من القاعدة العاميّة القائلة "إمّا قاتل أو مقتول" ينطلق النائب ​وليد جنبلاط​ في حربه ضد أي إقتراح قانون انتخابي يعتمد النسبية أكانت كاملة أو مختلطة مع التصويت الأكثري، كيف لا، وهو على رأس قائمة المتضررين من إعتماد أي طرح غير قانون الستين المعدل في الدوحة عام 2008، هذا الضرر النيابي لناحية حجم الكتلة التي يرأسها جنبلاط اليوم ونجله تيمور بعد فتح صناديق الإقتراع وإقفالها، يفوق الضرر الذي سيلحق بكتلة رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يستطيع على سبيل المثال لا الحصر أن يعوّض خسارة بعض المقاعد البيروتية، في البقاع او في الشمال.

لكل ما تقدّم بدأ رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي حربه المفتوحة على النسبيّة، رغم كل التطمينات التي تلقاها من الأحزاب التي لطالما كانت في السنوات الماضية على تحالف أو تنسيق إنتخابي معه في الدوائر التي يتوزع فيها ناخبو طائفة الموحدين الدروز. وفي هذا السياق، ترى مصادر مطلعة أن الزعيم الدرزي قرر أن يخوض هذه الحرب ضد النسبية، على قاعدة "كل واحد بيقلّع شوكو بإيدو" ومن معادلة، "ما بحكّ جلدك إلا ضفرك"، وفي تفسير أوسع، يخشى جنبلاط من أن ينكث أصحاب الوعود بابقاء كتلته كما هي، أي حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل في لحظة ما بوعودهم ويسيرون بقانون إنتخابي يضرب تمثيله وكتلته، ويحصر المقاعد التي يمكنه الفوز بها بتلك المخصّصة للطائفة الدرزية. هذا التخوف الجنبلاطي يلجأ مصدر إشتراكي لتفسيره الى الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، وتحديداً الى البند المتعلق بمرسومي النفط الشهيرين. مرسومان إتفق جميع من يفترض أنهم ضمن خانة حلفائه أو أصدقائه على إقرارهما من حزب الله وتيار المستقبل وحركة أمل، تاركين إياه وحيداً على رغم رفعه الصوت عالياً وإنتقاداته المتكررة قبل الجلسة وبعدها. ما حصل في مراسيم النفط، لا يمكن لجنبلاط أن يسمح بتكراره في ملف قانون الإنتخاب حيث المعركة معركة مصير ووجود تمثيلي وكتلة نيابية وحصة وزارية تعطى لكل كتلة بحسب حجمها النيابي.

ما يدفع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الى التخوّف من حلفائه وأصدقائه، أكثر من محطّة وتجربة. فمع تيار المستقبل كثيرة هي المحطات الخلافيّة بينهما، وعلى رأسها تلك التي نشأت نتيجة تسمية جنبلاط نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة. بعدها بسنوات برز الخلاف على خلفية نية الزعيم الدرزي محاصصة ميسرة سكر صاحب شركة سوكلين في ملف النفايات، ومن ثم محاصصة المقاول جهاد العرب في مناقصات المطامر، كذلك بالنسبة الى الحرب القضائية التي شنها الحزب الإشتراكي ضد عبد المنعم يوسف يوم كان الأخير مديراً عاماً لهيئة أوجيرو ويحظى بغطاء سياسي من تيار المستقبل.

أما بالنسبة الى حزب الله، فمحطات الخلاف مع حنبلاط، لا تعد ولا تحصى أبرزها ما هو مرتبط بموقف الأخير من الحرب السورية ومشاركة الحزب فيها، هذا بالإضافة الى إنتقاده المتكرر لسلاحه.

"بين تيار المستقبل وحزب الله، قد يكون بري أكثر من يرتاح جنبلاط لوعوده، ولكن عالم السياسة هو عالم المفاجآت بإمتياز وعلى الزعيم أن يأخذ دائماً الحيطة والحذر حتى من أقرب المقربين له" يقول مصدر إشتراكي خاتماً "الإحتياط واجب لا سيما في الأمور المصيرية".