اشار بطريرك السريان الكاثوليك مار ​اغناطيوس يوسف الثالث​ يونان في رسالة عيد القيامة بعنوان "أمكث معنا... يا رب"، الى اننا نحتفل بعيد القيامة ولبناننا الحبيب الذي أنقذه الرب الفادي من أتون النار التي تعصف بالدول المجاورة، لا يزال صامدا رغم كل الصعوبات التي تواجهه. فهو لم يتقاعس عن استقبال أكثر من مليون ونصف مليون نازح، مع كل ما يعنيه هذا النزوح من أعباء اجتماعية وثقافية واقتصادية، يرزح تحت وطأتها البلد والشعب. والعالم كله يثمن للبنان انفتاحه على جميع اللاجئين والنازحين إذ أضحى مأوى وملجأ لمن شرد وطرد قديما وحديثا. علينا أن نضرع إليه تعالى أن يعود النازحون واللاجئون جميعهم إلى أوطانهم، لكي ينكب لبنان على تحقيق مسيرة الإنتعاش والنمو، ولكي يحافظ على وأمنه واستقراره. ومع استمرار المسؤولين في البحث عن قانون انتخابي عصري ومتطور وعادل، لا يسعنا إلا أن نكرر مطلبنا الراسخ والمستمر بعدم القبول بتهميش المكون السرياني في الحياة السياسية اللبنانية، خصوصا أن وطننا لبنان بات قبلة أنظار مسيحيي الشرق. ولهذا نصر، متشبثين بمضمون الوثيقة المشتركة التي وقعناها مع قداسة أخينا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، على تعديل قانون الإنتخابات وزيادة مقعدين نيابيين مسيحيين، أحدهما للسريان الكاثوليك وآخر للسريان الأرثوذكس. وكلنا ثقة بحكمة القيمين على الوطن والمسؤولين فيه لتحقيق هذا المطلب المحق في هذه اللحظة التاريخية المفصلية من بقاء المسيحيين في الشرق، متمنين في الوقت عينه إقرار قانون انتخابي جديد عصري وعادل تجرى على أساسه الإنتخابات النيابية في مواقيتها، فلا يضطر النواب إلى التمديد لأنفسهم مرة ثالثة.

اضاف البيان "إلى أهلنا في العراق الصامد، الذين طالت معاناتهم وتعاظمت آلامهم، رغم تحرير سهل نينوى من سطوة تنظيم داعش الإرهابي، تاركا وراءه الخراب والدمار والحرق، ونحن نتطلع إلى تحرير الموصل بأكملها. إننا نتوجه إليهم ومعهم جميع مكونات العراق، ونحثهم على توحيد جهودهم في سبيل زرع بذور السلام الدائم في بلدهم. فمتى خلصت النيات، وقطعت الطريق على أهل الفتن وزارعي الشقاق والدمار والموت، يستعيد العراقيون ثقتهم بذاتهم وبوطنهم، ويتعاونون مع المخلصين من المسؤولين عن الحياة العامة، في خدمة شعبهم ونهضة بلدهم، لما فيه خيرهم المشترك، ومستقبل أجيالهم الطالعة. كما نجدد صلاتنا الحارة، كما فعلنا من داخل كنيسة العذراء الطاهرة في بغديدا (قره قوش) بعد تحريرها من الإرهابيين، من أجل جميع أبنائنا وبناتنا في أبرشياتنا ورعايانا السريانية في بغداد والموصل وسهل نينوى وإقليم كردستان والبصرة، معربين لهم عن تضامننا الدائم ودعائنا إلى الرب القائم من الموت كي تزول المحنة عن بلادهم، فيشرق فيها نور القيامة الذي طال انتظاره.

ولفت الى إننا نتضرع إلى الله كي تتوقف الحرب في سوريا الجريحة، وقد دخلت عامها السابع مدمرة مقومات البلاد ومقدراتها، إذ أضحت مختبرا لكل أنواع الأسلحة، ومركزا لتبادل الرسائل السياسية بين القوى العظمى، وكل هذا على حساب الشعب السوري وأرضه ووطنه ومؤسساته واقتصاده. لذا نجدد مطالبتنا المجتمع الدولي كي يأخذ قرارا شجاعا، عادلا، إنسانيا، بعيدا عن المصالح الخاصة والحسابات الضيقة، لمصلحة شعب بات مهجَرا في كل أقطار العالم، وهذا ما سيهدد السلم العالمي، ما لم يتنبه المسؤولون عن هذه السياسات إلى مخاطر ما يحل بسوريا من تدمير وتهجير. ولا بد لنا من أن نتوجه إلى أبنائنا وبناتنا في أبرشياتنا الأربع في سوريا، من دمشق وحمص، إلى حلب والجزيرة، وقد عدنا للتو من زيارتين راعويتين إلى أبرشيتي حمص وحلب، فنؤكد لهم بأننا نفخر بصمودهم في أرضهم، ونثني على إيمانهم وصلابتهم، سائلينه تعالى أن يمن على سوريا الحبيبة بالسلام والأمان، وأن يرحم شهداء الوطن من عسكريين ومدنيين أبرياء. ولا ننسى المطالبة بالإفراج عن جميع المخطوفين، ضحايا الحروب العبثية في سوريا والمنطقة، من رجال دين ومدنيين وعسكريين، وبخاصة عن مطراني حلب مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي، والكهنة باولو داللوليو، واسحق محفوض، وميشال كيال، والعسكريين اللبنانيين المخطوفين.

وتابع قائلا إننا نستنكر بأشد العبارات كل أعمال الإرهاب من قتل وتفجير وترويع للناس وبث الفوضى والفتن في أماكن وبلدان عديدة، شرقا وغربا، وبخاصة التفجيران الأخيران اللذان استهدفا كنيستين في طنطا والإسكندرية بمصر، متوجهين بالقلب والصلاة من أجل جميع الذين يكابدون آلام الإقتلاع من أرض الآباء والأجداد في العراق وسوريا، وأرغموا على النزوح والهجرة إلى لبنان والأردن وتركيا، وإلى ما وراء البحار والمحيطات، مؤكدين لهم تضامننا الأبوي واستعدادنا الدائم لتأمين حاجاتهم ومساعدتهم بكل الإمكانات المتاحة".