منذ قرابة الأسبوعين، أي غداة الهجوم في مدينة مانشستر البريطانية، الذي خلّف 22 قتيلاً و59 جريحاً، إثر استهداف مفجّر انتحاري لأطفال وشباب، في نهاية حفل للمغنية الأميركية أريانا غراندي، وصَل إلى فوكسهيل كروس حيث مقر الإستخبارات الخارجية البريطانية المعروفة ب M16 ، تقريرٌ عن أنَّ متطرفين يعيشون في ​بريطانيا​ يُعدّون لعملية إرهابية ثانية قبل موعد الإنتخابات المبكرة في الثامن من حزيران.

***

إطلع رئيس ال M16 أليكس يانغر على التقرير، بعناية فائقة، خصوصاً أنَّ مصدره دولة عربية نافذة تتمتَّع بالصدقية والإحترام، أطلَع السلطات البريطانية على التقرير وأرسل نسخةً منه إلى مدير الإستخبارات الداخلية البريطانية M15 أندرو باركر.

***

لا يُعرَف ما إذا كانت السلطات السياسية البريطانية قدَّرت أهمية ما حصلت عليه من الدولة المرموقة، فهذه الدولة، بحكم أهميتها وموقعها ومعرفتها بخطورة المتشددين والإرهابيين، تُحذِّر حلفاءها منهم، وتزوّدهم بأحدث ما يصل إليها من معلومات عنهم. وما التركيز على بريطانيا إلا لأنَّها عرضةً لهجمات إرهابية بوتيرة متصاعدة وبخسائر كبيرة.

فاعتداء يوم السبت الفائت هو الثالث في أقل من ثلاثة أشهر، حين دهست شاحنة صغيرة 7 من المشاة فوق جسر لندن بريدج، وواصلت الشاحنة الصغيرة طريقها نحو سوق بارا حيث طعن المشتبه بهم عدة أشخاص في المنطقة التي كانت تعجُّ آنذاك بحشود ليلة السبت.

***

صدمة الدهس جاءت بعد أسبوعين تقريباً من هجوم في مدينة مانشستر، واستطاعت السلطات البريطانية التعرّف إلى هوية المفجِّر وهو سلمان رمضان عبيدي، مولود في مانشستر لأبوين ليبيين.

وقبل شهرين من ذلك التاريخ قُتل ستة أشخاص من بينهم المهاجم، وأصيب خمسون بجروح، إثر هجوم إرهابي استهدف مبنى البرلمان البريطاني.

عملية آذار مشابهة لعملية يوم السبت الفائت، حيث صعد المهاجم خالد مسعود بسيارته إلى الرصيف ودهس المارة على جسر ويستمنستر ثم ركض باتجاه البرلمان وطعن شرطياً حتى الموت.

***

ما يدعو إلى الإستغراب هو كيفية التعاطى مع التقارير التي تُحذِّر من الإرهاب المتلاحق، وأحدث تحذير تمَّ قبل سبع ساعات من الإعتداء أي قبل ظهر السبت، لكنَّ المؤشر إلى أنَّ بريطانيا تعاطت بلامبالاة مع المعلومة، أنها لم تشكر الدولة العربية على جهودها في كشف الإعتداء قبل وقوعه.

هذا الإستفسار مردُّه أنَّ الحكومات البريطانية المتعاقبة كانت تعمد إلى إحاطة الأخوان المسلمين والمتشددين، خصوصاً أنَّ مَن هم على الأراضي البريطانية يحملون الجنسية البريطانية، وكم من المراجع والكتب تؤكّد هذه المعطيات منذ عشرات السنين وصولاً إلى اليوم.

من بين هؤلاء جون كولمان وهو مؤلف ومحلل للشؤون العالمية. وكان ضابطاً في المخابرات البريطانية M16، وقد ألف عدة كتب كشف في بعضها كيف أنَّ المخابرات البريطانية على دراية بتحركات الإخوان المسلمين في بريطانيا.

لكن في الفترة الأخيرة التي تمتد لأكثر من سنة، تمكّن الإخوان المسلمون في بريطانيا من الخروج عن السيطرة الإنكليزية، وهذا عائد إلى الحروب المندلعة سواء في ليبيا أو في سوريا، وقد تبيَّن أنَّ البيئة الحاضنة لبعض هؤلاء هي الجالية الليبية في لندن. كما أنَّ هناك بيئة حاضنة هي دولة قطر التي على طريقة براقش، جَنَت على نفسها فلم تأخذ لا بالنصائح ولا بالتحذيرات، ما وضعها في موقع لا تُحسَد عليه على طريقة العزلة.