لا يمكن التقليل من خطورة مسار الازمة السياسية القائمة حاليا في لبنان. القضية تتجاوز ​قانون الانتخاب​ات. تؤشر الى أبعاد خطيرة تكمن في النوايا وخلف الطروحات. سفراء أجانب استفسروا في الفترة القليلة الماضية، ودققوا في طبيعة المواقف السياسية اللبنانية ازاء قانون الانتخابات.

لم يخف أحد السفراء المهتمين بتطورات المنطقة وجود رغبة لمسها عند قوى في لبنان بفرض "المؤتمر التأسيسي"، بعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي. يقول السفير نفسه انه سمع معلومات غير رسمية يجري طرحها في مجالس ضيقة، عن سعي قوى سياسية لطرح اعادة صلاحيات لرئاسة الجمهورية من خلال "المؤتمر التأسيسي". لا يرى الدبلوماسي الأجنبي تلك الخطوة سهلة، ولا هو يعطي موقفا حولها. يصر على الإنتظار، بعد أن رفع تقريرا لبلده يعرض فيه طبيعة النقاشات اللبنانية ويصف العجز عن الاتفاق لاستيلاد قانون إنتخابي نيابي.

يؤكد السفير نفسه ان شخصيات مسيحية لبنانية حاولت التسويق لفكرة المؤتمر. ولكن ماذا لو رفض السُنّة التنازل عن أي بند اقره اتفاق الطائف لصالح مجلس الوزراء مجتمعاً؟ عندها يدخل البلد في جدل دستوري مفتوح.

ما سمعه السفير الاجنبي، تردده شخصيات مطّلعة وتستند الى رفع سقف الخطاب السياسي عند رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجيّة جبران باسيل.

لم يطرح التيار البرتقالي فكرة المؤتمر، ولا ينسجم بطبيعة الحال مع افكار التقسيم او الفدرلة. لكن تلك العناوين يتمّ عرضها ضمنا في اللقاءات السياسية الضيقة.

ما هو المخطط في حال فشلت القوى بإيجاد قانون إنتخابي؟.

رفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شعار: لا للتمديد، لا للستين، لا للفراغ. يعني وجود قانون انتخابي آخر حكما. اما والمعطيات لا تبشر بوجود اتفاق، فهل يتم طرح المؤتمر التأسيسي كمخرج؟ قد تكون الغاية منه تطوير النظام السياسي اللبناني. لكن هل الوقت مناسب الآن؟ اذا كانت القوى تعجز عن الاتفاق على قانون جديد، فكيف يمكنها الوصول الى اتفاق حول نظام البلد؟

انها لعبة خطيرة جدا. لا يستبعد مطلعون ان تكون الغاية بعدها طرح الفدرلة. فلماذا الآن؟ .

يعتقد الداعمون لفكرة الفدرلة أن الادارة الأميركية الجديدة قد تُقدم على خطوات داعمة لمشروع فدرالي، في وقت يجري فيه تقسيم المقسّم في المنطقة العربية. يستند هؤلاء الى فرض الكرد وجودهم المستقل في مساحة جغرافية سوريّة، كمقدمة لفرض كانتونهم في شمال سوريا بإتجاه شرقها. كما يستندون ايضا الى ابعاد الصراع الجاري تحت عناوين طائفية في المنطقة. وكأن لكل طائفة او قومية دويلتها وثقافتها. هذا المشروع سبق وان أطلّ في لبنان ايام الحرب اللبنانيّة، يوم طالبت "القوات" بمنطقة مسيحيّة خالصة شمال بيروت.

قد يكون حزب "القوات" تخلى عن هذا الطرح شكلا ومضمونا، فهل التقطته قوى أخرى لطرحه عنوانا قابلا للأخذ والرد؟

اذا كان قانون الانتخاب يحتل مساحة واسعة من النقاش الداخلي علنا، فإن سياسيين ومفكرين بدأوا يتحسبون لطرح عنوان الفدرلة. فلننتظر العشرين من حزيران. إمّا اجراء الانتخابات بقانون جديد، وإما ستخفي الايام مخاطر الطروحات الطائفية، التي تقود البلد من اقتراح مؤتمر تأسيسي، الى شعارات الفدرلة، والتقوقع في مساحات جغرافية تطبيقا لجوهر تقسيمي.