جددت مصادر لبنانية رسمية، عبر صحيفة "الحياة"، التساؤل عما إذا كان تلويح "​حزب الله​" والإعلام القريب منه بعملية عسكرية في ​جرود عرسال​ هدفه التمهيد لتنفيذ هذه العملية، أو أنه للضغط على قادة المسلحين المتمركزين في الجرود من أجل تفعيل المفاوضات معهم من أجل تأمين انسحابهم منها إلى مناطق أخرى، في وقت شهدت عرسال اجتماعا بين فاعلياتها اللبنانية وممثلي المخيمات السورية فيها (116 مخيماً للنازحين) تهيؤاً لأي احتمال.

وإذا أشارت معلومات متفرقة إلى أن هذا التلويح من الحزب أدى إلى استئناف التفاوض لتحقيق هذا الهدف، فإن المصادر اللبنانية الرسمية جددت القول إن من ينوي تنفيذ عملية عسكرية من هذا النوع لا يعلن عن توقيتها، تارة منتصف الشهر وتارة بعد أسبوعين... ما جعل المصادر ترجح أن يرمي هذا الأسلوب إلى الضغط على قادة "جبهة النصرة" (فتح الشام) وغيرها من أجل التفاوض الذي جرى تفعيله بعد هذا التهديد، وشهد خلافات بين قادة المسلحين أخرت التوصل إلى نتائج عملية حتى الآن في شأن انتقالهم.

وتحدثت المصادر عن إرباك لدى "حزب الله" والجانب الإيراني أيضاً في الداخل السوري، نتيجة الاتفاقات الروسية الأميركية على إقامة المنطقة الآمنة في جنوب غربي سوريا، مع إمكان تمدد هذا الاتفاق إلى مناطق أخرى. وهو امر يلعب دوراً في ما يجري تسريبه عن جرود عرسال، بالإضافة إلى الإرباك لدى قادة المسلحين في الجرود.

ورأت مصادر أخرى معنية بالموقف الحكومي من الوضع في جرود عرسال أن رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ أكد معارضته قيام "حزب الله" بعملية عسكرية، لأن الموقف الحكومي واضح وهو أن أي عمل عسكري يجب أن يكون مناطاً ب​الجيش اللبناني​ ولا أحد سواه، وأن هذا هو سبب تأكيد الحريري الإثنين الماضي أن الدعم للجيش غير مشروط وبالتالي لديه التغطية الشاملة لأي عمل يقوم به.

وتشير المصادر ذاتها الى أن وضع الأمر في عهدة الجيش يعني أنه هو الذي يقرر الظروف الميدانية التي تتيح له تنفيذ العملية أو عدم تنفيذها، وفق حسابات عسكرية. ولاحظت المصادر أن الجيش اتبع أسلوباً ظهرت له نتائج إلى الآن، إذ إن بعض المعلومات يفيد بأن عدد المسلحين في الجرود العرسالية كان قبل 3 سنوات 3 آلاف بينما الآن يناهز الـ500 ويمكن الاستنتاج أن الوقت كان كفيلاً باستنزافهم في ظل الظروف القتالية والمناخية القاسية.

ولكن المصادر المعنية بالموقف الحكومي تعتبر أن التلويح من "حزب الله" بتحريك جبهة جرود عرسال له وظيفة سورية صرفة وليست لبنانية، وهو بهذا المعنى رسالة إيرانية إلى الجانبين الأميركي والروسي بأنه على رغم الاتفاقات بينهما على إقامة مناطق آمنة فإن طهران تريد التأكيد أن بإمكانها أن تخطط وتنفذ عمليات ميدانية وتبادر بمعزل عن الدولتين الكبريين، وأن موسكو وواشنطن لا يمكنهما صوغ الاتفاقات من دون أخذ مـوقف إيران في الحسبان.

وتلفت المصادر إياها إلى أن العملية العسكرية التي يلوح بها الجانب الإيراني عبر الحزب، إذا حصلت فهي ستتم من الأراضي السورية وضد مسلحين سوريين وفي منطقة حدودية متنازع عليها بين لبنان وسوريا، ويعتبرها النظام السوري سورية منذ أن طالب لبنان بترسيم الحدود بين الدولتين، في حين امتنع النظام السوري عن القبول بالترسيم حين طرحه لبنان قبل سنوات.

وتؤكد المصادر المعنية بالموقف الحكومي أن التفاوض بين "حزب الله" وبين المسلحين التابعين للتنظيمات المتطرفة الموجودة في جرود عرسال يتم أيضاً في سوريا ولا علم ولا دور للبنان فيه.