سلّطت جريدة "الواشنطن بوست" الأميركية الضوء على العملية العسكرية البريّة، التي قامت بها قوات خاصة أميركية في مدينة ​دير الزور​ الواقعة الى الشرق من سوريا، بمحاذاة نهر الفرات والتي تعتبر المعقل الرئيسي لتنظيم داعش الارهابي.

وقالت الصحيفة ان القوات الخاصة الأميركية نجحت في العملية العسكرية التي قامت بها، واستطاعت الاجهاز على عدد من الارهابيين الخطرين، اضافة الى اعتقال عدد من القادة الكبار في تنظيم داعش الارهابي، في محاولة دعائية مكشوفة لاظهار امكانيات أميركا العسكرية والجدية المزيفة في محاربة الارهاب اينما وجد وفي أيّ بقعة على وجه البسيطة.

عملية القوات الخاصة الأميركية في دير الزور تزامنت مع عملية دهس فدائية بطولية في مدينة القدس، أسفرت عن مقتل اربعة جنود صهاينة قام بتنفيذها المقاوم البطل (فادي احمد حمدان القنبر) وهو من سكان المدينة نفسها.

اللافت في العمليتين ان تنظيم "داعش" كان حاضراً، لكن دون ان يكون التنظيم نفسه مشاركاً بالاحداث بشكل مباشر، ففي العملية الأميركية في دير الزور ادّعت أميركا ان قواتها نجحت في قتل واعتقال العديد من القادة الميدانيين المطلوبين في تنظيم داعش، لكن المعلومات الخاصة الاستخبارية ومن داخل مدينة دير الزور، تؤكد ان القوات الأميركية التي شاركت بعملية الانزال كانت قد جلبت معها اجهزة بالاضافة الى اعتدة عسكرية متطورة بهدف مساعدة التنظيم الارهابي، وزيادة قدراته العسكرية، كما تؤكد المصادر الواسعة الاطّلاع، انه لم يتم اعتقال اي من المسؤولين العسكريين التابعين للتنظيم، وان ما قامت به القوات الأميركية في دير الزور، هو عبارة عن عملية اجلاء بعض الضباط الكبار من دول عدة تابعة لجنسيات عربية، منها، سعوديّة وقطريّة وحتى بعض العاملين في جهاز الاستخبارات الاسرائيليّة، الذين شاركوا بالحرب التي كانت دائرة في مناطق سورية عدة.

اما في ما خص عملية الدهس الفدائية التي حصلت في مدينة القدس، فاننا لاحظنا ان رئيس وزراء العدو الاسرائيلي، وفور تبلغه بالعملية الفدائية سارع لاتّهام تنظيم داعش، في محاولة دعائيّة مكشوفة الهدف، منها، تبرئة اسرائيل وادواتها واجهزة مخابراتها من تعاونها مع التنظيم المذكور، هذا من جهة، وايضاً للايحاء بان اسرائيل معنية في محاربة الارهاب، ولفت نظر الرأي العام الدولي والاقليمي ان اسرائيل باتت الضحية والمستهدفة من قبل تنظيم داعش من جهة ثانية.

وتأكيداً لما تقدّم من معلومات فان موقع بلاك ليستد (Blacklisted) الأميركي وفي التاسع من الشهر الجاري، كشف النقاب عن معلومات بغاية الخطورة تحمل مخططاً أميركياً جهنمياً بمؤازرة القوات الجويّة الأميركية وبالاشتراك مع تنظيم داعش، بتعزيز قدرة التنظيم في كل من دير الزور والحسكة، والانتقال من المواجهة المباشرة مع قوات الجيش العربي السوري والحلفاء، الى ضرب الادوات الاساسيّة الاقتصاديّة لمقومات الدولة السوريّة، وهذا ما يفسر اقدام داعش على تدمير منشآت النفط والغاز في عدة مناطق سورية، اضافة الى نسف منبع مياه الفيجه الذي يعتبر المغذّي الرئيس بمياه الشفا للعاصمة السورية دمشق، وتلويث مجرى نهر بردى، وضرب منشآت الكهرباء السورية. كل ذلك يجري بمساعدة أميركية للارهاب، حتى اضحت أميركا والارهاب شريكان، في محاولة فاضحة لتقويض الانتصار التاريخي للجيش السوري، الذي تحقق من خلال تحرير كامل مدينة حلب، خصوصاً بعد تنفيذ القوة الجويّة الروسيّة المساندة بضرب البنية التحتية التابعة لتنظيم داعش وادواته، بشكل يصعب معه اعادة البنية التحتية لما كانت عليه قبل التدخل الروسي. أضف الى ذلك نجاح الطائرات الحربيّة والصواريخ الروسيّة المجنّحة التي اطلقت من مسافات بعيدة في عرض البحر الابيض المتوسط، بالقيام بضرب وتدمير اكثر من 1200 هدف من منابع الاسترزاق النفطية لداعش، وحرمانه من عائدات بيعها في السوق السوداء الى تركيا، ومن ثم الى أميركا واوروبا، وهذا ما يؤكد مساعدة القوات الأميركية للتنظيم الارهابي واعوانه من تنظيمات على غرار النصرة وفتح الشام.

بناء على تقدم، فان الاستنتاج هو ان الولايات المتحدة لم تزل غير جادة بحربها ضد داعش، بل لا تزال تستعمل الادوات الدعائية الاعلامية في ممارسة الكذب والتلفيق والتضليل، وان أميركا وحلفائها في المنطقة يمارسون الارهاب خلف الستار، باستعمال قنابل دخانيّة اعلامية دعائية، للتغطية على استمرار مخططها باستعمال التنظيمات الارهابيّة وغيرها، للضغط على الدولة السورية والروسية، لانتزاع وتحقيق اكبر قدر من المكاسب التي ترضيها واسرائيل في المنطقه.

لذلك فان خلاصة القول، ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة الانتقال من المواجهة العسكرية المباشرة الى مرحلة ضرب الركائز والمقومات للدولة، بهدف انهاكها وزيادة معاناة الشعب السوري.

ولا شكّ ان القادم من الايام يتطلب منا اليقظة الكاملة والتنبه، لانها لن تكون سهلة، وستكون المرحلة اشد تعقيداً، لان أميركا بالاشتراك مع التنظيمات الارهابية المتعاونة مع اسرائيل مستمرة في مخططاتها الرامية الى تقويض وافشال كل محاولات المصالحة الوطنية السورية، واجهاض أيّ محاولة للتفاوض بين السوريين تمهّد للولوج الى حل سياسي يفضي الى خروج سوريا من محنتها.