تزامناً مع إنعقاد مؤتمر الطاقة الإغترابية، تنطرِحُ فِكرَةُ تأسيس (لوبي إعلامي) يواكبُ قضايا الاغتراب، ويدعمُ الحضورَ اللبناني في البلدان والأماكن التي ينتشرُ فيها ملايين اللبنانيّن، ويكونُ أداةَ تواصلٍ بينهم وبينَ الوطن.

الواقعُ الاعلامي الإغترابي اليوم، ليسَ على ما يُرام، مقارنةً بالصحافةِ المهجريّة، التي شَكَّلت منذ أكثر من مئةِ عام، علامةً ومنارةً ادبية وتراثية حاملة للوجدانيات الوطنية، والإرث الثقافي والفكري، الذي كان لَهُ الدور والمطرح الواسِع في منطلقات وتألّقاتِ النهضة الفكرية العربية ، التي كانت نهضةً عربيةً بأقلامٍ لبنانية!..

والأمرُ الأكثر إلْحاحاً الان، بعد تعاظم دور ​الاعلام الالكتروني​، ووفرة وسائل، هو خلقُ آليةٍ لإرساء قواعد صلبة يُبْنى عليها (إعلام إغترابي لبنانيٌّ)، تَكُونُ له حيْثيّةٌ فعليّة وفاعِلة، تُسْهِمُ في صِناعَةِ علاقاتٍ تواصليةٍ ومستدامةٍ، على مُستويَيْن:

1-مستوى التواصل بين المغتربين ، ولبنان ، كوطنٍ ودولةٍ ونظامٍ، ومجتمعٍ أهلي.

2-مستوى التواصل المفتوح، بينَ الكيانات الإغترابية، في مناطق انتشارها.

إنَّ مقاربة موضوع الاعلام الإغترابي، في هذا الوقت المليء بالتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، يُضْفي معنى جديداً وهاماً على نظرة الوطن الى لبنان الإنتشار، والتي بدأت تتحوَّل من نظرة (المغترب المُمَوِّل) الى نظرة (المغترب الشريك) بالحقوق والواجبات، وذلك بعد تنامي العَوْلَمة وإِمّحاء الحدود والفواصل وتقريب المسافات.

وتنطلق فكرة و مشروع (الإعلام الإغترابي) من قناعةٍ لدى المسؤولين، تقتربُ من الإستراتيجيّة، هدفاً وخطّةً، محورُها أنَّ (لبنانَ الدولة) يجبُ ان يذهب الى (لبنان الانتشار)، ليكون الى جانب اللبنانيينَ ويدعم حضورهم ويقوّي مواقعهم، حيثُ هَمّ متواجدون.

أيُّ إعلامٍ لأيِّ إنتشار؟

تتطلب عمليَّةُ صِناعَةِ وتأسيس إعلام إغترابي، خطواتٍ ومبادئ، يجبُ مراعاتها، حِرْصاً على إنجاح هذه المهَمَّة التي يتمّ إطلاقها على مستوى الوطن والسياسة الجديدة للدولة، التي بدأت تنظرُ الى الانتشار من موْقِعِ (الدولة الراعية)، بعد ان كانت تتعاملُ معه كمُنَشِّطٍ إقتصادي وصندوق مساعداتٍ إحتياطي، يسُدُّ الفجواتِ المجتمعية التي لَمْ تسعَ الدولةُ الى إيجادٍ حلولٍ جدّيَّةٍ لها، قصوراً أَوْ تجاهلاً.

وأبرزُ المحاور التي يجِبُ أَنْ يتركَّزُ عليها الاعلام الإغترابي، إنطلاقاً من مفهومِ التكامليّةِ بين لبنان المقيم ولبنان الانتشار، هي:

1-تنظيم علاقة المؤسسات الاغترابية مع الدولة المركزية.

2-إيجاد علاقة لحْظَوِيّة بين المنتشرين والمتحَدرين والدولة اللّبنانيّة، من خلالِ وزارة الخارجية والمغتربين، من حيثُ انها معنيّةٌ بشؤونهم وراعية لقضاياهم.

3-إنشاء (وكالة أنباء إغترابيّة) متعددّة اللغات، تقومُ بتنسيق عمليات التواصل بين المغتربين، وتوحِّدُ بينهم وتدافعُ عنْ قضاياهم وتطلعاتهم، وتحمي وجودهم وحضورهم، من خلال نُصْرَةِ مواقفهم وتوحيد كلمتهم.

4-إيجاد (ناطق رسمي) لبنانيٌّ، يكون مصدراً رئيساً للأخبار والمواقف، ويقيهم الوقوع في الخطأ الخبري والمصدري والتحليلي.

5-إيجاد خلِّية أزمة إعلاميّة دائمة، ذاتَ طابعٍ رسمي، تُعنى بالشأن الإغترابي وتواكب قضاياه، وتستجيبُ لتطلّباتِه وتلاقيه الى منتصفِ الطريق.

6-تأسيس وتفعيل الملحقات الاعلامية في السفارات والقنصليات، وربطها بمنظومة اعلامية مركزية في لبنان.

7-إدارة التوعية الوطنيّة، و نشر ثقافة الاعلام التفاعلي بين لبنان المقيم ولبنانَ المغترب، من خلال (الإعلام الإغترابي المتخصّص) الذي يجب ان تسعى الدولة لإنشائه، وتشجيع إنشاء (إعلاميين متخصصين) بالشأن الإغترابي، سياسياً وفكرياً وإقتصادياً وتنمويّاً.

8-إنشاء موقع إعلامي يهتم بشؤون الاغتراب.

٩-تعزيزُ دور (الجامعة اللّبنانيّة الثقافيّةِ في العالم)، ودعم تَحرُّكها، وتغطية نشاطاتها بشكلٍ إحترافي وتسويقي وفنّي.

10-إعتبار (الاعلام الإغترابي) إعلاماً كيانياً، له قواعده وخصوصياته وإستراتيجته.

11-توفير المصادر الخبريّة، وحقّ الوصول الى المعلومات، لوسائل الإعلام الإغترابي، من حيث أنها شريكة في كشف الحقائق، وخلقِ الحِسِّ بالإنتماء الى ارض وشعب وتراث وقضية.

تعزيز وسائل الإعلام الاغترابي في دورها الوطني والحضاري.

13-السماح للاعلام الإغترابي بالإنضمام الى نقابة المحررين معنويا.

14-غياب المرجعيّة الاعلام، التي يمكن للمغترب ان يعود اليها للحصىول على معلومة أو موقفٍ رسمي، حِرْصاً على عدم التأويل.

15-تعديل قانون الاعلام، وتخصيص مقعد للمغتربين في المجلس الوطني للإعلام

إن كيانية الاعلام الإغترابي، هي في أصل أيّ تحرّكٍ جاد لإنشاء اعلام لبنانيّ تفاعلي، يعمل على توطيد العلاقة بين مُثلّث: المغتربينَ، والدولة، والمجتمع... والمطلوبُ أن تسارع الدولة والجهات والجاليات، الى تنظيم بروتوكول علاقة تواصلية، يوفّر للمغتربين الحقّ بإعلام لبنانيٌّ اغترابي، يتصف بالسياديّة والحريّة، ويعرف ماذا يقول؟ وكيفَ يقول؟ ومتى يسكتُ ويغيبُ!؟.