في زمن الإختلاف السياسي وفي كل الإتجاهات على قانون الإنتخاب المرتقب، وفي الوقت الذي قد لا يتفق فيه فريقان سياسيان على صيغة واحدة لإعتمادها وإجراء الإنتخابات على أساسها، هناك من يعمل في الكواليس على تسويق أخبار ومعلومات عن خلاف كبير بين حزب الله والتيار الوطني الحر قد يصل الى إعلان الطلاق السياسي بينهما ودفن تفاهم مار مخايل. طلاق، عند سؤال نواب حزب الله عنه، ترتسم على وجوههم ضحكة تهكّمية، يليها بسرعة الجواب التالي: "لقد قلناها مراراً وتكراراً، ومستعدون دائماً لتذكير كل من لديه مشكلة مع ذاكرته، خيّطوا بغير هالمسلّة، وإبحثوا عن أمر آخر تتسلّون به عبر وسائل الإعلام". هذا التهكم الذي يرتبط بردة فعل نواب الحزب عن سؤالهم عن حجم الخلاف بينهم وبين التيار الوطني الحر، يفسّره نائب بارز في كتلة الوفاء للمقاومة على الشكل التالي: "في السابق حصل تمديدان لمجلس النواب، وفي التمديدين صوّت نواب الوفاء للمقاومة مع التمديد بينما كان نواب تكتل التغيير والإصلاح من رافضي التمديد، يومها كتبت عشرات المقالات التي تتحدث عن طلاق سياسي بين الحزب والتيار، وعند الإمتحان

الأول أي في إنتخابات رئاسة الجمهورية، أثبتنا أن تفاهمنا أصلب وأمتن بكثير من أن تهزّه بعض التحليلات والتكهنات". إذاً يعترف حزب الله بأمور كثيرة، ومنها ملف قانون الإنتخاب، تختلف مقاربته ووجهة نظره فيها عن مقاربة حليفه التيار الوطني الحر، لكن هذا الإختلاف لا يعني أبداً أن الخلاف وقع بينهما، وأن التباعد في وجهات النظر على ملف ما قد يؤدي الى طلاق سياسي يرمي وثيقة التفاهم الموقّعة في سلة المهملات.

عنصر المفاجأة لدى حزب الله عند سماع مسؤوليه كلاماً عن طلاق سياسي بين الحزب والتيار، لا يختلف أبداً عن ردة فعل مسؤولي التيار الوطني الحر إذا سمعوا سؤالاً عن هذا الطلاق "المختلق" بحسب مصدر برتقالي بارز. بحزم وثقة يعلّق المصدر البارز في تكتل التغيير والإصلاح، قائلاً، "تفاهم "مار مخايل" لم يوقع كي يتم التخلي عنه بسبب أي ملف داخلي، هو تفاهم على مستوى وحجم الوطن ككل، وهو ثقافة، يعمل التيار الوطني الحر على تعميمها، وهذا ما ترجمه ايضاً تفاهم معراب الذي طوى صفحة الحرب مع القوات اللبنانية، والتفاهم السياسي ولو لم يكن مكتوباً مع تيار المستقبل". كلها تفاهمات إنسحبت على إنتخابات رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة ونيلها الثقة، ويعمل التيار على توسيع مروحتها كي تضم الأحزاب الأخرى، ولكن من دون أن يعني التفاهم مع أي فريق دمجه تنظيمياً وفكرياً وسياسياً بالتيار الوطني الحر، لذلك يبدو الحديث عن خلاف بين التيار وحزب الله في غير محله، وفي غير موقعه الطبيعي، وما يحصل ليس إلا عمليّة شد حبال بين الأفرقاء

على أهم قانون في الجمهورية اللبنانيّة ألا وهو قانون الإنتخاب الذي يعيد رسم تركيبة مجلس النواب كل أربع سنوات، وإنطلاقاً من هذه التركيبة المجلسية تتشكل الحكومة وتوزّع الحقائب، وينتخب رئيس الجمهورية.

لذلك قانون الإنتخاب والملفات الأخرى شيء، وتفاهم مار مخايل شيء آخر بالنسبة الى التيار وحزب الله الواثقين أكثر من أي وقت مضى بأن إتفاقهما على القانون الإنتخابي آتٍ، وتحالفهما في الإنتخابات النيابية باقٍ كما في الدورات السابقة.