كشفت إجراءات سلطات الإحتلال الإسرائيلي ضد المسجد الأقصى، بأن هناك مخططاً قديماً جديداً تقوم بتنفيذه مستغلة أية ظروف.

وتجلى ذلك بالتقسيم المكاني بعد التقسيم الزماني بين المسلمين واليهود، كما جرى في الحرم الإبراهيمي في الخليل.

وأيضاً السيطرة على المسجد الأقصى بكل تفاصيله، في سابقة خطيرة ضاربة بعرض الحائط الوضع القائم منذ احتلال المدينة المقدسة في حزيران 1967.

ممارسات الإحتلال باتت تستوجب تحركاً عربياً واسلامياً ودولياً، لوقف الإجراءات التعسفية، وليس الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة.

وأمس حاولت سلطات الإحتلال تكريس الواقع الجديد من خلال وضع بوابات الكترونية عند مدخل بابي الأسباط والمجلس، اللذين قررت فتحهما من أصل 6 أبواب للمسجد كانت مفتوحة، وأيضاً تحديد أعداد المصلين بـ5 آلاف ومن كبار السن - أي فوق 40 عاماً، وأن يغادروا بعد الانتهاء من الصلوات، مع السماح لليهود والسيّاح بالدخول إلى باحات الحرم القدسي.

هذه الخطوة، قوبلت برفض الفلسطينيين تكريس أمر الواقع، مطالبين بالعودة إلى ما كان قائماً قبل يوم الجمعة الماضي.

وباتت الخطوات التصعيدية، التي باشر بها الإحتلال ضد المسجد الأقصى والمقدسيين، تنذر بعواقب وخيمة من انفجار يتجاوز المدينة المقدسة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، والعالمين العربي والإسلامي.

المسجد الأقصى دون صلاة ولا مصلين، ومنعٌ للآذان منذ يوم الجمعة، في خطوة أولى منذ عقود من الزمن، وإن سُمع أذان العشاء أمس الأوّل داخل المسجد الأقصى، لكن لم يُعرف كيف حصل ذلك.

وإستغل جنود الإحتلال العملية التي نفذها ثلاثة من أبناء عائلة الجبارين، يحملون الاسم ذاته محمّد، من مدينة أم الفحم، داخل الخط الأخضر، ويحملون الهوية والجنسية الإسرائيلية، حيث نفذوا أوسع حملة تفتيش داخل المسجد شملت كافة غرفه وقاعاته وآبار المياه وقبة الصخرة الشاهدة على معراج الرسول محمّد (صلى الله عليه وسلم) إلى السموات العلى، وكسر الأقفال ومصادرة مفاتيح الأبواب وإجراء تحقيقات مع عدد من موظفي الأوقاف، وإبلاغهم عدم الحضور إلى الأقصى لدى فتحه.

وأمس رفض المقدسيون الدخول إلى المسجد بالإجراءات الإسرائيلية، فأدوا الصلوات في الشوارع والأزقة المؤدية إلى المسجد الشريف.

وتجمع آلاف المقدسيين عند مداخل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأحيوا قيام الليل، مساء أمس عند مداخل المسجد الأقصى.

ومنعت قوات الإحتلال أمس، جنازة أحد المواطنين من دخول الأقصى للصلاة على جثمانه، حيث اعتدت على المشيعين لدى وصولهم إلى باب الأسباط بالهراوات والضرب بالأيدي والركل، ما تسبب بإصابة العديد منهم بكدمات ورضوض.

وقد كشفت "عملية الجبارين الثلاثة" "هشاشة" إجراءات الإحتلال المشددة في المدينة المقدسة، خاصة الدخول إلى المسجد الشريف حيث:

- لم يتم رصد أي معلومة عن المجموعة التي نفذت العملية، سواء خلال تدريبهم على استخدام السلاح أو توفّر معلومات عن الهدف وموعد التنفيذ، حتى أن وحدة الإعلام الاجتماعي في الوحدة 8200 في الاستخبارات الإسرائيلية المكلفة بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي لم تتمكن تتبع التعليق الذي وضعه الشهيد محمد حامد جبارين عبر صفحته الشخصية على "فايسبوك" قبل تنفيذ العملية بوقف قصير، وفيه: "وإبتسامة الغد أجمل بإذن الله"، وأرفقها بصورة له مع الشهيد محمّد أحمد جبارين داخل ساحات المسجد الأقصى.

- وأيضاً أن منفذي العملية أبناء العمومة الثلاثة هم من مدينة أم الفحم، داخل الخط الأخضر ويحملون الجنسية والهوية الإسرائيلية، ولا نشاط سياسي لهم سابقاً، ومنطقة إقامتهم وتنفيذ العملية تحت إجراءات أمن الإحتلال.

