يأمل اللبنانيون أن يكون ما حدث، أمس، في مخيّمات جرود عرسال للنازحين السوريين، مقدّمة طبيعية لإنهاء الحال المرضية القائمة في تلك المنطقة والتي تحوّلت إلى علّة في الجسم اللبناني.

أولاً - إنّ استمرار الوجود الإرهابي المسلّح في جرود عرسال هو، بحد ذاته، حال من الخطر المستدام الذي يصرف إهتمام الجيش اللبناني والدولة والوطن عموماً الى شأن الجرود في حين أننا في غنى عن هذا الإستنفار وما يترتب عليه من ثمن غال جداً في الشهداء والجرحى وأيضاً في التكاليف المادية الضخمة.

ثانياً- إنّ هذه الحال المرضية تشكّل اليوم وغداً (كما شكّلت منذ نشوئها حتى اليوم) مسرحاً للإرهابيين وطبعاً بؤرة حاضنة لهم في المخيمات... وبالتالي أداة جذب للمضلّل بهم من الشباب اللبناني (والسوري بالطبع) وهذا الخطر يجب إستئصاله بالضرورة القصوى الملحّة.

ثالثاً - لقد دفعت عرسال البلدة الكثير، والكثير جداً، بسبب هذا الوجود الموبوء المزروع في جرودها، والمنسوبة اليها رقعة تواجدها. فمنذ سنوات وعبارة «جرود عرسال» على كل شفة ولسان. وقد دفعت عرسال العشرات من أبنائها الذين سقطوا شهداء على أيدي العصابات الإرهابية، كما سقط لها العشرات من أبنائها المغرّر بهم. ثم انها دفعت من إقتصادها وازدهارها وأمنها. وفقدت مقداراً من طيب علاقة حسن الجوار التاريخية بينها وبين البلدات المحيطة بها. وعرسال هي (كانت وهي اليوم يجب أن تبقى) البلدة اللبنانية الأصيلة ذات الولاء الوحيد للبنان... والذين لا يعرفون عرسال، وخصائلها الحميدة، ووطنيتها الصادقة، وإيمانها الصلب باللّه ولبنان ليلتقوا أي مواطن من أبنائها، ليدركوا الحقيقة... أو فليسألوا العميد شامل روكز الذي عندما يتحدث عن عرسال بمحبة وصدق، تقول أنه أحد أبنائها... وهو الذي عرفها شعباً وأرضاً منذ أن كان في الجيش.

رابعاً - لايزال جرح ذلك اليوم الأسود من آب ينزف دماً طهوراً، وينزف شهداء أبراراً للجيش وقوى الأمن الداخلي، وينزف حرقة على سوء التصرّف (ولا نستخدم حالياً أكثر كما لا نستخدم كلمات أكبر وأخطر)... نقول سوء «التصرف» بالسماح للإرهابيين بأن يغادروا عرسال وفي صحبتهم العسكر والأمنيون... وهي حادثة ما وقع ولن يقع مثلها في تاريخ الحروب والمواجهات بين الأعداء.

خامساً - إن معاناة أهالي العسكريين الذين لا يزالون في الإختطاف هي من النوع الذي لا يتحمله إلاّ الأبطال... وقد تحمّلوها. وفي تقديرنا أنه آن الأوان لكي تنتهي معاناتهم مهما كانت الحقيقة قاسية... ونحن نتمناها بالطبع مريحة... ولكن الأمر ليس في يدنا!

سادساً - إن الإبقاء على التكفيريين في جرود عرسال يعني الإبقاء على خنجر مغروز في الجسم اللبناني. وهذا لا يتحمله أي جسم بقدر ما حمل لبنان ولا يزال يحمل. لذلك فإننا نشدّ على يد القائد الفعّال (وغير الإستعراضي) العماد جوزيف عون، وندعوه الى مبادرة تستعيد تلك المنطقة اللبنانية العزيزة من خاطفيها الإرهابيين... والآن... الآن... وليس غداً يا جنرال.