على الرغم من الكلام القاسي الذي إنطلق به رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب ​طلال أرسلان​، في مؤتمره الصحافي حول أحداث مدينة الشويفات، بعد الإشكال الذي حصل مساء الأحد بين عناصر محسوبين على الحزب "​التقدمي الإشتراكي​" وآخرين محسوبين على "حزب الله"، فإن ذلك لا يلغي وجود أزمة حقيقية في العلاقة بين رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ وبعض المجموعات من مشايخ ​الطائفة الدرزية​ التي كانت محسوبة عليه.

ما حصل مساء الأحد كان من الممكن أن يؤدي إلى فتنة مذهبية كبيرة في المدينة، لولا التدخل السريع من كافة المعنيين من أجل لملمة تداعياته، حيث كانت الدعوات قد سبقته للنزول بالسلاح إلى مكان الإشكال عبر مواقع التواصل الإجتماعي، تحت عنوان "الدفاع عن الكرامة"، لكن ما هي خلفيات ما حصل؟.

على هذا الصعيد، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه رغم الإتفاق الذي حصل في العام 2008 بعد أحداث أيار، إلا أن الأزمة لم تنته منذ ذلك الوقت عند بعض الفئات، التي كانت معترضة على الطريقة التي تمّت تسوية المشكلة فيها، وتلفت إلى أن هؤلاء يعتبرون من "المتطرفين" الذين يقولون أن هناك "إهانة" تعرض لها الدروز من المفترض عدم السكوت عنها.

وفي حين ترفض المصادر التعليق عمّا إذا كان تحرك هؤلاء يتمّ بصورة فردية أم أن هناك من يقف خلفهم في الخفاء، تشدد على أن هذا الموضوع لا يجب أن يبقى من دون وضع حل نهائي له، خصوصاً أن أي توتر عادي من الممكن أن يحصل بشكل شبه يومي قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها في الوضع الراهن، وتشير إلى أن المسؤولية تقع على عاتق من أوصلهم إلى هذه المرحلة من التعصب الأعمى، لا سيما أن ما حصل في السابع من أيار له أسبابه السياسية الفعلية، وبالتالي لا يمكن الحديث عن تعرض الطائفة إلى "إهانة" في ذلك الوقت فقط، وتضيف: "في الأصل الخلاف الأخير في الشويفات كان قد حلّ قبل تفاقم الأمور من جديد مساء الأحد، وأحد المشايخ الذين يقفون وراء ما حصل كان يقول صراحة أن لا أحد يمون عليه لا النائب جنبلاط ولا غيره".

في هذا السياق، توضح أوساط مطلعة، عبر "النشرة"، أن الاشكال في الشويفات يقود إلى طرح علامات الإستفهام حول العلاقة الجنبلاطية بمشايخ الطائفة الدرزية، وتلفت إلى أنه في السابق كان يقال أن رئيس "اللقاء الديمقراطي" يستطيع التأثير على قرار الأغلبية، لكن اليوم لا يمكن التسليم بهذه المعادلة بأي شكل من الأشكال، والدليل ما حصل في المهرجان الذي أقيم في المختارة لدى تسليم نجله تيمور الزعامة، حيث لم يكن حضور المشايخ بالعدد الذي كان متوقعاً، وهو ما دفع "البيك" إلى عقد إجتماع آخر معهم طلب فيه منهم الوقوف إلى جانب الوريث الجديد كما وقفوا إلى جانبه لدى تسلمه المهمة بعد إغتيال والده ​كمال جنبلاط​.

وتلفت الأوساط نفسها إلى أن هذا الواقع لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال، خصوصاً أن النائب جنبلاط يحتاج إلى الهدوء مع تسلّم تيمور الزعامة، الأمر الذي لا يجده في أي مكان، فهو على المستوى السياسي يواجه أزمة قانون الإنتخاب الذي ستجري على أساسه الإنتخابات المقبلة، حيث يعتبر أن هناك محاولة لإستهدافه وإضعافه، ومن جهة ثانية يدرك جيداً خسارة رهاناته على تحولات في الأوضاع الإقليمية، لا سيما بالنسبة إلى الأحداث السوريّة، وتضيف: "من هنا لم يكن بحاجة إلى من يفتعل أزمة مع "حزب الله" في الشويفات، بعد أيام قليلة من وقوف قيادات من الحزب إلى جانبه في المختارة".

في المحصلة، وضع الإشكال الأخير في الشويفات على سكّة الحل، لكن كل المعطيات تقود إلى أن هناك أزمة داخلية لدى "الإشتراكي" لا تقف عند هذه المدينة لكنها بارزة فيها، خصوصاً أن الحزب اضطر إلى إرسال النائب أكرم شهيب ومفوض الشؤون الداخلية هادي أبو الحسن، بالإضافة إلى الإستعانة بالطاقم القديم من قياداته في الشويفات، لتهدئة الأوضاع.