توّج الرئيس الإيراني حسن روحاني زيارته الى روسيا بلقاء قمة جمعه مع نظيره الروسيي فلاديمير بوتين، الذي أكد عقب اللقاء أن «إيران جار طيّب وشريك مستقر وآمن لروسيا»، مؤكداً أنّ البلدين يطوران التعاون الفعال في مختلف المجالات.

أهمية الزيارة الإيرانية إلى موسكو تأتي انطلاقاً من الدور الذي تلعبه كلُّ من إيران وروسيا في التصدّي للخطر الإرهابي في كلٍّ من سورية والعراق وفي أفغانستان مؤخراً، بعد انضمام إيران في شباط الماضي إلى الجهود الدولية الرّامية إلى إطلاق حوار بين الحكومة الأفغانية و«طالبان».

الرئيس بوتين أكد عقب اللقاء مع الرئيس روحاني على التعاون الوثيق مع إيران وبأنّ موسكو وطهران «تنسقان خطواتهما في القضاء على «داعش» و«جبهة النصرة» وتساهمان في تسوية الوضع بسورية.

وأكد البيان المشترك الصادر عقب القمة الروسية – الإيرانية أن» موسكو وطهران ستواصلان العمل على تعزيز مؤسسات الدولة في أفغانستان وإحلال السلام وتحقيق الاستقرار في هذا البلد ومنع إنتاج المخدرات هناك وتهريبها». وأشار بوتين أيضاً إلى أنّ «روسيا وإيران تتعاونان على مدى قرون»، مضيفاً أنّ «البلدين أقاما علاقات دبلوماسية قبل 500 عام».

من جانبه أكد الرئيس الإيراني أنّ «التعاون بين طهران وموسكو ليس موجهاً ضدّ دولة ثالثة، بل يهدف إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة»، وأشار إلى أنّ «العلاقات بين إيران وروسيا دخلت مرحلة نوعية جديدة».

توقيت زيارة روحاني يعكس العلاقة المتميزةـ العلاقة بين طهران وموسكو، في وقت لم تخفِ واشنطن مخاوفها من الزيارة، واستبقت القمة الروسية الإيرانية من خلال طلب وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، من البيت الأبيض رفع القيود المفروضة على مساعدات واشنطن العسكرية لدول الخليج المشاركة في العدوان على اليمن، كما استهدفت واشنطن مؤخرًا طهران وموسكو بحزمة من التصريحات والمواقف المعادية، إذ أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن مؤشرات بأنّ «طهران تقدم الدعم الصاروخي لحركة أنصار الله في اليمن».

كذلك فإنّ ما يستوجب التوقف عنده في زيارة روحاني أنّها جاءت تلبية لدعوة من بوتين شخصيًا، وهذا ما يعتبره المراقبون رداً واضحاً من القيصر على رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الذي طلب من بوتين خلال زيارته الأخيرة الى موسكو، عدم تزويد إيران بمنظومة إس-300، كما يتمُّ ربط ذلك بغارات «تل أبيب» الاخيرة على تدمر لاستياء الروسي من هذه الخطوة، خصوصاً أنها قامت باستدعاء السفير الصهيوني لديها للإعراب عن إدانتها لهذا السلوك العبثي.

كما لا بدّ من الإشارة إلى تزامن زيارة روحاني إلى موسكو مع التقارير التي تتحدث عن عودة التوتر إلى العلاقة بين أنقرة وموسكو، في ظلّ ما يُحكى عن انقلاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التعهدات التي قدّمها للرئيس بوتين، خصوصاً في ما يتعلق بالتعاون في مجال مكافحة التنظيمات الإرهابية في سورية، وفي مقدّمتها وقف الدّعم التركي لتنظيم «داعش» وإغلاق الحدود التركية مع سورية لمنع تدفق المقاتلين والسلاح.

وإلى جانب الشقّ السياسي الذي شكل الحيّز الأكبر من محادثات روحاني الروسية، حملت زيارة الرئيس الإيراني إلى روسيا «طابعاً اقتصادياً» والتبادل التجاري بين البلدين، وهو ما ترجم بتوقيع عدد كبير من اتفاقيات التعاون الثنائية، حيث وُضعت اللمسات النهائية على مذكرة تفاهم بين مؤسسة تطوير وتحديث الصناعات الإيرانية إيدرو ، وشركة «ترنس مش هولدينغ» الروسية لإنتاج عربات القطار.

وتجدر الإشارة إلى أنّ حجم التجارة بين البلدين شهد نمواً بنسبة 80 في المئة، خلال هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وفي السياق أشارت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية أنّ «حجم التبادل التجاري بين روسيا وإيران قد تضاعف خلال كانون الثاني 2017، ليبلغ 155 مليون دولار».

كما أنّ بصمات روسيا حاضرة بقوّة في دعم برنامج إيران النووي، من خلال «خطة العمل المشترك الشاملة» حيث قدّمت روسيا مساعدات كبيرة في إرسال الماء الثقيل ونقل الكعكة الصفراء إلى إيران، ما يعتبر دليلاً واضحاً على التعاون الروسي الإيراني.

وكان روحاني، قد أشار قبل توجهه إلى موسكو، إلى أنّ «العلاقات الثنائية شهدت تطوراً كبيراً، بعد انتصار الثورة الإسلامية». وقال: «نرتبط بتعاون وثيق على الصعيد الدولي»، لافتاً إلى أنّ «روسيا قدّمت مساعدات كثيرة بهذا الشأن». وأوضح روحاني أنّ «القضايا النووية بين إيران وروسيا ستشهد تطورات جيدة لاحقاً».