إنطلاقاً من الأفطار الرئاسي في القصر الجمهوري في بعبدا، ظهرت معالم الإتفاق على قانون إنتخابي يعتمد النظام النسبي على أساس تقسيم لبنان إلى 15 دائرة، إلا أن بعض القضايا التقنية حالت دون الإعلان عن هذا القانون بشكل كامل حتى الآن.

من حيث المبدأ، أبرز هذه القضايا هي المطالبة بأن يكون هناك حد أدنى للأصوات التفضيلية التي يجب أن يحصل عليها المرشح من أبناء طائفته لكي يفوز بالمقعد النيابي، بالإضافة إلى بعض الأمور الأخرى التي تدخل في الإطار السياسي، منها المطالبة من جانب "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" بتعديل دستوري يضمن المناصفة في مجلس النواب.

أفضل الممكن

حتى الساعة، تشدد مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، على أن مشروع القانون الذي يتم الحديث فيه في الوقت الراهن هو الأفضل بين كل المشاريع التي طرحت في الفترة السابقة، وتشير إلى أن إعتماد النظام النسبي فيه هو أفضل الإيجابيات لكن تقسيم الدوائر طائفياً هو الخيار السيّء.

من وجهة نظر هذه المصادر، لا يجب إدخال المواطنين في تفاصيل الكثير من الأمور التقنية والتنظيمية التي قد تعقد الأمر عليه، لا سيما أن لا علاقة له بها على الإطلاق، فهو سيكون عليه إختيار لائحة مع صوت تفضيل من ضمن لوائح معدّة سلفاً، وتضيف: "حتى الآن النقاشات مستمرة حول ماذا يجب أن تكون اللوائح مقفلة أم لا"، وترجح أن يتم الإتفاق على ضروة أن تكون كل لائحة ممثلة لكل الطوائف.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، لا يمكن حتى الآن الحديث عن حسم النتائج منذ الآن في أغلب الدوائر، نظراً إلى أن العوامل التي تحسم هذا الأمر هي قانون الإنتخاب والتحالفات والمرشحين، وحتى الآن لا أحد يستطيع الجزم بالتحالفات في أغلب الدوائر ولا حتى بالمشرحين عن القوى السياسية.

الدوائر والقوى الفاعلة

على هذا الصعيد يشرح الباحث في الدولية للمعلومات ​محمد شمس الدين​، في حديث لـ"النشرة"، أن التقسيمات الإنتخابية ستكون على الشكل التالي:

في محافظة بيروت دائرتين: الأولى تشمل الأشرفية والرميل والمدور والمرفأ والصيفي، أما القوى الأساسية الفاعلة فيها هي "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" وحزب "الطاشناق" وحزب "الكتائب" ووزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون، ويلفت إلى أنها ستكون ذات طابع مسيحي. والثانية تشمل رأس بيروت عين المريسة ميناء الحصن زقاق البلاط المزرعة المصيطبة الباشورة، والقوى الأساسية الفاعلة فيها هي تيار "المستقبل" و"حركة أمل" و"حزب الله" و"جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية" و"الجماعة الإسلامية"، بالإضافة إلى قوى علمانية أخرى وتيارات من المجتمع المدني.

في الجنوب سيكون هناك 3 دوائر، الأولى تضم النبطية بنت جبيل وحاصبيا ومرجعيون، والقوى الفاعلة فيها هي "حزب الله" و"حركة أمل" و"الحزب السوري القومي الإجتماعي" والحزب "الشيوعي"، بالإضافة إلى بعض العائلات. أما الثانية فتشمل صيدا وجزين، والقوى الأساسية فيها هي "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" وتيار "المستقبل" و"التنظيم الشعبي الناصري" و"حركة أمل" و"حزب الله" و"الجماعة الإسلامية" وآل عا زار وحزب "الكتائب"، في حين أن الثالثة ستضم صور والزهراني والقوى الأساسية فيها هي "حزب الله" و"حركة أمل".

بالإنتقال إلى البقاع، يشير شمس الدين إلى 3 دوائر، الأولى تضم زحلة والقوى الفاعلة فيها هي "الكتلة الشعبية" وحزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" و"حركة أمل" وحزب "الكتائب" والنائب نقولا فتوش، أما الثانية فتضم البقاع العربي وراشيا، والقوى الأساسية فيها تضم تيار "المستقبل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" و"حركة أمل" و"حزب الله" والوزير السابق عبد الرحيم مراد والنائب السابق فيصل الداوود والحزب "القومي"، بينما في الثالثة سيكون الحضور الأبرز لـ"حزب الله" و"حركة أمل" والعائلات.

