نهار التفاؤل، الذي أمضاه اللبنانيون جميعاً وليس السياسيين وحسب، بانتظار إفطار القصر جاءت خاتمته سعيدة... فقد انتهت مرحلة عضّ الأصابع، والكباشات، والمناوشات، والقيل والقال... لتبدأ مرحلة الكدّ والجدّ.

واليوم يمكن القول إن البلاد دخلت، فعلاً، في العدّ العكسي للإنتخابات النيابية بعدما بات ثابتاً وأكيداً أنّ مجلس النواب مدعو طوال أربعة عشر يوماً، (من 7 الى 20 حزيران الجاري، بموجب مرسوم فتح الدورة الإستثنائية الذي وقعه رئيس الجمهورية يوم أمس)، الى إجتماع وإقرار قانون الإنتخابات، فقد نصت المادة الثانية من المرسوم الذي حمل توقيعي الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على الآتي: «يحدد برنامج هذا العقد حصراً بإقرار قانون جديد لإنتخاب أعضاء مجلس النواب».

عليه بات محسوماً أن لبنان أمام مرحلة جديدة في حياته البرلمانية، فالقانون الذي سيُقر سيكون على القاعدة النسبية، صحيح أن مجلس النواب سيّد نفسه وللنواب الحرية المطلقة في توفير أكثرية منهم تقر قانوناً وفق ما تريد... إلاّ أن الأيام الأخيرة التي شهدت هذين الأخذ والرد الكبيرين، إنتهت الى التوافق الذي تحدث عنه، أمس، وزير الداخلية نهاد المشنوق من القصر الجمهوري بتفاؤل كبير... وبالتالي فالتوافق تم على النسبية التي باتت حجر الزاوية في القانون.

وطبيعي أن لكل قانون حساباته. فالقانون على النسبية مثل القانون الأكثري. وبالتالي فمن المنتظر أن تشهد الساحة، ابتداء من يوم غد بالذات بداية اتصالات شاملة يهدف القائمون بها الى ترتيب أوضاعهم الإنتخابية. فالتحالفات لن تكون كما هي مع قانون الستين.

لذلك من المنتظر أن نشهد «تركيبات» إنتخابية من النوع الذي يُقال فيه إنه لا يركب على قوس قزح. وبعضه قد يحمل مفاجآت صادمة.

وعليه يمكن القول إن ما بعد إقرار القانون النسبي لن يكون كما قبله. ولأن النسبية منتظرة فهي لن تفاجىء أحداً. بل إن الإقرار سلفاً باعتمادها يمكن قراءته في ارتفاع حمى الحملات التي أخذنا نعاينها بين فريق وآخر... وهي حملات حامية الوطيس ومرشحة لأن تزداد في طالع الأيام، حتى من قبل أن يصبح المشروع قانوناً كامل الأوصاف.

وتلك هي من أصول «اللعبة السياسية» وقواعدها... ومهما اشتدّت فلا بد من أن تنتهي بانتخاب المجلس النيابي الجديد الذي لن تكون المفاجآت فيه كثيرة، وإن كان محسوماً أن مقاعد عديدة ستخسرها الكتل النيابية كلها، إن في هذه الدائرة الإنتخابية أو في تلك، وهذه حتمية النسبية، إذ يستحيل أن يوجد طرف واحد يمكن أن ينال الإجماع بالنسبية. وفي الرجوع الى نتائج الإنتخابات البلدية يتبين أن أحداً لا يمكنه أن يدعي تمثيل الناس أجمعين، وإن كانت تلك الإنتخابات على «الأكثري»، ولكن ما ناله الخاسرون في الأكثري سيحظون بالفوز بنسبة موازية له في «النيابية» بالقانون النسبي.