يُدرج ديبلوماسيون خبراء في السياسة الأميركية زيارةَ الرئيس دونالد ترامب المقررة للمملكة العربية السعودية نهاية هذا الأسبوع في إطار سياسته الخارجية الجديدة التي انتقلت من «أميركا أوّلاً» إلى العالم في ضوء تولّي الجنرالات الجُدد مهماتهم في الإدارة الجديدة.

هؤلاء الجنرالات، يقول الديبلوماسيون أنفسُهم، لديهم من خلال خبرتهم سياسة واضحة تجاه الشرق الأوسط، ويوصَفون بأنهم «متنوّرون وليسوا متهوّرين» كالذين كانوا في إدارة الرئيس السابق جورج بوش الإبن، وأنّ «الخيارات العسكرية ليست أولوية لديهم، وإنّما هي آخِر الاولويات ويؤثرون التوصّل إلى الحلول بالطرق الديبلوماسية والسياسية التي تبقى متاحة مهما طال النقاش».

ويؤكّد هؤلاء الديبلوماسيون أنّ سياسة ترامب التي تهدف إلى تحييد إيران عن الأزمات السائدة في الشرق الأوسط، ووقفِ تدخّلاتها في العالم العربي، هو ما سيَعمل عليه في القِمم التي سيعقدها مع قادة المملكة العربية السعودية وقادة دول مجلس التعاون الخليجي والقادة العرب ودول منظمة التعاون الإسلامي.

فترامب لا يريد لإيران أن تملأ مكان «داعش» بعد القضاء عليها في سوريا والعراق وغيرهما، وإنّما يريد لدول إسلامية سنّية أن تملأه، ولذلك فإنه سيتّكِل في ذلك على مثلّث المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا. ومن هنا اختياره للسعودية أن تكون أوّلَ دولة يزورها بعد تولّيه مسؤولياته، ليؤكّد أنّها تشكّل نواة هذا المثلث لملءِ الفراغ بعد إنهاء «داعش»، وذلك انطلاقاً ممّا للممكلة من وزن كبير في العالمين العربي والإسلامي.

ويضيف هؤلاء أنّ ترامب يريد للسعودية ومصر وتركيا أن تكون على الأرض وعلى رأس التحالف في محاربة «داعش»، ولا يريد أن يذهب إلى تعاون مع إيران حتى ولو اشترَت من بلاده أسلحة بمبالغ تفوق أضعافاً مضاعفةً المبالغ التي اشترَت بها السعودية ودول الخليج وتشتري مثل هذه الأسلحة.

على أنّ الأساس في زيارة ترامب للرياض والقمم التي سيعقدها فيها، حسب الديبلوماسيين إياهم، هو إطلاق استراتيجية التدخّل الاميركي الجديدة في المنطقة، بحيث تشمل بؤرَ التوتّر الموجودة فيها والتي ترى واشنطن وحلفاؤها أنّ لإيران تدخّلاً فيها، من سوريا إلى العراق والبحرين واليمن.

ويضيفون أنّ اللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران غير وارد الآن لدى واشنطن، لأن جنرالات الإدارة الترامبية بخِبرتهم الطويلة لا يُحبّذون الدخول في حروب مفتوحة، وإنّما سيعتمدون أسلوب الضغوط السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والعقوبات على إيران لوقف تدخّلاتها في أزمات المنطقة العربية قبل اللجوء إلى أيّ خيار عسكري.

ويشدّد الديبلوماسيون إياهم على أنّ واشنطن تريد من إيران أن تتعامل مع دول الجوار بطريقة مختلفة عمّا هي عليه الآن من تدخّلات عبر الميليشيات وشِبه الحروب، حتى إذا توقّفت عن ذلك تُكافأ اقتصادياً لتصبح دولة ذات اقتصاد كبير في المنطقة، بمعنى آخر يريد ترامب وحلفاؤه من إيران ان تعود إلى المجتمع الدولي بشروطه لا بشروطها، ويرون أنّ هناك مجموعة قيادات في إيران، وعلى رأسها الرئيس حسن روحاني والرئيس السابق محمد خاتمي، ليست مختلفة مع هذه النظرة الدولية إلى ما يجب ان تكون عليه عودة إيران إلى المجتمع الدولي.

وحسب الخبراء في السياسة الاميركية أنفسِهم، فإنّ الإدارة الاميركية تُراهن من خلال قمم ترامب في السعودية على إنهاء التدخّل الايراني في شؤون دول عربية، في موازاة سعيِها لإيجاد حلّ للقضة الفلسطينية التي يتولّى ملفَّها صِهر الرئيس الأميركي، ويبدو أنّ ترامب يرى «أنّ هناك أملاً في تحقيق هذا الحلّ في موازاة إنهاء «داعش» في سوريا.

كيف سيكون التعاطي الأميركي مع الروس في سوريا؟

في رأي الديبلوماسيين أنّ الاميركيين سيضغطون على الروس في نواحٍ عدة، لاقتناعهم بأنّ موسكو لا تستطيع أن تتوسع الى أكثر مما هي عليه في سوريا حتى الآن، فما حقّقته هو بنسبة 90 في المئة ممّا طمحت إليه، إذ بات لها موطئ قدم أقوى ممّا كان عليه أيام الاتحاد السوفياتي، فهناك قواعد عسكرية برّية وبحرية وجوّية، واتفاق تعاوُن طويل الأمد بينهم وبين السوريين، وقد تسلّمت مرافق مهمّة وأساسية في سوريا.

ولذا لن يتردّد الأميركيون في أن يقولوا للروس «فليكن لكم ما أخذتموه في سوريا، ولكن تعالوا لنتعاون على تحييد إيران عنها، وتعالوا لنقضي معاً على «داعش»، ونحن لدينا جيوش تملأ الفراغ على الأرض».