يغادر رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بيروت بداية الاسبوع المقبل الى واشنطن على رأس وفد وزاري رفيع المستوى يضم قائد الجيش العماد ​جوزيف عون​ ووزيري الدفاع وشؤون النازحين يعقوب الصراف و​معين المرعبي​، والذين تقع مسؤولية الامن والنازحين ضمن صلاحياتهم .

في هذا الاطار، رأت مصادر سياسية متابعة لهذين الملفين ان الشؤون الأمنية التي يتولاها ​الجيش اللبناني​ والمساعدات العسكرية الأميركية للمؤسسة العسكرية تحظى بموافقة جميع القوى السياسية والحكومية، وهي تتم بشكل يعزز قدرات القوات المسلحة اللبنانية للدفاع عن الحدود ومواجهة التكفيريين في ​جرود عرسال​ وفي الداخل اللبناني، وان المباحثات اللبنانية-الاميركية في واشنطن ستتطرق الى هذا الملف، حيث من المتوقع ان يحصل الجانب اللبناني على الدعم الاميركي في هذا الإطار .

وترى المصادر ان هناك بداية خلاف داخل الحكومة حول طريقة مقاربة ملف النازحين السوريين، حيث يرى البعض انه يجب على السلطة اللبنانية التواصل مع النظام السوري، في ما يرى فريق آخر ان معالجة هذه المعضلة تتم عبر ​الامم المتحدة​ والمنظمات الدولية .

وتعتقد المصادر انه بغض النظر عن نتائج لقاء الوفد اللبناني مع المسؤولين الأميركيين حول هذا الملف فمن المفيد ان يأخذ الوفد على محمل الجد عددا من الاعتبارات المتعلقة بهذا الملف، ليرسم خريطة ما يتوخاه من المساعدات الاميركية لحل مشكلة النازحين .

تضيف المصادر انه في هذا السياق اعلن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ان ما يقارب من نصف مليون سوري عادوا او اعيدوا الى بلادهم في كانون الثاني وأيّار من العام الجاري، مبديًا تفاؤله ازاء احتمال عودة الملايين من اللاجئين في دول الجوار اذا ما تعزز السلام والاستقرار في ​سوريا​.

واللافت ان المنظمات الدولية تطلق على السوريين الذين يتركون بلادهم نتيجة النزاع، صفة لاجئ، بينما لبنان يعتبرهم من النازحين وهناك فرق كبير بين هاتين الصفتين، على الاصعدة كافة.

غير ان بعض المراقبين، وبحسب المصادر، يتحفظ على هذه النظرة التفاؤلية حول إمكانية عودة السوريين الى بلادهم حتى ولو اصبح حلم السلام الخيالي حقيقة واقعة .

ويلفت المراقبون الى وجود دراسة اجرتها "جامعة القديس يوسف" في بيروت قدّرت أعداد اللاجئيين السوريين بأقل مما هي عليه بنسبة 23 في المئة من العام 2016 .

اضافة الى ذلك، هناك المساعدات الانسانية التي تقدمها ​مفوضية اللاجئين​ للنازحين السوريين في لبنان والعديد من المنظمات غير الحكومية لتمديد فترة إقامتهم فيه، حيث تتم تغطية الطعام والرعاية الصحية الى حد كبير، ويوافق السوريون على العمل لقاء اجر أدنى من ذلك الذي يتلقاه اللبنانيون ولا يصرحون عن دخلهم بخلاف اللبنانيين .

وتابع هؤلاء المراقبون انه في شمال وشرق لبنان حيث يتمركز النازحون يموّل ​البنك الدولي​ بناء الطرق الريفية لاستحداث فرص عمل للنازحين مع الاستثمار في البلد المضيف ايضا .

والمعروف ان العقبة الرئيسية امام عودة السوريين الى ديارهم تتمثل في انعدام الأمن وخوف الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٤٥ عاما من تجنيدهم في صفوف الجيش السوري او جماعات المتمردين او قوات سوريا الديمقراطية، وفقا لمكان إقامتهم، اضافة الى فساد بعض المسؤولين المحليين السوريين الذين يرغمون الرجال على دفع خوّات مالية لتفادي اعتقالات تعسفيّة، حتى ولو كانت علاقاتهم جيدة مع السلطات السورية .

ويعتبر المراقبون ان وضع النازحين في لبنان غير مرضٍ الى حد ما، لكنه افضل بكثير مقارنة بالعديد منهم في دول اللجوء الأخرى. أما بالنسبة الى المجتمع الدولي فتبقى المعضلة في انه بينما يعمل على توفير المساعدات للتخفيف من معاناتهم، الا انه قد يرسل إشارات مضللة الى النازحين فيما يتعلق بمستقبلهم .

ولفت المراقبون الى ان آخر استطلاع اجرته مفوضية اللاجئين بيّن ان 6 في المئة فقط من النازحين يريدون العودة الى بلادهم في المستقبل القريب، في حين قال 8 في المئة انهم لن يعودوا أبدا، كما ان ثلاثة ارباع هؤلاء في حال من التردد .

وخلص المراقبون الى اعلان أملهم في ان تتفهم واشنطن المشاكل التي تعترض لبنان لتسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم في ظل العوامل المعقدة التي تعرقل مثل هذه المهمة .