هل يريد اللبنانيون اعادة النازحين السوريين الى بلادهم؟ لِمَ لا؟! العودة هي المسار الطبيعي المطلوب. بقاء السوريين في مخيماتهم الممتدة على مساحة لبنان هو المشكلة. لو سألنا النازحين انفسهم عن العودة، أتى الجواب موافقة شبه جامعة، رغم الدمار الذي حلّ بعدد كبير من المناطق السورية. لكن نقل المخيمات الى الارض السورية الآمنة وتحويل المساعدات الانسانية الاممية الى هناك، يسمح بإستعجال مرحلة الاعمار، واجبار العواصم على تقديم المزيد من الدعم المادي الفوري عبر الحكومة السوريّة والمنظمات الدولية. يفوق عدد النازحين السوريين في لبنان المليوني نسمة. الغالبية العظمى منهم تنتظر معونات ​الامم المتحدة​ شهريا. يعيشون هواجس امنية مستمرة وقلقا مما يحمله لهم المستقبل. لا تطمئنهم مساعدات دولية آنية يمكن أن تتوقف بحسب الظروف، كما حصل بين "الاونروا" واللاجئين الفلسطينيين. الضمانة الوحيدة هي العودة الى سوريا. هناك كلفة الحياة اقل، شرط بقاء المساعدات الاممية قائمة، لحين ضخ الاموال للبدء بإعادة الإعمار، وما تتطلبه من استخدام اليد السورية العاملة.

لو نظمت الامم المتحدة احصائية سألت من خلالها النازحين عمن يرغب بالعودة الى سوريا، لجاءت الاجوبة فورية شاملة تطلب العودة شرط بقاء المعونات. فلنأحذ اكبر المخيمات في لبنان الموجود في ​عرسال​ البقاعية. هل يرتاح النازحون الآن؟ الجواب: لا. لِمَ؟ الاسباب بالجملة: الوضع الأمني القلق، وممارسات قلة من النازحين تشوّه المشهد العام. التوتر ازداد بين الفصائل في ​السلسلة الشرقية​ اللبنانية فإنعكس في مخيمات عرسال. كان لا بد للجيش اللبناني من التدخل. مجرد ترك المخيمات مساحة حرية لارهابيين ومطلوبين تغلغلوا بين النازحين، يعني رهن المخيمات للتطرف و​الارهاب​.

معلومات استخباراتية حذرت من تمدد الارهابيين، واتخاذ المخيمات منصات للحرب ضد اللبنانيين. كان لا بد من أن يتدخل الجيش لتصويب الامور. ربما تأخر ايضا. كان يجب ضبط المخيمات منذ تأسيسها، كما فعلت تركيا و​الاردن​، ودول أخرى.

مجرد التصويب على ​الجيش اللبناني​ ومهاجمته اعلاميا، يعني ملامسة الخيانة العظمى. لماذا؟ مداهمات الجيش في المخيمات تعزز تنظيف تلك المساحات من الارهابيين. يستفيد هنا النازحون قبل الامن في لبنان. ثم تأتي خدمة جوهر المشروع الدولي، العربي، الإقليمي، الانساني لمحاربة الارهاب والحد من تمدده.

اذاً، الجيش اللبناني لم يخطىء. هو نفذ سياسة لبنانية معتدلة. لا، بل قام بخدمة مصالح لبنانية، لم يراع فيها لا عاصمة ولا قوى نافذة، بل كان الهدف هو حماية ​الدولة اللبنانية​ لا غير.

سيبدأ النقاش العملي الآن عالمكشوف لاعادة النازحين. هنا يبدو الحل للبنانيين محصورا بالتنسيق اللبناني مع الامم المتحدة وسوريا. لا يمكن وضع الفيتو على اي طرف. المعادلة تغيرت، وباتت دمشق ممرا اساسيا لاعادة النازحين الى بلدهم.

الرهان على اسقاط النظام مضى، وانتهت صلاحية الشعارات الفضفاضة. المصلحة اللبنانية تفرض التنسيق مع الجهات المعنية وفي مقدمها دمشق لاعادة نازحين.

المعلومات تفيد ان لبنان سيترجم نهجا سياسيا بشأن النازحين اكثر انسجاما مع الواقع. سيلعب رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ دوره مع الرئيس السوري بشار الاسد. سيبقى الجيش اللبناني يقوم بدوره ايضا لمنع اي انفجار، وبالتالي حفظ الأمن. لن تؤثر الحملات الإعلامية على الجيش سوى مزيد من الالتفاف الشعبي حوله. المرحلة المقبلة عامرة. والعنوان: اعادة النازحين السوريين الى بلدهم.