلين بالحرب الأهلية. زاره كما يتحدّث، ممثل الأمم المتحدة في لبنان تيري رود لارسن داعياً إلى إجراء الانتخابات فوراً. رفض ذلك، لكن المكونات السياسية ذهبت الى المجلس وأقنعت الرئيس نبيه بري، وقامت قيامة البرلمان ضده من أكثر المقرّبين منه بقولهم "شو مفكر حالك قائد جيش لتعطينا الأوامر". كان جوابه ستدفعون ثمن هذا الخطأ في المستقبل. لكن المفارقة عند الرئيس لحود أن صلاحيات رئيس الجمهورية "مهزأة"، إذ يستطيع مجلس النواب كسر قرار رئيس الجمهورية ساعة يشاء.

يؤكد الرئيس لحود أن "إسرائيل" لا تريد قانوناً وطنياً، وإلا كيف أقرّ قانون الستين؟ يتذكر انّ الانتخابات بعد الاستقلال كانت على أساس المحافظات (دوائر كبرى) والأحزاب كانت منضوية تحت لواء الكتلة الدستورية والكتلة الوطنية. ومن أجل أن يمدّد لنفسه، لجأ الرئيس كميل شمعون إلى تصغير الدوائر. وعندما أتى الرئيس فؤاد شهاب، لم يكن الأخير يعرف بالسياسة كان فرانكوفونياً... لكن قانون الستين أقرّ في عهده.

في تحليله الشخصي. يعتبر الرئيس لحود أنّ الفرنسيين أقنعوا شهاب بهذا القانون بإيعاز "إسرائيلي". حدث ذلك بعد أربع سنوات على حرب 1956 التي خاضها الفرنسيون والبريطانيون و"الإسرائيليون" ضد الرئيس المصري جمال عبد الناصر. لا يزال قانون الستين نافذاً رغم توقيع اتفاق الطائف الذي أكد على المحافظات وفق النسبية.

ما لم يستطع أن يفعله في عهده من إقرار قانون انتخابي جديد على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية يحقق المناصفة، يأمل لحود أن ينجزه الرئيس عون في هذا العهد الجديد. فهو يدرك أن رئيس الجمهورية يريد أن ينجح عهده، وأن تسجل بصماته بإقرار قانون انتخابي جديد وطني يحقق صحة التمثيل وعدالته. في حين أن القانون المذهبي لن يكون إلا نقطة سوداء في سجل العهد.

لكن هل يستطيع رئيس الجمهورية ذلك في ظل تشبث تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط بموقفهما الرافض للنسبية الكاملة؟

يجيب الرئيس لحود: "يستطيع أن يضرب بيد من حديد لإقرار قانون انتخابي، أنا عندما دمجت الجيش كانت القوى السياسية كلها ضدي، لكنني حققت ما وضعته نصب أعيني ونجحت في دمج الجيش وتوجيه عقيدته، إلا أني لم أكن على إدراك بطبيعة قانون الانتخاب في عهدي". للرئيس عون مصلحة بإقرار قانون جديد وطني ولو حصل التمديد لشهرين أو ثلاثة. سينزل اسمه في التاريخ إذا أقرّ قانوناً كهذا. أما إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين أو المختلط، فسيكون بمثابة نهاية العهد قبل أن يبدأ. المختلط لن يحرق العهد فقط، سوف يأتي بفتنة أهلية على لبنان. القانون المختلط أسوأ من "الستين"، مدروس بدقة. وإذا كان الفرقاء لا يريدون إقرار قانون انتخابي جديد على أساس لبنان دائرة واحدة وفق النسبية فلننتظر المؤتمر التأسيسي، لبنان لن يكون بمنأى عن الحلّ في المنطقة. سنكون في قلب الحلّ سواء عجبنا ذلك أو لم يعجبنا. إنّ المؤتمر التأسيسي سيضع أسساً جديدة للبنان الوطن من منطلق التجارب التي مررنا بها.

وبغضّ النظر عن تهويل البعض وإشاعته أجواء أنّ المؤتمر التأسيسي سيأخذ من حصة المسيحيين، يشدّد الرئيس لحود على المناصفة وليس المثالثة، كما يدّعي رافعو الشعارات الفضفاضة الذين لن يجلسوا إلى المقاعد النيابية في ظلّ قانون وطني.

قال الرئيس عون يوماً "إنه سيطلب استفتاء شعبياً لإجراء انتخابات رئاسية". يسأل الرئيس لحود "لماذا لا يحصل استفتاء حول قانون الانتخاب يحاكي إرادة الشعب؟". من شأن هذا الاستفتاء أن يدفع المواطنين الى التصويت لمصلحة النسبية التي تحرّرهم من قيود زعماء الطوائف، على عكس وضعهم المرهون لإرادة السياسيين، إذ لا يستطيع المواطن أن ينتفض لأنه يُهدّد بلقمة عيشه وبصحته ووظيفته.

عدم إقرار قانون انتخاب وطني سيدفع لبنان ثمناً باهظاً. وفق فخامة المقاوم، نهاية الأزمة في سورية ستقابلها أزمة في لبنان... "الإسرائيلي" لا يمكن أن يقف يتفرّج. سينتظر شهوراً ليشعل الحرب الأهلية في لبنان بتوقيت يناسبه. الأرض خصبة عندنا. سيفتعل فتنة في لبنان. الرئيس رفيق الحريري قاتلاه هما كيان العدو المستفيد الأول والأصولي التكفيري. بقتله استبدلوا الحكم في لبنان. اليوم أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري يتوزعون في المناطق اللبنانية كافة. عندما تأتي كلمة السر الصهيونية ستشتعل نار الفتنة في لبنان، كما حصل في سورية، وساعتئذ المقاوم الذي يحترق بيته في الداخل لن يتمكن من القتال على الجبهة ضدّ العدو.

