يقولون أن دمعة الأم على ولدها المظلوم لا تجف أبدا، وهكذا هي دمعة أم حسن المسكوبة على خدّها قبل أيام قليلة تفصل عائلة نايف شمص عن الذكرى الـ12 لرحيل ولدها حسن، الذي قضى تحت عجلات سيارة تابعة للدفاع المدني. إثنا عشر عاما ولا زالت القضية في "زواريب" ​القضاء اللبناني​، ولا زالت العائلة تنتظر عدالة تُنصف ابنها، وتشكل حماية للمواطنين في المستقبل.

لا يمكن ان تكون مسألة تأجيل هذه القضية أمرا عاديا خلال كل الأعوام السابقة، وإن كان عاديا فلا بد من إعادة النظر بالكيان القضائي ككل، ولكن معلوم لدى عائلة شمص أن قضيتهم لم تكن يوما بسيطة، فحسب مصادرهم "ان التدخلات السياسيّة حوّلتها منذ اليوم الأول الى قضية ضخمة، جعلت الادعاءات والأكاذيب سيدة الموقف، وتبادل الاتهامات بين مديرية ​الدفاع المدني​ ووزارة الداخلية في ذروته، بينما تُركت العائلة أسيرة القضاء والسياسة".

"بعد مرور 12 عاما على جريمة قتل حسن نقول لكل من يعنيهم الامر ان مرور الزمن لن يخفف من زخم القضية وحرارة دمها لا بل ان كل يوم يمر يعمّق الجرح ويزيد من رغبتنا بأخذ الحق"، يقول شقيق حسن، الصحافي ​حسين شمص​، الذي يلاحق حقّ اخيه منذ اليوم الاول. ويضيف في حديث لـ"النشرة": "نحن بانتظار أن يكون الحكم الرادع بإسم الشعب اللبناني بحجم الدم المهدور، حكم بمثابة رصاصة رحمة في نعش الفوضى والفساد المستشري في مديرية الدفاع المدني، والذي كان سببا بمقتل حسن وغير حسن وقد يكون سببا بمقتل ابنائنا في المستقبل نتيجة عدم المحاسبة، وعدم اصدار حكم جريء وعادل بحق كل من تسوّل له نفسه الاستخفاف بدماء الناس والاستهتار بمؤسسات الدولة".

منذ أيام أقدم كلّ من حمزة وعلي وصادق زعيتر على اطلاق النار على اسماعيل زعيتر أمام منزله في رياق، أخذا بثأر أخيهم الذي قتله اسماعيل منذ 14 عاما، فجاءت القضية لتضيء مجددا على تقاليد قديمة ولجوء أهل العشائر لعمليات الثأر، وهذا ما يطرح السؤال التالي: "ماذا سيقول القضاء في جلسة الثلاثاء المقبل، بعد 12 عاما لعائلة شمص، هل سيؤكد لها أن رهانها على الدولة العادلة والحاضرة بقوة القانون كان صحيحا وأنها تعطي كل صاحب حق حقّه، ام سيظهر لهم أن انتظارهم الانصاف من الدولة كان وهمًا وسرابًا"؟. في هذا الاطار يقول شمص: "عندما نتحدث عن قضية الشهيد ​حسن شمص​ لا نتطرق اليها من منطلق شخصي فحسب فهي قضية رأي عام ايضا، ونحن كعشيرة شمص لم نلجأ حتى الساعة الى الثأر ممّن تسبب بارتكاب الجريمة، بل لجأنا الى قضاء الدولة ولا زلنا ننتظر العدل والانصاف من قبل قاضٍ جريء وعادل، وضعنا دمنا بين يديه فاذا لم يحكم بالعدل فهو لن يكون متهاونا فقط، بل يخذل شعبا لن يعرف مصير أولاده على الطرقات أمام سيّارات الدفاع المدني التي تسير من دون رخص قيادة".

ويضيف شمص: "لماذا تأخر القضاء عن إصدار حكم رادع على مدى 12 سنة رغم الادلة الدامغة والاعتراف من قبل من ارتكب الجريمة"؟، مشيرا الى أن هذا الاستحقاق اليوم يأتي في ظل تفاقم الجريمة والقتل والثأر الذي ما زال يُنفذ بين الحين والآخر، دون تكبد المعاناة بالانتظار لعشرات السنوات ومواجهة الضغوط والتهديدات كما حصل مع عائلة الشهيد حسن شمص.

ان القضاء اللبناني هذا الأسبوع أمام استحقاق كبير لتحصين كرامة وحياة الانسان ومنع الاستهانة بها، وذلك لا يتمّ إلا بإحقاق الحقّ وإصدار الأحكام الرادعة التي تعزز ثقة المواطن بقضائه ودولته، وهكذا تُبنى الدول، وتبقى الكلمة الفاصلة للقضاء اللبناني الذي يحكم بإسم الشعب.