"مدن السهر"، هكذا توصف مدن لبنان التي تضج يوميا بالحياة الليلية، وتحديدا في ليالي عطلة نهاية الاسبوع حين تكتظ الملاهي بالروّاد الذين يلجأون الى خيار السهر للترفيه عن أنفسهم. ولكن لم يحسب هؤلاء أن حياتهم قد تصبح معرضة للخطر في اماكن السهر، والسبب هو الفلتان الأمني الذي طال لبنان ككل، وضرب النوادي الليلية واماكن "اللهو" في الأيام الماضية.

فقدت سارة سليمان حياتها منذ ايام في إشكال أمام ملهى ليلي في زحلة، دون أن يكون لها علاقة بما حصل أصلا، اذ أقدم م. م على اطلاق النار من مسدسه الحربي بسبب وقوفه دقائق معدودة في زحمة سير تسبّب بها حادث بين سيارتين، فأصاب سارة في وجهها وقتلها. كذلك شهدت الاسابيع السابقة أحداثا مماثلة راح ضحيتها جرحى، ففي انطلياس، تطور اشكال الى إطلاق نار بسبب خلاف على لعبة الـbowling، ما أدى الى سقوط جريحين أحدهما من الموظفين. كذلك حصل إشكال بين بعض الشبان في ملهى أخر في الكسليك تطور الى اطلاق نار، ما ادى الى اصابة عدد من سيارات السكان المحليين في المنطقة، كما انتشر منذ أيام مقطعا مصورا على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر اشكالا بين شبان امام احد ​الملاهي الليلية​ في منطقة بيروت وانتهى بإطلاق النار في الهواء أيضا مما أرعب "الساهرين".

في وصف لحالات الرعب التي يعيشها الساهرون، تقول لينا (اسم مستعار): "كانت السهرة ولا أجمل حتى وقع اشكال من دون ان نعرف سببه في المحل الذي نسهر فيه في جونيه"، وتضيف للـ"النشرة": "بعد وقوع الاشكال تشنج الجو قليلا الا ان الموسيقى عادت وارتفعت وعدنا للرقص". وتشير لينا الى انه "بعد دقائق، ومن دون أي سابق انذار أخرج احد الرجال مسدسه وراح يطلق النار في الهواء، ولوهلة لم نعرف ما علينا فعله، الاختباء ام الهرب"، لافتة الى ان "حالا من الفوضى عمّت المكان، الناس اختبأت تحت الطاولات، علا الصراخ فوق صوت الموسيقى، وما إنْ هدأ الوضع حتى تمكنا من الخروج من هذا الجحيم"، مشبهة "الوضع بليلة ملهى رينا التركي".

يتواجد رجال أمن الشركات الخاصة أمام النوادي الليلية وفي داخلها، ولكن لا يبدو أن وجود هؤلاء كافيا لمنع دخول الأسلحة الى السهرات، أو حتى ضبط الأمن في محيط مكان السهر، وذلك يفتح الباب واسعا أمام السؤال عن انتشار السلاح الفردي وسهولة حمله، مع أو بدون ترخيص، ومن يتحمّل مسؤولية الأرواح التي تُزهق في مناسبات يفترض بها أن تكون سعيدة.

وفي هذا السياق، اعلنت مصادر امنية للـ"النشرة" ان القوى الامنية في حال جهوزية دائمة للتدخل في حال وقوع أي اشكال في أي ملهى ليلي وتوقيف مسببي الاشكال، مؤكدة ان هناك تنسيق بين القوى الامنية وشركات الأمن الخاصة، داعية رجال الامن او ما يعرف بـ"SECURITY" للاتصال بالقوى الامنية عند الاشتباه بأي شخص، والاهم منع إدخال السلاح والتفتيش الدقيق لمنع حصول ذلك، مشددة على اهمية وجود وعي لدى موظفي هذه الشركات.

رغم تأكيد المصادر الامنية أن الاشكالات واطلاق النار في أماكن السهر لا ترقى الى مستوى "الظاهرة" الا ان كثرة الجرائم في لبنان تعني أمرا واحدا فقط، وهو ان حياة الانسان أصبحت رخيصة في كل مكان وزمان، فمن يقوى على تبرير فقدان الأحبة في حالات مشابهة؟.