يبدو أن اللعبة الانتخابية لن تتجاوز بسهولة السيّئ والأسوأ. ويبدو أن قانون الانتخاب الى أن يغدو ملموسًا والى أن يقول المشرّعون “فول” بعد أن يصبح “بالمكيول” سيبقى أسير سجنَي “الستين” والطائفية...

هي الخلاصة التي بلغها الرئيس نبيه بري بشيبه وبخضرمته. يقف الرجل اليوم شبه عاجزٍ عن اجتراح قانون مخلّص وإن يبدو منتشيًا لتقدّم “النسبي” على ما عداه من الصيغ المطروحة وتحديدًا التأهيلي-الباسيلي.

ألبسه طابعًا شخصيًا

في الكواليس البرتقالية كلامٌ صريحٌ عن دورٍ نكائي يؤديه سيّد عين التينة، مذ أخذ على نفسه التسويق للقانون التأهيلي على أنه قانون باسيل، لدرجة أن الصحافة تناست مضمون القانون وتبنت التسمية: قانون باسيل. يغمز العونيون في سياق حديثهم عن القانون الذي لم يُجهَض بعد من بوابة أن برّي هو من ألبسه الطابع الشخصي وجعل حربه على القانون مبنيّة على كونه طرحًا “باسيليًا” لا على قراءة لما يتضمنه من آليةٍ إنقاذية. وعلى هذا الأساس أرسل بري أمس “لطشةً” قوية الى من يتمسّك بالقانون التأهيلي من خلال توصيفه بأنه سجنٌ أسوأ من سجن الستين كونه يكرّس الطائفية. علمًا أن القانون التأهيلي في مرحلته الأولى كما طُرِح يقوم على انتخاب كلّ طائفةٍ نوابها على أن يعود الانتخاب جماعيًا في المرحة الثانية.

مقترح جديد؟

قد يظنّ بعضهم أن لا حاجة الى تعميق الجراح بدل نكئها، ولكن الأمر يغدو أكثر صعوبةً عندما يكتشف محاول نكء تلك الكلوم الانتخابية أن هناك من لا يزال يشدّ لصالح القانون التأهيلي، أو قلْ هناك من يحاول الالتفاف على القانون النسبي من خلال درس مقترحٍ جديد قائمٍ على صيغة

مختلطة. وفي إلماح الى الوزير باسيل، نفى مستشار الرئيس الحريري نادر الحريري علمه بالأمر، قبل أن تعزز كتلة المستقبل موقفه من خلال دعوتها الى قانون على قياس الوطن.

قانون يوائم بين الطرحين

يتراءى لكثيرين أن التيار الوطني الحرّ بات في محشورًا في “بيت اليكّ”. فمن جهةٍ عليه أن يبرهن أنه ليس ضدّ النسبية الكاملة وهنا يكمن تحديه الأكبر في النقاش المتعلق بالدوائر وفي إبعاد كأس الدائرة الواحدة عن شفاه المسيحيين تحديدًا، ومن جهةٍ أخرى لا يمكنه أن يرتضي بقانون لا يحقق ما لم ينفك ينادي به وهو إنصاف المسيحيين وتمكّنهم من انتخاب نوابهم بأنفسهم. وهنا علمت “البلد” أن المساعي تتركّز على الخروج بقانون يوائم بين الطرحين اللذين ينحصر البحث فيهما على الطاولتين الرئاسية والحكومية.

منعًا للاستفزاز

ليس استشرافًا أو استباقًا لمسار الأمور، ولا تحليلًا أو بناءً على معطيات، بل نقلًا عن الرئيس نبيه بري نفسه، يبدو أن جلسة الخامس عشر من أيار تتجه الى تأجيل شبه حتمي خصوصًا في ظلّ صعوبة الخروج بقانون انتخابي يرضى عنه الجميع في غضون أيام بعدما غدت الجلسة المنتظرة على الأبواب. وعليه، ولربط النزاع وطالما أن المهل الدستورية متاحة حتى 20 حزيران، سيعمد الرئيس بري الى تأجيل الجلسة منعًا للاستفزاز خصوصًا أنها لن تقدّم ولن تؤخّر “تشريعيًا”، كما أنها لن تحظى بميثاقية مسيحية متى قرر خوض غمار عقدها في تحدٍّ صريح لبعض المكوّنات، لا سيما أن تيار المستقبل عقد العزم على التضامن مع المسيحيين الغائبين وعدم المشاركة في أي جلسةٍ لا يحضرها الجميع وعلى رأسهم القوى المسيحية الرئيسة الثلاث.

طارئان...

حتى الساعة، تتجه الأمور الى حلحلةٍ بطيئة الوتيرة، لا سيما بعدما عقّدها أمران طارئان: التفجير الكهربائي بين الحليفين المسيحيين مع إصرارهما على أن البواخر لا تفسد في الودّ قضية وأن القانون الذي يجمعهما لا يسمح لملف آخر بتفرقتهما، علمًا أن القانون التأهيلي لم يكن

يناسب القواتيين وقد أبدوا تحفّظهم عليه لصالح النسبية الكاملة ولكن على أساس دوائر متوسطة لا على أساس دائرة كاملة، وهو المطروح اليوم فعليًا على طاولة النقاش المفتوح لجهة عدد الدوائر وإنشاء مجلس الشيوخ. ومن جهةٍ أخرى، إصرار الرئيس بري على السير بقانونه كما هو من دون “تفلسف” أو إدخال تعديلاتٍ عليه من شأنها أن تشوّهه وتعيد النقاش الى نقطة الصفر بعدما تمكّن برّي نسبيًا من استحضار موافقة الحلفاء والمتوجّسين عليه ومنحهم ضمانات مفادها عدم المسّ بحصصهم في دوائرهم الضيّقة. ولعلّ تلك التعديلات المقترحة هي نفسها “الضوابط” التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية في معرض تناوله قانون الانتخاب، رابطًا بشكل غير مباشر مباركته قانون “النسبية الكاملة” بإيجاد الضوابط الكفيلة بتحقيق الأهداف المرجوّة من اجتراح قانون جديد للانتخاب، أي بمعنى آخر الكفيلة بعدم إبقاء القديم على قدمه.

الـPackage لن يمرّ

لا إضافة بارزة حتى الساعة على القانون المتقدّم على سواه والقائم على نسبية كاملة على أساس ستّ دوائر مع إنشاء مجلس شيوخ. ما بات شبه مؤكدٍ بالنسبة الى التيار أن هذا الـPackage المذيّل بتوقيع بري لن يمرّ كما هو، ولكن ما هو شبه مؤكد أيضًا أن بعض التعديلات الطفيفة والجوهرية - حسب قراءة كل فريق- قد تكون كفيلة بإخراج لبنان من عنق الزجاجة العائمة على بحرٍ من الضغوط والتي لم تجد بعد قبطانًا ينتشلها ويقرأ مضمونها ويوصلها والبلاد الى شاطئ الأمان!