منذ إنتخابات رئاسة الجمهورية التي غرّد فيها خارج سرب تيار المستقبل، وممثل قضاء الضنّية في الندوة البرلمانية النائب ​أحمد فتفت​ غائب عن الساحة الإعلامية. لا يطل عبر حلقات تلفزيونية حوارية، ولا عبر تقارير مصورة في نشرات الأخبار، ولا حتى في المقابلات الصحافية المكتوبة والالكترونيّة. حتى غرفة الصحافة في مجلس النواب التي إعتادت أن يطل فتفت عبر منبرها أسبوعياً طيلة سنتين ونصف السنة في زمن الفراغ الرئاسي، وتحديداً بعد كل جلسة لم يتأمن نصاب الإنتخاب فيها، إشتاقت لنائب تيار المستقبل الذي لطالما صُنّف على رأس لائحة الصقور، نظراً الى تصاريحه النارية ودفاعه المستميت عن فريقه السياسي، وعن تحالف الرابع عشر من آذار قبل إنفراطه. فما الذي تغيّر بالنسبة الى فتفت بين الأمس واليوم؟ أين هو من الساحة السياسية ومن تيار المستقبل؟ أين هو من قانون الإنتخاب الذي يناقش منذ أشهر على نار حامية وهو الذي مثّل تيار المستقبل في كل اللجان النيابية السابقة التي ناقشت إقتراحات قوانين الإنتخاب؟.

حتى في جوابه على كل هذه الأسئلة، يحرص فتفت على الإختصار وعدم الغوص في التفاصيل، "المرحلة ليست مرحلتي، لذلك أفضّل عدم الظهور إعلامياً".

المتابعون داخل كتلة المستقبل لتفاصيل العلاقة بين فتفت ورئيس التيار والحكومة ​سعد الحريري​، يشهدون لنائب الضنية بأنه "عرف كيف ينظّم إختلاف وجهات النظر بينه وبين الحريري، صحيح أنه لم ينتخب الرئيس العماد ميشال عون كما كان يريد الشيخ سعد من نوابه، لكنه سرعان ما عاد الى حضور إجتماعات كتلة المستقبل، ملتزماً الصمت، ومواكباً سياسة الحريري الجديدة ولو عن غير قناعة، بعدم مهاجمة العهد الرئاسي الجديد، وبعدم إنتقاد وزراء تيار المستقبل والحكومة ككل، وأيضاً بعدم مهاجمة سلاح حزب الله من الصباح وحتى المساء كما كان يحصل سابقاً قبل التفاهم الرئاسي". وفي السياق عينه، يقول نائب مستقبلي، لقد نجح زميلنا فتفت بعدم الوقوع في الحفرة عينها التي أوقع نفسه فيها اللواء أشرف ريفي، لم يهاجم ولو لمرة رئيسه سعد الحريري، ولم يحاول إستعمال الشهيد رفيق الحريري، كما فعل ريفي، للتصويب على نجله، وهو الأمر الأكثر إستفزازاً بالنسبة الى سعد الحريري، لا بل عرف كيف يتماشى ويتأقلم مع مرحلة سياسيّة لا يرى نفسه فيها، وهذا ما ترك له باب بيت الوسط مفتوحاً أمام أي تفاوض وحوار ممكن مع قيادته".

في نهاية المطاف، يجمع المستقبليون على أن فتفت إستطاع أن يجتاز حتى اللحظة حقل الألغام السياسي الذي رسمته إنتخابات رئاسة الجمهورية بينه وبين قيادته، لكن هذا النجاح معرّض في أي لحظة للسقوط عند تشكيل اللوائح الإنتخابية، وفي حال قرر الحريري التخلي عنه لمصلحة مرشح مستقبلي آخر من الضنية، عندها يصبح الخلاف بين الطرفين وارداً، ويصبح الطلاق السياسي بين فتفت وتياره من الأمور الممكنة، ويفتح الدفاع عن الموقع النيابي الباب على كل الإحتمالات. لذلك، في حينها سيكون الإمتحان الحقيقي لنائب الضنية، وفي حينها أيضاً سيعرف الجمهور ما إذا كانت عودة فتفت الى الظهور الإعلامي ستكون لمهاجمة الحريري أم للمحاربة بسيفه.