لم يسترح رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الايام القليلة الماضية، لا في عطلة عيد الفصح، ولا في نهاية الاسبوع الماضي. لقاءات مفتوحة مع ممثلي الكتل النيابية. الموضوع: ​قانون الانتخاب​ات النيابية. ينطلق بري من قاعدة: فلنكثف البحث قبل ان نصل الى الخامس عشر من ايار موعد الجلسة النيابية. عندها لا يمكن الا اتخاذ القرار، اما تحديد موعد الانتخابات على اساس القانون الجديد، واما التمديد الذي يصبح شرا لا بد منه.

بري يعتبر "من الغريب انّ البعض يبادر الى طرح مشاريع وافكار على انها مشاريع مُنزلة، وينزعج عندما يعبّر ايّ جانب عن تحفّظ عنها او رفضها، علماً انّ آخرين يقدمون مشاريع وافكاراً ويرفضها هذا البعض ولا احد يعترض او يُستفز. فلماذا هذا التوتر العالي"؟.

وبحسب المعلومات فإن رئيس المجلس تداول مع ممثلي الكتل الذي التقاهم بصيغ عدة، ومنها طرحه على اساس المختلط 64-64. رغم ان بري لم يعد متمسكا بهذا الطرح.

هذا البحث المفتوح ينطلق من حقيقة ان قوى سياسية اساسية رفضت مشروع التأهيل الذي عدّله رئيس "التيّار الوطني الحر" ووزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ بنسف فكرته الاساسيّة التي تقوم على اساس تأهّل كل من ينال عشرة في المئة.

جهد بري ينصبّ على محاولة اخراج مشروع يستند الى دمج الطروحات التي قدمتها القوى والخروج بصيغة جامعة. لكن حتى اللحظة لم تظهر النتائج. ومن هنا حتى موعد الجلسة النيابية يبقى السؤال قائما: هل نصل الى حل؟.

اجواء رئيس الجمهورية ميشال عون توحي بالايجابيّة ازاء حصول الانتخابات وفق قانون جديد وعدم حصول التمديد أو الفراغ. كل من يلتقي عون يجزم بوجود حل. لكن ما هو الدافع الذي يجعل رئيس الجمهورية واثقاً بحصول انتخابات على اساس قانون جديد؟ لا توحي تصريحات باسيل بالموافقة على اي طرح لقانون الانتخابات بإستثناء الصيغ التي قدمها التيار الوطني الحر، واخرها المشروع التأهيلي المعدّل. بالنسبة الى اجواء رئيس الجمهورية لا تزال النسبيّة هي الطرح الأفضل. ينسجم عون مع قناعاته وطروحاته التاريخية بشأن النسبيّة. لكن لماذا يتخلى عنها التيار الوطني الحر؟.

حجّة باسيل انه يبحث عن صيغة تؤمن للمسيحيين قدرة على ايصال نوابهم بأصواتهم. فلماذا اذا تمّ رفض طرح حزب الله؟.

لم يجد الحزب مبررا للرفض، طالما ان طرحه يحقق للمسيحيين نسبة عالية تفوق ما يحققه المسلمون بأصواتهم. هذا يعني ان حظوظ المشروع التأهيلي الباسيلي دُفنت. لم يقبل به لا تيار المستقبل، ولا الحزب التقدمي الاشتراكي، ولا وافق عليه بصيغته الباسيلية حزب الله ولا حركة امل ولا الكتائب او المردة، وقدّم حزب القوات اعتراضات جوهرية تحت عنوان الملاحظات التقنية.

اذا البحث يجري عن بديل. فهل يكون المختلط هو المخرج؟ كل المعلومات تشير الى ازمة مقبلة في حال عدم الوصول الى اتفاق.

فلنفترض ان موعد الجلسة المقبلة حلّ من دون قانون جديد. سيكون عندها التمديد خيارا اولا، ثم الخوض في تفاصيل جوهرية: سيرد رئيس الجمهورية الاقتراح. سيسلك طريقه بعد أيام خمسة، بإعتباره مشروعا معجلا مكررا كما قدمه النائب نقولا فتوش. يوحي مقربون من التيار الوطني الحر انه سيتم اللجوء الى المجلس الدستوري للطعن بالقرار. فلنفترض ان المجلس اجتمع وأقرّ الطعن. هنا ندخل بأزمة دستورية. ستتعالى الاصوات التي تقول ان القانون النافذ موجود. فلماذا لا تجري الانتخابات على أساسه؟. انها مخالفة دستورية تنص عليها كل دساتير دول العالم بتجاهل قانون موجود ودفنه من دون مراسم ولا بديل ولا مبررات قانونية. سيتم اللجوء ايضا الى المجلس الدستوري. هكذا سنكون امام ازمة مفتوحة قد تصل الى حد القول ان هناك مخالفة ميثاقية بإلغاء المجلس النيابي لسببين: اولا كون السلطة التشريعية ام السلطات. وثانيا لاعتبار الشيعة خارج السلطة. والأخطر ان الفراغ سيوصل البلد الى مؤتمر تأسيسي حتما. بإعتبار ان لا وجود لمجلس يضع قانونا للانتخابات. فأي قواعد للمؤتمر التأسيسي؟ وهل يراعي التوازن بين المسلمين والمسيحيين؟ ام انه ينتج خلافا قد يقود الى المطالبة بالفيدراليات؟! الواقع يوحي بالخطورة، والبلد على "كف عفريت" في حال عدم اتخاذ قرار في الاسابيع الحالية.