دخلت النقاشات حول قانون الانتخاب في مرحلة الجمود، بعد ان توقفت ماكينة «تفقيص» المشاريع والاقتراحات عند عتبة النسبية، واخذت الآمال تتلاشى تدريجيا بامكانية التوصل الى اتفاق في المهلة التي تفصلنا عن نهاية ولاية المجلس النيابي في 19 حزيران.

واذا كانت الترجيحات اليوم، قد اخذت تتجه اكثر فاكثر نحو العودة الى قانون الستين الحالي، والذهاب الى الانتخابات في ايلول المقبل، فان اياً من الاطراف لا يحبذ تأكيد ذلك، مفضلاً استمرار الحديث عن امكانية الوصول الى اتفاق في اللحظة الاخيرة مع كثير من الدعاء.

ووفقاً للمعطيات المتوافرة فان استراحة قمم الرياض تشكل نوعاً من الفرصة لمراجعة الحسابات على امل استئناف التحركات والمفاوضات الاسبوع المقبل، سعياً الى معالجة التحفظات المتبادلة حول كيفية ترجمة صيغة قانون النسبية.

وقد سألت «الديار» امس مصدراً بارزاً يشارك في النقاشات، عن الجديد حول قانون الانتخاب، فقال: «لا جديد حتى الان، والامور دخلت مؤخراً في مرحلة المراوحة. لكن المؤكد ان النقاشات الاخيرة وصلت الى الاقرار باعتماد النسبية الكاملة، لكنها اصطدمت بالخلافات حول كيفية اعتماد الصوت التفضيلي الذي يشدد التيار الوطني الحر على ان يكون على اساس الارثوذكسي (الطائفي)، بينما يرى آخرون وجوب ان يكون حراً وغير مقيد».

ومع اصرار التيار على التأكيد بان مشروعه التأهيلي لم يسقط، وما زال مطروحا، قال المصدر «المشروع التأهيلي لم يعد له اي مكان في الحسابات والنقاشات لانه لا يحظى بالتوافق او الميثاقية».

ويشير المصدر الى ارتفاع حظوظ العودة لقانون الستين الحالي، لكنه يضيف باننا امام ثلاثة سيناريوهات هي:

1- الاتفاق قبل 19 حزيران على قانون النسبية الكاملة على اساس الدوائر الوسطى (المرجح 13 دائرة). واعتماد الصوت التفضيلي المقيد في القضاء ولكن ليس على اساس طائفي او مذهبي. وهذا الخيار يحتاج الى مبادرة «فوق العادة».

ويشير المصدر انه في حال نجح هذا الخيار، فان البلاد ستذهب الى الانتخابات على اساس القانون النسبي الجديد في اواخر تشرين او في الربيع المقبل، باعتبار اننا بحاجة الى تحضيرات عديدة لتطبيق هذا القانون، تستلزم وقتا اطول من فترة التحضير للانتخابات على اساس القانون الحالي.

2- اما الخيار الثاني فهو اجتماع مجلس النواب في 29 ايار او في الدورة الاستثنائية المرتقبة قبل 19 حزيران واقرار تمديد تقني لثلاثة اشهر مرتبطة بتعديل المهل من اجل اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين الحالي.

3- مبادرة رئيس الجمهورية قبل نهاية ولاية المجلس من اجل العودة لاعتماد الستين واجراء الانتخابات. وهنا تدخل البلاد في الفراغ لشهرين او شهرين ونصف قبل اجراء الانتخابات في ايلول.

ويشير المصدر البارز الى انه في هذه الفترة من الفراغ، يبقى الرئيس بري وهيئة مكتب المجلس، موضحا ان الفراغ سيطاول بطبيعة الحال كل شيء، بانتظار اجراء الاستحقاق الانتخابي.

