أكد السيد علي فضل الله ان "لبنان الذي لا يزال القانون الانتخابي فيه رهين تقارب مصالح القوى السياسية والتجاذب في ما بينها، ولا يزال كل فريق سياسي يصر على القانون الذي يتناسب مع مصالحه، ويؤمن له أن يكون الأقوى في طائفته، وبين الطوائف الأخرى"، مشيراً الى أنه "قد وصل الانحدار إلى أن لا يتنازل كلّ فريق عن القانون الذي يطرحه، حتى لو كان ذلك على حساب وحدة الوطن، وعيشه المشترك، وحرمان فئات كبيرة من اللبنانيين من حقّها في الاقتراع، كما رأينا في بعض الطروحات الأخيرة، فقد بات المهم أن يسلم هو، أو يسلم موقعه، ومن بعده الطوفان".

وفي خطبة الجمعة من جامع الإمامين الحسنين في حارة حريك، أوضح السيد فضل الله "أننا نرى أنه من حقّ كل فريق أن يسعى لتحقيق مصالحه، وأن يحافظ على المكتسبات التي وصل إليها، ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب القانون الأنسب لهذا الوطن، والأكثر عدالة وتمثيلاً، فإن لم يستفد منه الآن سيستفيد منه غداً، وإن لم يستفد منه غداً سيستفيد منه أولاده وأحفاده والأجيال القادمة، بدلاً من أن يعمل على تعطيل البلد وإيصاله إلى ما وصل إليه".

ولفت الى أن "من حقّ هذا البلد على القوى السّياسيّة التي تدّعي الحفاظ عليه، أن تعمل لحسابه فالوطن لا يُبنى إلا بالتضحيات. والذي يبدي استعداداً للتضحية بالدم، من الطبيعي أن يضحي بالمصالح والمكاسب"، مشيراً الى أنه "لقد كان اللبنانيون يتصوَّرون أنَّ فترة الشّهر التي طرحها رئيس الجمهورية، ستكون كافية لدفع القوى السياسية إلى الاستعجال في لقاءاتها لإخراج القانون العتيد فلا تقع في أيّ من المحاذير الثلاث، المتمثلة بالتمديد أو الفراغ أو قانون الستين، بعدما بات واضحاً مدى المخاطر المترتبة على اعتماد أي منها، إلا إذا كان هناك من يفكر في إيصال البلد إلى حافة الهاوية والمجهول، ليقال بعدها اقبلوا بأيِّ حل".

ورأى السيد فضل الله الى أنه "رغم ضعف الأمل، سيبقى الباب مفتوحاً، وسنبقى نأمل أن تحمل إلينا الأيام القادمة قانوناً انتخابياً يحمي هذا البلد من هزات هو في غنى عنها، ومن انقسام لا نريده، ويعيد للإنسان ثقته بوطنه وبقدرته على حلّ مشاكله بنفسه، فلا ينتظر من يملي عليه حلاً أو يضغط على القيادات، كما يجري الآن، حتى تبادر إلى إيجاد الحل"، مشيراً الى أنه "لا بدَّ لنا، وفي إطار الحديث عن القانون الانتخابيّ، من التّنبيه إلى خطورة التّحريض الطّائفيّ والمذهبي، بعد تزايد الحديث عن ثنائي شيعي في مقابل ثنائي مسيحيّ، أو تحالف إسلاميّ في مواجهة المسيحيين، وهو ما ينبغي الحد منه والوقوف في وجهه، نظراً إلى تداعياته على السلم الأهليّ، ولكونه يعيد إلى الذاكرة صورة الحرب اللبنانية ومشاهدها، في الوقت الذي يعرف الجميع أن ذلك ليس حقيقياً، وأن ما يجري لا يستهدف الطوائف، فمواقع الطوائف محفوظة والمسألة هي صراع على المواقع بين القوى السياسية، لتثبيت مواقعها، وتحصيل مكاسب أكثر. ومع الأسف، يجري ذلك من خلال استثارة الغرائز المذهبية والطائفية، واستقواء كل فريق بطائفته".

وشدد على انه "لا بدَّ من أن ننظر بإيجابية إلى الدعوة الموجّهة إلى الإعلام اللبناني لزيارة الحدود الجنوبية، لإعادة تصويب المشهد باتجاه العدو والالتفات إلى الخطر الدّاهم والمستمرّ من الكيان الصّهيونيّ، الّذي يواصل استعداداته لشنّ عدوان جديد، في الوقت الذي لا يزال يخترق الحدود اللبنانية بطائراته أو يتجاوز الخط الأزرق وكلّ ذلك لا يستنفر بعض الموجودين في الداخل اللبناني".

ومن جهة أخرآ أكد أنه "بالنسبة لسوريا التي يستمرّ الصراع الدولي والإقليمي فيها، فقد بات واضحاً أن ما يحصل، يستهدف وحدة هذا البلد، وتفكيك عناصر القوة فيه، تحقيقاً لمصالح الدول الكبرى، وهو ما يأتي في ظل استهداف كل مواقع القوة في العالم العربي، والذي لا يأخذه الكثيرون بالجدية المطلوبة"، مشيراً الى أنه "في الوقت الَّذي يستمرّ النزيف في الداخل السوري، وكان آخر تجلياته هو استهداف أهالي كفريا والفوعة، الذي سقط نتيجته عشرات الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ، والذي يشير إلى مدى إجرام الجهات التي قامت به نلفت إلى عدم أخذ هذا الحدث حقه في التنديد والاستنكار والشجب من المواقع الدولية أو الإقليمية أو من الداخل".

وأشار الى "أننا أمام كلّ ذلك، نعيد دعوة السوريين إلى وعي خطورة ما يجري لبلدهم، والمسارعة إلى إخراجه من هذا الأتون، الذي لن يستفيد منه أحد، بل هو على حساب الجميع في الوقت الذي ندعو الدول العربية والإسلامية إلى تحمل مسؤوليتها، للحؤول دون وصول النار إلى ما لم تصل إليه، وتهيئة المناخ للحلول، حفظاً للدم العربي والإسلامي، بدلاً من التسكع على أبواب الدول الكبرى التي لا تريد خيراً لأحد، بل تريد العمل لمصالحها، وتريد لسوريا أن تكون بقرة حلوباً لها".

ولفت فضل الله الى "أننا نحيي وقفة الأسرى الفلسطينيين في يومهم "يوم الأسير الفلسطيني لقد أعلن العدو الإسرائيلي على لسان بعض المراقبين، أنه بات يخشى لهذه الحركة داخل سجونه، من أن تتحول إلى انتفاضة أسرى، وتتفاقم لاحقاً لتصل إلى مستوى الانتفاضة الشعبية في الشارع الفلسطيني ومع الأسف، لا تجد هذه الانتفاضة ولا المعاناة الشديدة للأسرى أي اهتمام لدى الدول أو الشعوب العربية والإسلامية في الوقت الذي تقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية الوقوف مع هذا الشعب، ودعم قضيته الإنسانية والعربية والإسلامية والدينية".