يقوم المخطط "الإسرائيلي"، يقول لحود، على التخلص من المقاومة في لبنان ثم العودة من جديد إلى سورية، فتوسيع الأزمات لتطال روسيا. لذلك يؤكد الرئيس لحود أنّ لدينا سبباً استراتيجياً لإقرار قانون وطني. فالمذهبية تبقى الخاصرة التي تسمح لـ "الإسرائيلي" الدخول الى لبنان وسورية. قانون الانتخاب حياة وموت للجميع. لا تنجح أية فتنة في ظلّ قانون انتخابي وطني. النائب الذي ينتخب على أساس هذا القانون سيتخلى عن سلاح المذهبية وعن كيل الاتهامات يميناً ويساراً ضدّ الطوائف، ويبدأ الكلّ المزايدة وطنياً ليدخل البرلمان.

يشير الرئيس الأسبق للجمهورية إلى أنه وضع قيادة المقاومة في أجواء قراءته الأمور في المستقبل. يقلق لحود على المقاومة من الذين قد يتآمرون عليها وتآمروا عليها سابقاً. يستذكر جلسة لمجلس الوزراء في العام 2006 بعد حرب تموز، عندما دخل الرئيس فؤاد السنيورة إلى الجلسة موزعاً قبل ساعات نص القرار 1701 على الوزراء باستثناء الوزيرين محمد فنيش ويعقوب الصراف، ومن دون أن يكون لديه كرئيس جمهورية نسخة عن القرار، ويتفاجأ بحضور القادة الأمنيين.

يتحدّث بغضب عن بدء العماد ميشال سليمان يومذاك شرحه لكيفية مداهمة مناطق حزب الله وسحب السلاح وفق القرار، وكيف أسكته ودعاه إلى الخروج من الجلسة، قائلاً ربحنا الحرب ولن يتمّ تسليح السلاح، باعثاً برسالة إلى الأمين العام لحزب الله مع الوزير فنيش جاء فيها إذا حضرتم إلى جلسة الثلاثاء (كان الرئيس السنيورة أصرّ على عقدها للموافقة على القرار 1701) يعني أنكم تبيعون لبنان. ويلفت لحود إلى أنّ الوزير فنيش لم يحضر الجلسة، وتمّ إقرار 1701 وفق البند السادس وسحب البند المتعلق بالسلاح.

يعول الرئيس لحود على عهد "الرئيس العماد" في إقرار قانون انتخابي جديد يراعي قواعد العيش المشترك ويؤمن صحة التمثيل السياسي وفعاليته، ومحاربة الفساد المستشري واستئصاله من جذوره، وتفعيل قانون "من أين لك هذا"، إذ إن الفساد أصبح صنواً للسلطة العامة. "الإسرائيلي" يحكمنا بالتواتر (مذهبية ومال). يجب وضع حدّ للمنهجية المالية الشهرية التي خصصتها السعودية رئيس حكومة، ووزراء ونواب وقادة أمنيين (نص مليون دولار شهرياً).

لا تغيب خدمة العلم عن بال فخامة المقاوم، فهو عمل على إقرار التجنيد الإجباري في العام 2000 ودشّنه بالتحاق نجليه إميل ورالف، في وقت تلكأ السياسيون عن إرسال أولادهم. يتمنى الرئيس لحود إعادة العمل بقانون خدمة العلم الملغى في أواخر العام 2005، لأنّ من شأن ذلك عدم التصويب على الجيش، فكلّ أبناء الطبقة السياسية سيكونون داخل المؤسسة... لكن للأسف مكونات هذه الطبقة تُصرّ على قانون طائفي وترفض التجنيد الإجباري بحجة أنه ألغي في كلّ بلدان العالم من دون أن يشير الفرقاء إلى أنّ خدمة العلم عمل بها في فرنسا أكثر من 50 عاماً.

ابن التجربة العسكرية والرئاسية لا يحكم إلا على الأفعال. يتأمّل خيراً من عهد الرئيس عون. لا يتوقف كثيراً عند تغيّبه عن جلسة انتخاب الجنرال رئيساً والتهنئة بانتخابه. يقول: الأخير يعلم أنني لا أهنّئ أحداً. في عهدي لم أستقبل المهنئين ولم أزر أحداً حتى البطريرك الماروني. وعندما كنت قائداً للجيش حضرت إلى بكركي مرة واحدة خلال قداس على نية البطريرك خريش. التقيت رئيس المجلس النيابي نبيه بري في ساحة النجمة مرتين ومرة في عين التينة، عندما تمنى الرئيس بري عليّ، وهو في طريق عودته من سورية قبل انتخابي رئيساً بشهرين الحضور بشكل مستعجل. في حين أني التقيت الرئيس الراحل رفيق الحريري مرة في السراي ومرة في قريطم لكون الموعد الذي حدّده الحريري كان يوم الأحد.

يضيف لحود: أتبادل أنا والرئيس عون المعايدات ونتراسل بباقات الزهور في الأعياد. الوزيران سليم جريصاتي ويعقوب الصراف زاراني بعد توزيرهما من دون أن اتصل بأيّ منهما، لأنهما يدركان أنّ أحداً لم يفرح مثلي بتمثلهما داخل الحكومة، الوزير جريصاتي لم ولن يأتي كشخصه نزيهاً وقانونياً سليماً وزيراً للعدل، والوزير الصراف شخصية تتمتع بالمصداقية والوطنية. القضية ليست بالزيارة أو بالاتصال، إنها أسمى بكثير.