وشكلت العملية صدمة للإحتلال، لأن المنفذين حددوا الزمان والمكان والتنفيذ وأسلوبه ودون أي خلل (تزامناً مع الذكرى السنوية الـ11 للعدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006).

وتتركز التحقيقات الإسرائيلية حول:

- كيف حصل المهاجمون على الأسلحة، وهل أدخلوها معهم إلى الحرم أم كانت مخبأة في أماكن داخله؟

- من زوّد المسلحين بالسلاح والمال؟

- أين تدربوا؟

- كيف تجاوزوا إجراءات الإحتلال الأمنية في محيط الحرم، حيث ينتشر أفراد الشرطة!

لكن هناك تحذيرات إلى سلطات الإحتلال دعت إلى ضرورة احتواء أي تدهور، حيث اضطر رئيس وزراء الإحتلال نتنياهو إلى الإعلان عن إعادة فتح المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين، والسماح لليهود والسواح اعتباراً من ظهر الأحد، على ان يتم رفع السماح التدريجي للمصلين المسلمين، إنما مع إجراءات أمنية مشددة من خلال وضع كاميرات مراقبة خارج المسجد، تراقب كل ما يدور داخل الساحات وعلى الأبواب، ووضع ماكينات وبوابات فحص آلية، على الأبواب، واتخاذ إجراءات أمنية أخرى.

وأكد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان أن "السيادة على المسجد الأقصى لدولة إسرائيل، وليس مهماً موقف الدول الأخرى"، وذلك في معرض رده على الانتقادات التي وجهها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

وقد بدأت سلطات الإحتلال استغلال عملية القدس، حيث صادقت اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريعات أمس على مشروع قانون ما يسمى "القدس الموحدة"، الذي سيسمح بعرضه على الكنيست الإسرائيلي للتصويت عليه ويهدف إلى تعديل قانون أساسي في الكنيست بهدف الإبقاء على مدينة القدس تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، وعدم التنازل عن جزء منها، ولمنع تقسيم القدس في أي مفاوضات قادمة مع الجانب الفلسطيني وبقائها عاصمة موحدة للكيان الإسرائيلي.

وينص المشروع الجديد على "أي تنازل عن أي جزء من مدينة القدس، لأي جهة كانت، بحاجة إلى موافقة 80 عضو كنيست"، فيما القانون الأساس المعمول به حالياً كان يحتاج فقط إلى موافقة 61 عضو كنيست من أصل 120 عضواً.

وكان قد تقدّم بالمشروع وزير التعليم زعيم "البيت اليهودي" نقتالي بينت وإتفق مع ما يسمى وزير شؤون القدس زاف الكين من حزب "الليكود".

ورفضت الهيئات والفاعليات الشعبية ومؤسسات القدس، أمس، كافة الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة التي تحاول فرضها قوات الإحتلال بالقوة داخل المسجد الأقصى وباحات الحرم الشريف والبلدة القديمة في القدس المحتلة.

جاء ذلك خلال اجتماع وصف بالهام، عقد في مكتب نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول بحضور مفتي الديار المقدسة الشيخ محمد حسين، ونائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو ووزير القدس المحافظ عدنان الحسيني وقادة أمنيين وقيادات فتحاوية.

وأطلع العالول الحضور على الاتصالات التي قامت بها القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس "أبو مازن" لمنع أي محاولات من قبل الإحتلال تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.

ودعا الحضور جماهير شعبنا في الوطن والشتات والأمة العربية و الإسلامية للتحرك الفوري والسريع على المستوى الرسمي والشعبي لمواجهة سياسات ونوايا الإحتلال ضد المسجد الأقصى والقدس.

وفي تطوّر هام، أقدمت قوات الإحتلال فجر أمس على اغتيال الشاب الفلسطيني أحمد لطفي طراوي (34 عاماً) من قرية كفريين - غربي مدينة رام الله، وذلك أثناء تواجده في منزل زوج شقيقته في قرية النبي صالح، الذي أصيب أيضاً واعتقلته قوات الإحتلال ونقلته إلى جهة مجهولة.

كما أقدمت سلطات الإحتلال على مصادرة مركبة والد الشهيد عمر عرفات الزعاقيق، منفذ عملية دهس على مدخل بيت أمر - شمال الخليل، في العام 2015، والتي أدت إلى إصابة 5 جنود إسرائيليين بجراح.

وصادر جنود الإحتلال الأموال التي بحوزة الوالد وسيارته الخاصة من نوع "كيا براند" التي تبلغ قيمتها 20 ألف دولار أميركي بذريعة تلقيه أموالاً من حركة "حماس".