كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن "الإرهاب الإيراني"، وما يشكّل من خطر ليس على "إسرائيل" وحسب، بل على العالم كله، حسب كلام نتنياهو، الذي تزامن حديثه مع التصعيد السياسي من قبَل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي توعّد إيران واتهمها بالإرهاب، ووعد بإلغاء الاتفاق النووي معها، ومواجهتها، وكذلك الكلام العربي عن "تدخُّل إيران في المنطقة، و"دعمها للإرهاب الشيعي المتمثل بحزب الله والنظام السوري"..

وفي اجتماع جامعة الدول العربية تحفّظت السعودية والإمارات على بند دعم الجمهورية اللبنانية، لمعاقبة لبنان على كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أكّد على دور المقاومة، وأهميتها في الدفاع عن الأرض، لأن الجيش لا يستطع وحده القيام بهذه المهمة.. ونسيت السعودية أنه بفضل "الثالوث الذهبي" الجيش والشعب المقاومة انسحب جيش العدو "الإسرائيلي" من جنوب لبنان في العام 2000 ما عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وانتصرت المقاومة على العدو "الإسرائيلي" في حرب تموز عام 2006.

عملت أميركا ومعها "إسرائيل" على تمزيق الأمة، وإعادة رسم معالم المنطقة من جديد، واستفادت من التردّي العربي الرسمي، وأسهمت "إسرائيل" في جعل الزعماء العرب يتناسون القضية الفلسطينية، واستطاعت أن تبدّل أولوياتهم لتتقاطع مع أولوية "إسرائيل" في مواجهة إيران وخط الممانعة الذي أعاد للأمة كرامتها بعد عقود من الزمن كانت فيها ذليلة لـ"إسرائيل".

لقد وصل الأمر ببعض الدول العربية إلى التناغم الكبير مع "إسرائيل"، إلى درجة إشادة الوزير أفيغدور ليبرمان بالسعودية خلال مؤتمر ميونخ الأمني الاخير، والذي هاجم فيه إيران، ولم يؤتَ على ذكر القضية الفلسطينية، حيث كانت السعودية ممثَّلة بوزير خارجيتها عادل الجبير، الذي كان حريصاً على حضور جلسة المناقشة الكاملة لليبرمان في المؤتمر، فيما الأخير لم يستمع إلى مناقشة الجبير، بينما تمايز الموقف الإيراني عنه بأنه لم يشارك في أي حلقة نقاش حضرها الصهاينة في المؤتمر (حسب كلام الناطق باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي).

تمكّنت "إسرائيل" من زيادة الشرخ بين الأمة العربية والإسلامية؛ بتنمية الحقد المذهبي بين المسلمين، والاستفادة من كره أمراء الخليج والسعودية لإيران وعدائهم لها، لتقول لهم نحن وإياكم في خندق واحد ضد الفرس والإرهاب الشيعي، لأنهم يشكلون الخطر الأكبر عليكم وعلى "إسرائيل"، وسعت إلى انشاء التحالف العربي - "الإسرائيلي" لمواجهة الجمهورية الإسلامية، والذي يعمل الرئيس ترامب على تشجيعه، وهو ما كشفته صحيفة "التايمز" البريطانية، وأكده وزير امن العدو ليبرمان؛ بأنه حان الوقت لتشكيل اتحاد من الدول كافة، وشدد على أن الدول العربية "المعتدلة" كالسعودية ودول الخليج تبقى في حاجة إلى "إسرائيل" بقدر أكبر من حاجة "إسرائيل" إليها، واستطاعت "إسرائيل" الوصول إلى التطبيع العربي - "الإسرائيلي" على المستوى السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي من دون أن تمرّ ببوابة السلام العربي - "الإسرائيلي"، والتي كان يُفترَض أن تكون المعبر الرئيس لهذا التطبيع.

حاولت "إسرائيل" أن تستفيد من المناخ العربي والموقف الأميركي المعادي لإيران وحزب الله، وتحدثت عن "الخطر الإيراني" في سورية، والخوف على جبهة الجولان، ومن وصول أسلحة استراتيجية من سورية إلى حزب الله، فأعلنت النفير العام وقرعت طبول الحرب، وقامت بجملة من الإجراءات العسكرية على الحدود اللبنانية الفلسطينية، وأوحت بحرب "إسرائيلية" - أميركية قريبة تخوضها "إسرائيل" انطلاقاً من الساحة اللبنانية، من أجل القضاء على حزب الله.

في ظل هذا الجو الإقليمي والدولي، خرج أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ليقول لـ"إسرائيل" وأميركا إنه على الرغم من وجودنا في الساحة الإقليمية، فإن لدينا الجهوزية الكاملة لمحاربة "إسرائيل"، ولدينا الكثير من المفاجآت غير الأمونيا ومفاعل ديمونا، والتي ستهزم "إسرائيل"، رغم قناعة حزب الله والمراقبين للساحة الفلسطينبة و"الإسرائيلية" بأن العدو ليس مستعداً لهذه الحرب، سيما أن أميركا بعد تولي ترامب الرئاسة ما تزال مرتبكة، وليس لديها وضوح تجاه السياسات التي ستتخذها في المنطقة.