كاد التشكيك بوقائع إحباط العملية الإرهابية في مقهى «كوستا» (الحمرا) يطغى على أهمية هذه العملية من النواحي الأمنية والتقنية، ولجهة اليقظة الحقيقية للعين الساهرة التي أنقذت هذا الوطن وهذا الشعب من مسلسلات الكوارث من خلال الأمن الوقائي الذي تحقق بكشف العمليات قبيل تنفيذها. وإذا كان للعناية الإلهية دور في ذلك، فإنّ دور القوى العسكرية والأمنية على خلافها لا يجوز أن يكون مدار تشكيك في أي حال من الأحوال، ومهما كانت الإدعاءات متشعبة: تارة تحت شعار الحريات الإعلامية، وطوراً تحت شعار حق المعرفة وإلى ما هنالك من إدعاءات معظمها فارغ وسيىء النية.

فهل إن الحريات لا تكتمل إلاّ بالتشكيك بقوانا العسكرية والأمنية؟!. وهل أن الحق في المعرفة لا يكتمل إلاّ بالإستمرار في ثقافة التشكيك.

والسؤال: هل أنّ الدول الكبرى التي تبارى ممثلوها الديبلوماسيون في لبنان، والناطقون بأسماء حكوماتها ورؤسائها... هل إن هذه الدول أقل معرفة من المشككين عندنا، المستفيدين من منابر صحافية - إعلامية حتى يبثوا الشك في النفوس؟!.

والغريب أنّ سيل الشكوك إنهال على تلك الجماعات دفعة واحدة... فبات بعض مقدّمات نشرات الأخبار، كما مانشيتات بعض الصحف، وكذلك مادة بعض المقالات والتعليقات وكأنها مفبركة في مصنع واحد تولى تعميمها حتى على الأضداد في الإعلام وفي السياسة أيضاً.

نبادر الى القول إننا لا نأذن لأحد أن يزايد علينا في مسألتي الحرية والحق في المعرفة، إلاّ أننا نأبى، بل نرفض بقوة، أن يلجأ البعض الى إثارة الغبار أمام كل تطور إيجابي يشهد له أقربون وأبعدون...

لقد بات البعض يستسيغ الشك، بل ينتهجه عقيدة في عمله...

إنه «الرايتينغ».

إنها الإثارة، والركض وراءها ووراء الإستثارة.

إنها ثقافة الشك، فالتشكيك، ولسنا في وارد بحث فلسفي - نفسي- إجتماعي في هذا الموضوع على قاعدة المذهب «الوولفي»، فذاك يشكك في سياق البحث عن الحقيقة، وثمة فلاسفة ومفكرون كثيرون إنتهجوا هذا المنهج ليخلصوا الى تأكيد الثوابت الدينية والعقائد الإنسانية. أما الجماعة عندنا فيشككون لأنهم يسعون وراء الإثارة، والبعض يشكك من أجل الشك والتشكيك، ليس إلاّ على قاعدة «الفن للفن»، يشككون من أجل أحقاد دفينة ضد الجيش على قاعدة أنه لا يجب أن تكون لهذه الدولة مقومات، ولا يجب أن تكون لها أدوات للصمود والحماية.

ونحن لا ننظر الى هؤلاء المشككين (باستثناء قلة منهم) إلاّ على أساس أنهم يستهدفون الجيش والقوى الأمنية والأجهزة... ويبدو انه غاظ هؤلاء أن يكون الإنسجام بين الأجهزة (العسكرية والأمنية) بات حقيقة راسخة، وهو في أرفع مستوياته.

وثقافة التشكيك هي، في النهاية، حال نفسية، تنطلق من عقدة نقص مستحكمة، ومن عقدة حقد دفين.

وتحية الى مخابرات الجيش و«المعلومات» وطبعاً المديرية العامة للأمن العام وأيضاً أمن الدولة. والى مزيد من التنسيق من أجل المزيد من الإنجازات.