في إنتخابات العام 2009 خطفت دائرة زحله والبقاع الأوسط كل الأضواء، وشهدت صناديق إقتراعها المعركة الأشرس في لبنان، وفي نهاية المطاف، ما حسم هوية الفائز بالأكثرية النيابية بين فريقي الثامن والرابع عشر من آذار هي النتيجة النهائية لإنتخابات عروس البقاع. هذا السيناريو لن يتكرر في الدورة الإنتخابية المقبلة أياً كان شكل القانون الإنتخابي، وكيفما وزّعت دوائره ومقاعده بين الأكثري والنسبي. هذا ما يؤكده خبراء الإحصاء، وهذا ما تثبته أرقام إستطلاعات الرأي التي تجرى ميدانياً على الأرض. وفي هذا السياق، تكشف نتائج أكثر من دراسة إنتخابية، أن أيّ تحالف بين تيار المستقبل و​القوات اللبنانية​ والتيار الوطني الحر والطاشناق و​الكتلة الشعبية​، سيحسم نتيجة دائرة زحله قبل فتح صناديق الإقتراع فيها. وفي المعلومات، تؤكد المصادر المتابعة، أن تحالفاً كهذا في عاصمة البقاع، لن يكون عقده من الأمور الصعبة، على إعتبار أن التنسيق بين من يعتبرون أنفسهم عرابي العهد الرئاسي يسير على ما يرام، فهو بألف خير بين المستقبل والتيار الوطني الحر، وهو بألف خير أيضاً بين المستقبل والقوات، وحتى لو كانت هناك تباينات راهنة بين القوات والتيار الوطني الحر، فتحديد موعد الإستحقاق كفيل بتذليلها على إعتبار أن الفريقين محكومان بالتحالف إذا كان الهدف هو تشكيل الكتلتين النيابيتين الأكبر داخل الندوة البرلمانية. وإذا كان حزب الطاشناق على علاقة جيدة بالتيار والقوات والمستقبل، وهذا ما يضمن إنضمامه الى التحالف، فتخصيص حصة للكتلة الشعبية على اللائحة كفيل أيضاً بعقد هذا التحالف وتخطي كل الخلافات القواتية والعونية مع رئيستها ميريام سكاف.

ولكن حتى لو لم تلعب زحله دور عروس الإستحقاق الإنتخابي وصاحبة المعركة الأصعب والمجهولة النتائج، فذلك لا يعني أن ما من دائرة أخرى ستخطف الأضواء بدلاً عنها. دائرة يجمع خبراء الإحصاء على أن الحرف الأول من إسمها هو طرابلس. فالمعركة الأصعب ستحتضنها عاصمة الشمال، والمبالغ المالية الأضخم ستصرف في عاصمة الشمال، كما أن منسوب التجييش والتشنج الإنتخابي فيها، لن يسجل في أي دائرة أخرى مهما قيل وسيقال. هناك، في المدينة الأفقر في لبنان وربما في الشرق، ستكون المنازلة الكبرى. وفي هذا السياق، يروي خبير في علم الإحصاء أن الصعوبة التي يعاني منها في طرابلس، غير موجودة في أي دائرة أخرى، والسبب عدم معرفة شكل التحالفات الإنتخابية التي قد تنجز وكثرة الأفرقاء المؤثرين في هذه الدائرة. الأكيد الوحيد في هذه الدائرة، وحتى اللحظة، هي الحرب الإنتخابية المفتوحة بين اللواء ​أشرف ريفي​ وتيار المستقبل. وبإستثناء هذه الحرب، الجميع يتحاور من تحت الطاولة ومن فوقها مع الجميع، وبين رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزيرين السابقين محمد الصفدي وفيصل كرامي والحزب العربي الديمقراطي كل الإحتمالات مفتوحة بما أن كل الإتصالات مفتوحة، أكان مع تيار المستقبل او مع اللواء أشرف ريفي.

إذاً طرابلس حجزت لقب أم المعارك الإنتخابية. فيها ستحدد الأحجام داخل الطائفة السنية، وعلى أرضها ستستعمل كل الأسلحة الإنتخابية. أسلحة يأمل الطرابلسيون ألا تشمل أيضاً الحربية منها، لأن عودة عقارب الساعة الى زمن الإقتتال مرفوضة، ولم يعد من السهل تمريرها سياسياً في الطرف الراهن.