ظن العونيون أن ابلاغ نائب أمين عام حزب الله الشيخ ​نعيم قاسم​ وزير الخارجية ​جبران باسيل​ مساء الاثنين موافقة الحزب على السير بصيغة القانون التأهيلي كما هي، أزال العقبة الأبرز بوجه هذا القانون الذي تبناه "التيار الوطني الحر" مؤخرا بعد رفض كل الصيغ الأخرى التي عُرفت بطروحات الوزير باسيل. الا ان ما لم يتوقعوه أن يخرج بعد ساعات معدودة مقربون من الحزب ووسائل اعلام محسوبة عليه بهجوم غير مسبوق على "التأهيلي" وعلى شخص رئيس التيار، وهو ما وضعوه في اطار سياسة جديدة لحزب الله بتوجيه رسائل مزدوجة أثارت استياء كبيرا في صفوفهم، وبالتحديد بعدما ظنوا لوهلة ان المياه عادت الى مجاريها بين بعبدا والضاحية الجنوبية لبيروت.

ولعل نعي القانون التأهيلي بات أمرا لا بد منه باعتبار أنّ ايًّا من الفرقاء الاساسيين لم يعط أجوبة ايجابية بخصوصه، حتى ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري قفز فوق الآمال العونية المعقودة عليه، وعاد يروج للقانون المختلط (64-64) ما أعاد الأمور الى نقطة الصفر قبل أسابيع معدودة من جلسة التمديد التي تم تأجيلها الى منتصف أيار المقبل.

الا ان مصادر عونيّة تصر على اعتماد سياسة العدّ الى الألف قبل توجيه اتهامات لحزب الله بتوزيع الأدوار بينه وبين حركة "أمل" لاسقاط القانون التأهيلي، مذكرة بأن بعض القياديين في "التيار الوطني الحر"، وبينهم مستشارين حاليين للرئيس، انجروا بفترة من الفترات وخلال مرحلة الفراغ الرئاسي وراء الحملة التي كانت تقول بعدم وجود نية فعلية لدى الحزب بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا، وهو ما أثبتت الأيام عدم صحته، حتى ولو كان هناك من يروّج لفكرة ان رئيس تيار "المستقبل" ​سعد الحريري​ أحرج الحزب الذي وجد نفسه مضطرا للسير بعون رئيسا للبلاد. وتشير المصادر الى ان العلاقة بين التيار والحزب تمر بمرحلة حسّاسة، الا انّها لم تصل لدرجة التشكيك بالحليف، خصوصًا ان ما يقوله مسؤولو الحزب بالعلن يختلف تماما عمّا يروج له مقربون منه، الّذين لم يتوانوا مؤخّرًا عن وصف القانون التأهيلي بقانون التقسيم وانتحار الوطن، ووصف من يقبل به او يسكت عنه بالمجرم!.

وتشدد المصادر على وجوب التريث قبل الاعلان عن مواجهة بين الثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله وحركة أمل والثنائي المسيحي المتمثل بالتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، لافتة الى ان رمي الكرة في هذا الملعب قد تكون من مصلحة فرقاء آخرين لا يبدون هم ايضا أي مرونة تُذكر في موضوع قانون الانتخاب، الا عبر تصاريح رنّانة لا يتم إقران أي منها بخطوات عملية تؤكد عكس نواياهم المبطنة.

وبانتظار تبلور المواقف الحقيقية لكل الفرقاء، وهو ما لن يطول كثيرا باعتبار ان المهلة المتاحة للمراوغة باتت قصيرة جدا، قد يكون من الاصح مصارحة اللبنانيين بالواقع الراهن المأزوم بدل اعطائهم جرعات تفاؤل اكتفوا منها، لا بل أدمنوا عليها فما عادت تؤثر بهم، على أمل ألاّ يتكرر المشهد الذي سبق جلسة التمديد الخميس الماضي منتصف شهر أيار المقبل، باعتبار ان الرئيس عون استخدم ورقة الجوكر وقد لا يملك سواها! فهل يُفاجِئ اللبنانيّين بجديد أو نعود الى نقطة الصفر؟.