في الشمال سيكون هناك 3 دوائر، الأولى تضم عكار والقوى الفاعلة فيها هي تيار "المستقبل" والتيار "الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" و"الجماعة الإسلامية" والنائب خالد الضاهر وقوى مؤيدة لما يعرف بتحالف قوى الثامن من آذار، أما الثانية فتضم طرابلس والمنية والضنية والقوى الأساسية فيها هي الوزير السابق أشرف ريفي و"الجماعة الإسلامية" والنائب محمد الصفدي وتيار "المستقبل" ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي و"جمعية المشاريع"، في حين أن الثالثة ستضم زغرتا وبشري والبترون والكورة والقوى الأساسية فيها هي "التيار الوطني الحر" وتيار "المردة" وحزب "القوات اللبنانية" و"الحزب السوري القومي الإجتماعي" والنائب السابق جبران طوق وحزب "الكتائب" والنائب بطرس حرب ورئيس حركة "الإستقلال" ميشال معوض.

بالنسبة إلى محافظة جبل لبنان فهي ستضم 4 دوائر، الأول تشمل جبيل وكسروان والقوى الفاعلة فيها "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب" وعائلات وشخصيات سياسية مثل آل افرام والوزير السابق فريد هيكل الخازن والنائب السابق منصور البون، بالإضافة إلى "حزب الله" و"حركة أمل"، والثانية هي المتن التي ستكون القوى الفاعلة فيها هي "القوات" و"الوطني الحر" والكتائب" و"الطاشناق" والنائب ميشال المر والحزب "القومي"، والثالثة تضم بعبدا والقوى الأساسية فيها هي "الوطني الحر" و"القوات" والحزب "التقدمي الإشتراكي" وحركة "أمل" و"حزب الله" وحزب "الوطنيين الأحرار"، والرابعة هي الشوف وعالية والقوى الأساسية فيها هي "الإشتراكي" و"الوطني الحر" ورئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان" و"القوات اللبنانية" و"الوطنيين الأحرار" وتيار "المستقبل" و"الجماعة الإسلامية".

التمديد أمر واقع

في هذا الإطار، يبدو أن تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي بات أمراً واقعاً، ولو كان ذلك تقنياً، لا سيما أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق كان قد سلم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تقريراً صادراً عن الأمم المتحدة، يشير إلى أن الإدارة اللبنانية لن تكون جاهزة لإنجاز الانتخابات وفق النسبية إلا بعد 7 أشهر على الأقل من موعد إقرار القانون.

ويوضح وزير الداخلية والبلديات السابق ​مروان شربل​، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا المشروع هو الذي كان قد أعدّه أيام الحكومة التي كان وزيراً فيها برئاسة نجيب ميقاتي، ويشير إلى أن أغلب العاملين عليه اليوم كانوا ممثلين في تلك الحكومة باستثناء حزب "القوات اللبنانية"، ويلفت إلى أن التعديلات هي أن تكون الدوائر 15 بدل 13، في حين هو كان قد أعد مجموعة من الإقتراحات في هذا الصدد لكن مجلس الوزراء وافق حينها على 13 دائرة.

ويصف شربل المشروع الذي يتم التدوال فيه اليوم بالجيد، لكنه يعتبر من المهم أن يتم التوافق عليه بشكل نهائي، وينفي وجود تقسيم طائفي للدوائر لأن المعتمدة منها هي الموجودة فعلياً، ويضيف: "لم نضم بعلبك الهرمل إلى صور أو النبطية"، ويؤكد أنها خطوة إصلاحية من خلال إعتماد النظام النسبي.

من وجهة نظر شربل، موضوع تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي بات أمراص واقعاً، ويشير إلى أن هذا القانون تم الإعداد له في العام 2011 ليطبق في العام 2013، واليوم وزارة الداخلية والبلديات تحتاح إلى ما بين 6 أشهر وسنة تحضير لأن تطبيقه يحتاج إلى "مكننة".

في المحصلة، دخل قانون الإنتخاب مرحلة الحسم من خلال الإتفاق الأولي الذي تم يوم أمس في بعبدا على مشروع قانون الـ15 دائرة على أساس النظام النسبي، لكن البعض لا يزال يتخوف من بعض التفاصيل التي قد تعيد الأمور إلى نقطة البداية، بانتظار الجهود التي ستقوم بها اللجنة الوزارية التي تم الإتفاق على تشكيلها برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري.