معوقات كثيرة تحول دون إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية. ابرزها الصّيغ المطروحة التأهيل الطائفي والمختلط ، والتي تراجعت إلى حدّ التلاشي، ليس لأنّ منطلقاتها طائفية بحتة ومذهبية وجهوية، وليس لأنها كالخنجر المسموم، يغرز عميقاً في قلب لبنان، يفتت وحدته ويسمّم وحدة اللبنانيين، بل لأنها واجهت فيتوات طائفية ومذهبية.بذريعة «الإحباط الطائفي وهواجس الطوائف»، تُطرح صيغ لتكريس وتأبيد النظام الطائفي البغيض، والذي هو سبب كلّ ويل أصاب لبنان، وسبب استشراء الفساد والطائفية، وهو نفسه، الذي برع في توليد الأزمات والحروب الداخلية.

في وقت تبدو المهل قصيرة والفرص قليلة، والمجهول قاب قوسين أو أدنى، لا بدّ أن تتحمّل القوى جميعها مسؤولياتها، فلا يجوز لأحد أن يتجاهل حال الانسداد شبه التامّ بوجه الصيغ الطائفية المرفوضة والمرذولة والتي تضع لبنان مجدّداً في مربع الأزمات البنيوية الخطيرة. ولا يحق لأيّ جهة أن ترفض قانوناً قائماً على النسبية الكاملة، يحقق صحة التمثيل للبنانيين كلّهم، ويرسّخ مفهوم المواطنة الحقيقية، من دون تمييز ومن دون وساطة طائفية ووسيط طائفي.

إنّ الصيغة الانتخابية التي تحقق صحة التمثيل وعدالته وتنصف الجميع، هي في مشروع القانون الذي قدّمه الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ عقدين من الزمن، وقد آن الأوان لتبنّيه بوصفه يشكل مخرجاً إنقاذياً للبنان، وبه يتفادى اللبنانيون خطر الفراغ. والفراغ ليس فراغاً في السلطة، ولا في المؤسسات، بل في البنية والعقلية التي تقود إلى الخراب.

حين يقع الفراغ على هذا النحو، لا يمكن ملؤه لا بمؤتمر تأسيسي ولا بأيّ تسوية طائفية. فالتسويات تحصل عادة على «كعب الحروب»! ولبنان الطائفي المتعثر في التوصل إلى قانون انتخابي عادل ومنصف، لن يستطيع الاتفاق على عناوين تأسيسية في هذا الظرف العصيب.

لذا، حذارِ الفراغَ… حذارِ إعادة إنتاج الحروب الداخلية التي توصل إلى الهلاك.