بينما تتربّص ​اسرائيل​ بحدودنا تعمل على تمكين المرأة أكثر في حياتها السياسية، ولبنان يرتدي كل أشكال الرجعية في ممارساته المتعلّقة بحقوق المرأة السياسية .

إنّ دور المرأة اللبنانية في صنع القرار السياسي شبه غائب حتى يومنا هذا .أمّا في اسرائيل، فقد عُيّنت المرأة رئيسة للحكومة (​غولدا مائير​) وتسلّمت حقيبة وزيرة الخارجية (تسيبي ليفني) وفي دول أخرى انتُخِبت المرأة رئيسة للجمهورية (أمينة غريب-جمهورية موريشيوس)؛ (كريستينا دي كريشنر-الأرجنتين) ؛(ديانا روسيف-البرازيل)؛ (ميشال باشيلي-تشيلي)؛ (كوليندا غرابار-كرواتيا)؛ (ماري لويز كوليرو بريكا-مالطا)؛(داليا غريبا -ليتوانيا)؛(يحيى آغا انت-كوسوفو)؛(باغ غن هي -كوريا الجنوبية)؛(جوناسون سيرليف-ليبيريا)؛ (كاترين سامبا-أفريقيا الوسطى).

واليوم في فرنسا المرشحة الرئاسية ماري لوبين تنتقل إلى الجولة الثانية من الانتخابات .في البرلمانات الدولية، وعلى مستوى العالم، تشكل النساء 20% من المقاعد بحسب أحدث البيانات من الاتحاد البرلماني الدولي .

ولكن، في بلد الحضارة والثقافة والإنفتاح، وفي العام 2017؛ ما زلنا نطالب في لبنان بحقوق المرأة السياسية!.

إنّ وجود المرأة اللبنانية كمكوِّن أساسي من ضمن منظومة الديمقراطية وعنصر فاعل كركيزة لتحقيق أهداف محدّدة، لا يبدو أنّه من استراتيجيات الدولة. إنّ الحقيقة التاريخية والحالية للبنان تكشف وتؤكّد ذلك .

ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية منذ أيام أن فتاوى حاخامات صدرت في اسرائيل، تمنع النساء من التجنّد في الجيش الإسرائيلي، وتمنع العسكريين الذكور من الاختلاط بهنّ .

أثارت هذه الموجة خلافات حادّة داخل المجتمع الإسرائيلي. فتصدّى لها هناك علمانيون وسياسيون وحتى كبار القادة الأمنيين، بإشارة إلى توجّه اسرائيل للإستمرار بمنح المرأة أدوارا فاعلة سياسية وعسكرية .

لماذا نذكر اسرائيل؟ يتبيّن أن صنّاع القرار لدى العدوّ قد قرّروا تطبيق نظرية ودراسة وضعتها "تامار هيرمان" وهي باحثة في المعهد الاسرائيلي لمتابعة الديمقراطية، تؤكّد بخلاصتها أنّه من أجل صياغة سياسات وطنية لها تأثير على الداخل والخارج فلا بدّ من وجود للمرأة في دوائر صنع القرار.

طبعاً، سبق هيرمان في وضع هذه النظرية باحثون غربيون من الدول الإسكندينافية والدول الأوروبية، ما حدا بها الدول الى تطبيقها على أرض الواقع السياسي وحتى العسكري.

ولكن، ماذا عن استراتيجيات لبنان الدفاعية بوجه العدو لهذه الجهة؟ يبدو أنّ في لبنان عوامل عدّة لا تدخل في الحسبان عند اختيار الأشخاص للمواقع المؤثرة سياسيا.

غياب النساء عن الحكومة بشكل عام وعن الحقائب الوزارية "السيادية" بشكل خاص خير دليل على ذلك.

لنعترف أن أسرائيل أيقنت هذه المسألة وسبقت لبنان بها ولكن من الخطر بمكان الاستمرار بالتغاضي عن مواجهتها بها. نقول، إنّ دور المرأة السياسي هنا شبه غائب للأسباب التالية:

أوّلاً، احتراماً للوزيرة الوحيدة في الحكومة اللبنانية الدكتورة ​عناية عز الدين​، وللسيّدات الثلاث في البرلمان اللبناني؛ ثانياً، احتراماً للنساء اللواتي تولّين سابقا مناصب وزارية ونيابية؛ ثالثاً، لأنّ عدداً لا بأس به من رجالات السياسة اليوم يولين جزءا من مسؤولياتهم الى زوجاتهم أو بناتهم أو صديقاتهم. ولكن، في الظلّ. فلا بدّ من الإعتراف بدورهنّ. واضح أنّ الطقم السياسي اللبناني يؤمن أكثر بقدرات الرجال؛ غير مبال بالفشل الذريع الذي ينهش الدولة بسبب أداء العديد من هؤلاء السابقين والحاليين .لدى البعض، في هذا النظام الطائفي، معتقدات دينية يركنون إليها عند سؤالهم عن سبب غياب المرأة عن لوائحهم الإنتخابية أو حقائبهم الوزارية. بعد مراجعة فقهاء دين ينتمون للطوائف الإسلامية والمسيحية وسؤالهم حول تلك المسألة، يتبيّن لنا أن تلك المعتقدات لا أساس ديني لها بل إنّها مجرّد عادات متوارثة.

البعض الآخر من السياسيين ينكر استبعاده المرأة عن قصد؛ فيجيبك بطبيعية لا تأنيب ضمير فيها؛ إن ذلك لَيْس بقرار إنَّما "صدفة".والأمثلة وليدة الحال كثيرة، فكيف بالحري، عندما تجلس مع سياسي "مرموق"؛ فتكتشف أنه لا يفقه أي شأن داخلي أو إقليمي أو دولي!.

نعم، حال المرأة في الحياة السياسية اللبنانية مضحك مبكٍ. فهي بحسب الواقع المجحف "عورة" في السياسة بعيون أصحاب القرار.

اليوم، ونحن في خضمّ أزمة قانون انتخابات؛ يعلو طلب "الكوتا" النسائية من جمعيات عدّة تعمل جاهدة على تحقيق الحماية والحقوق للمرأة. بدأت المنافسة بين السياسيين والأحزاب الذين وجدوا في هذا الشعار عنوانا لدعايات انتخابية يكسبون بموجبها أصوات النساء؛ وشهدنا مزايدات نسب الكوتا حتى وصلت من 20% الى 30%. رَضِي الكثيرون. ولكن، في العالم أجمع، هنالك تباين في الآراء حول "الكوتا النسائية" في قانون الإنتخاب، يمكن اختصارها بفئتين: الفئة الأولى ترفض صيغ الكوتا لانتقاصها من مفهوم "العدالة". ونحن من المنتمين إليها. والفئة الثانية تشدّد على وجوب إقرار الكوتا كمرحلة تمهيدية تأهيلية للمجتمع لتقبّل المرأة في مراكز القرار السياسية.

الدستور اللبناني في المادة 7 منه ينص على أن كل اللبنانييين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية...

وفي المادة 12 يؤكد الدستور أن لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة لا ميزة لأحد على الآخر إلا من حيث الإستحقاق والجدارة...

ليس في دستورنا انتقاص من حقوق المرأة السياسية ،وليس في مجتمعنا نقص في النساء الجديرات بالمسؤولية، العورة في العقول التي تستملك أعمدة الأساس للدولة. فعبثاً يتعب البناؤون...