لم يحدث في تاريخ الحكومات في لبنان أن تدرَّج مستشارٌ مع وزيرين ليُصبح في المرة الثالثة هو الوزير. وزير الطاقة والمياه في الحكومة الجديدة المهندس سيزار أبي خليل فعلَها، فكان مستشاراً للوزير جبران باسيل، ثم مستشاراً للوزير أرتور نظاريان، ليُصبح في المرة الثالثة هو الوزير.

سيزار أبي خليل يحفظ ملفات الطاقة عن ظهر قلب:

يعرف القطبة المخفية في السدود، ويعرف لغز معامل التوليد ولماذا تأخَّر تشغيلها، ويعرف خفايا استيراد الفيول، ويعرف الحاجة إلى باخرتي التوليد، وأنه إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه، فقد يكون البلد في حاجة إلى باخرة توليد ثالثة. ويعرف معضلة المولِّدات الخاصة وكيف أنَّ مافيات هذه المولِّدات تتَّفق في ما بينها لسحب ما تبقى من أموال من جيوب المواطنين. وأكثر من كلِّ ذلك يعرف قضية بلوكات الغاز والمراسيم المتعلقة بها والشفافية المطلوبة.

لم يتغيَّر شيء على الوزير سيزار أبي خليل منذ العام 2009 وحتى اليوم، أمضى هذه الأعوام السبعة مستشاراً، ولم يتكلَّف حين تشكَّلت الحكومة سوى الإنتقال من مكتب المستشار إلى مكتب الوزير، وهو المكتب الذي يعرفه حين كان يُقدِّم الإستشارة، وهو اليوم يعرفه حين يتَّخذ القرار.

ماذا يطلب المواطن من الوزير الشاب سيزار أبي خليل؟

يطلب المواطن في بيروت والجبل والبقاع والشمال والجنوب، ما يطلبه إبن بليبل، مسقط رأس الوزير:

يطلب الكهرباء أربعاً وعشرين ساعة على أربعٍ وعشرين.

يطلب فاتورة كهرباء بأسعار معقولة ومقبولة.

يطلب توحيد الأسعار بين كهرباء الدولة وكهرباء المولِّد.

يطلب شفافيةً في العدادات بحيث يدفع ما يستهلك، لا أكثر ولا أقل.

يطلب واقعيةً في أسعار المحروقات، فلماذا هناك كارتيل نفط يجتمع أسبوعياً ليحدد الأسعار.

يطلب تحرير الإستيراد، فلا يعود يقتصر على بضعة كبار يحكمون السوق ويتحكمون به.

المواطن، مع وجود سيزار أبي خليل في وزارة الطاقة، يشعر بالإطمئنان لأنه بذلك يُعطي خبزه للخبار من دون أن يأكل نصفه.

مع الوزير سيزار أبي خليل، لا مكان لمناقصات هي أشبه بتوزيع مغانم. فكلفة معامل التوليد يجب أن تُحسَب على القرش ولا يجوز أن تكون هناك ملايين ضائعة، والأمر عينه يجب أن ينطبق على كلفة التشغيل والصيانة.

بإمكان الوزير سيزار أبي خليل أن يكون الدرس للآخرين، فوزارته هي من أكثر الوزارات إثارةً للجدل لجهة المناقصات والعمولات والصفقات، لكنها معه تقف عند أعتاب الوزارة، وبأدائه يكون قد سدد ضربةً موجعة لمَن يعتبرون أنَّ الطاقة هي منجم الكوميسيونات.