بسم الله الرحمن الرحيم

الصيام هو الركن الثالث في الاسلام، فرض بعد خمسة عشر عاما من البعثة وذلك في العام الثاني للهجرة في شهر شعبان، بقول الله تعالى "يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".

إن ​شهر رمضان​ المبارك هو شهر الروح بامتياز فالانسان مركب من عنصرين: بشر وطين، إشارة الى حاجات الجسد، ونفخت فيه من روحي، إشارة الى حاجات الروح.

فرائض الصيام: النية أن يكون خالصا لوجه الله والامتناع عن المفطرات المادية والمعنوية، فلا يكتفي الصائم بالامتناع عن الطعام والشراب فقط، انما لا بد من الامتناع عن الاشياء التي تسمم الروح وتلوث العقل وتربك النفس من غش وكذب وغيبة ونميمة وشهادة زور وسوى ذلك، والا تساوى الطفل الصغير مع الرجل الكبير في مسألة الامتناع عن الطعام والشراب.

الصيام هو دعوة انسانية للامتناع عن مسائل كثيرة أدت الى غياب البعد الانساني في حركة الانسان لصالح أبعاد تفرق ولا تجمع وتبعد ولا تقرب، فالانسانية اليوم تعاني من الحروب والانقاسامات وتتوزع على طوائف ومذاهب واحزاب وسواها، والمطلوب من الصيام ان ينفتح الانسان على أخيه الانسان فيمد جسورا ولا يرفع سدودا ويبحث عن المشتركات والساحات المتفاهم حولها وهي دعوة للعودة الى معنى الانسان الحقيقي القائم على الحب والتعاون والتفاهم.

واخيرا توحيد الزمان والمكان حيث يجتمع الكل في وقت محدد للسحور والافطار ويلتقون في المساجد لشكر الله على تعمه التي لا تعد ولا تحصى وتحوّل الجميع الى أسرة واحدة متعاضدة ومتكافلة، عافيتها من عافية بعضها البعض فليس مؤمنا من بات شبعانا وجاره جوعانا، وهناك الزكاة التي هي نعمة عظيمة، حيث يفتح الغني بابا للفقير الى حياة كريمة ولائقة وبالمقابل يفتح الفقير بابا للغني الى الآخرة الحسنة ليكافأ من ربه على تصرفه بالمال الذي وكل اليه على وجه جعله طريقا للتواصل لا للتباعد.

إن شهر رمضان يشكل دعوة للعودة الى الجوهر الإنساني ومحو الفروقات واعتبار الحقيقة واحدة، ولكن تختلف التصورات، معنى أن يصوم العالم لله، ويفطروا على الحب والسلام والتعاون والتكافل.