ويقول المصدر ان هناك اجواء ضبابية للغاية، حول امكانية الدفع باتجاه الاتفاق على قانون جديد، في ظل تمسك الاطراف بمواقفها، وان هناك حاجة لمبادرة غير عادية تحسم الجدل حول الصوت التفضيلي لاقرار قانون النسبية.

ووفقاً للمعلومات التي لديه حتى الان، فان حزب الله لا يتحدث او يلمح الى القيام بمبادرة في هذا الشأن، لكنه يحرص على الاستمرار بالتفاؤل النسبي بامكانية التوصل الى حل قبل نهاية ولاية المجلس.

وفي عين التينة بقي الرئيس بري ملتزماً الصمت، مكرراً امام زواره ان لا شيء لديه ليقوله في شأن قانون الانتخابات على طريقة «رحم الله امرئ اقفل ما بين فكيه، واطلق ما بين كفيه»، مضيفاً ان شهر الصيام قد اقترب.

وتقول المعلومات ان الرئيس سعد الحريري سيستأنف بعد عودته من السعودية التحرك في محاولة للتغلب على الصعوبات في وجه الاتفاق على القانون الجديد، مشيرة الى ان ابرز هذه الصعوبات هو استمرار حديث التيار الوطني الحر عن المشروع التأهيلي، رغم ان النقاشات قد تجاوزته الى قانون النسبية الكامل.

وتضيف المعلومات ان مساحة النقاش اصبحت ضيقة وان الخيار الذي يمكن اعتماده هو قانون النسبية على اساس الدوائر الوسطى، بين 13 و15 دائرة شرط اسقاط فكرة التأهيل او التفضيل على اساس طائفي.

وبرأي مصادر متابعة فان المعادلات السياسية الداخلية لا تحتمل اي تغيير، الامر الذي يفرض اعتماد هذا الخيار الباقي، اي النسبية الكاملة بدل الاستمرار في استهلاك وقتل الوقت.

وعما اذا كان هناك من يراهن على متغيرات في المنطقة بعد قمم الرياض مع الرئيس الاميركي قال مصدر نيابي في حزب الله لـ«الديار»: «لا نعتقد ان مثل هذا الامر وارد عند احد، فاذا كان هناك من يراهن على تحولات فان رهانه ضرب من الجنون، فالتجارب والتاريخ اثبتا عقم وفشل مثل هذه الرهانات، عدا عن ان التوازنات الداخلية اصلاً معروفة، وان مسار الانتخابات النيابية هو مسار عاجل نسبيا، اما الرهان على الخارج فهو مسار طويل، ولا ينقشع بشهرين او ثلاثة او خمسة».

رعد

ولفت امس كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في احتفال في النبطية، ودعوته الى العمل واعادة النظر في المواقف من اجل انجاز قانون للانتخاب ينسجم مع الدستور والميثاقية وتحقق الشروط المطلوبة لقمة التمثيل وعدالته وفاعليته.

واضاف: نحن لا نريد ان نقطع الطريق على احد، بتمثيله او في خياراته وليختر من يشاء، ولكن ما نريد ان يسجله التاريخ، ان الذين يطرحون شعار الهروب من الستين وقانونه، لا ينبغي لهم ان يعودوا زحفاً الى الستين وقانونه.

والامر الثاني، ان اي قانون قد يتم التوافق عليه، نحن ننبه الى ان هذا التوافق يجب ان يسبق تاريخ 20 حزيران، وربما هناك اجتهادات دستورية لا تخشى من الفراغ، وتقول انها قادرة على اجراء انتخابات نيابية في ضوء القانون النافذ اي الستين بعد انتهاء ولاية هذا المجلس، لكن نحن نعتقد ان ضمانة اجراء انتخابات نيابية وفق اي قانون هو استمرار وجود المجلس النيابي، فعندما تنتهي ولاية المجلس نكون قد دخلنا دائرة المخاطر والمنزلقات التي اذا ساء حظ اللبنانيين ربما لا تبقى مؤسسة دستورية ولا مؤسسات حكومية عاملة في البلاد.