تشخص الأنظار اليوم إلى مدينة ​القدس​ المحتلة، وتحديداً المسجد الأقصى المبارك، حيث يلبّي الفلسطينيون دعوة "شد الرحال" إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في "جمعة التحدي نصرة للأقصى"، شجباً لممارسات الإحتلال التعسّفية، خاصة بوضع البوابات الإلكترونية عند بابَيْ الأسباط والمجلس، مع إقفال البوابات الأخرى المؤدية إلى الحرم القدسي الشريف.

"يوم الغضب" والنفير دفاعاً عن الأقصى، حشد له المقدسيون والفلسطينيون، فيما استنفرت قوّات الإحتلال، وقرّرت قيادة الجيش الإسرائيلي وضع 5 كتائب من الجيش في حالة تأهّب عالية، وإلغاء إجازات الجنود، وذلك بعد اجتماع عقدته أمس لتقدير الموقف، نظراً إلى تدهور الأوضاع.

ولليوم الخامس على التوالي واصل المقدسيون رفض إجراءات الإحتلال بوضع بوابات إلكترونية على بابي الأسباط والمجلس، واستمروا في اعتصامهم، وأدّوا الصلوات على الإسفلت في محيط الأقصى.

وخلال أداء صلاة المغرب أمام باب الأسباط، وقعت مواجهات عنيفة بين المصلين وجنود الإحتلال، الذين أطلقوا الرصاص الحي والرصاص المطاطي، والقنابل الصوتية والدخانية والمسيّلة للدموع، ما أدّى إلى إصابة 42 مواطناً فلسطينياً في المواجهات، نُقِلَ منهم 36 مُصاباً إلى "مستشفى المقاصد" في القدس، إثنان منهم وُصِفَت حالتاهما بالخطيرة للإصابة في الصدر، حيث حاولت قوّات الإحتلال اقتحام المستشفى، فأغلق الشبان أبوابها، وبين المصابين أيضاً 4 من طواقم "الهلال الأحمر الفلسطيني".

وعلى الرغم من محاولات الإحتلال منع وصول المواطنين إلى باب الأسباط، إلا أنّ المعتصمين أدّوا صلاة العشاء هناك.

وسُجل تزايد في عدد المعتصمين أمام أبواب المسجد المبارك، على الرغم من إجراءات الاحتلال المشدّدة، ومحاولة منع دخول أي فلسطيني من غير سكان القدس إلى المدينة المقدسة، مع إقامة حواجز داخل شوارع المدينة المقدسة وعند مداخلها للحد من الزحف الفلسطيني، وتوقيف الحافلات والتدقيق بالهويات.

وشارك في الاعتصام شخصيات وطنية ودينية إسلامية ومسيحية وأعضاء فلسطينيون في الكنيست الإسرائيلي.

وقرّرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إغلاق جميع المساجد في أحياء وبلدات وقرى القدس اليوم، والتوجّه لأداء صلاة الجمعة أمام أبواب الأقصى رفضاً للبوابات الإلكترونية.

كما دعا العديد من الهيئات الإسلامية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، إلى إغلاق جميع المساجد في مدنهم وبلداتهم والتوجّه للصلاة في المسجد الأقصى.

في غضون ذلك، واصلت قوّات الإحتلال، السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى، حيث دخل 37 مستوطناً منذ ساعات صباح أمس باحاته، مع حماية مشدّدة من جنود الإحتلال، ومارسوا طقوسهم وشعائرهم التلمودية.

وأجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس سلسلة من الاتصالات مع القيادات العربية والأجنبية وضعهم في أجواء إجراءات الإحتلال الإسرائيلي الخطيرة.

وبحث الرئيس عباس مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان الأوضاع في مدينة القدس، ومحاولة الإحتلال تغيير الوضع القائم في المسجد المبارك، وخلال اتصال تلقاه الرئيس الفلسطيني، طلب منه إجراء اتصالات مع الجانب الأميركي بهدف إلزام "إسرائيل" بالتراجع عن إجراءاتها الخطيرة في القدس والمسجد الأقصى والاتصال مع الجانب الإسرائيلي للغرض نفسه.

ونوه الرئيس عباس بـ"الجهود التي تبذلها المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ووقوفه بثبات لمواجهة الوضع الخطير حماية للمسجد الأقصى".

وذكر أن أطرافاً عربية، بينها السعودية والأردن والسلطة الفلسطينية، تُجري اتصالات مع الإدارة الأميركية للضغط على الإحتلال من أجل إزالة البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى.

وليلاً ترأس رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو، جلسة مشاورات أمنية، جرى خلالها بحث مصير البوابات الإلكترونية التي وضعها الإحتلال على مداخل الأقصى منذ أسبوع.

واستمع نتنياهو إلى تقارير أذرع الأمن الإسرائيلية المختلفة وتوصياتها.

وقد تباينت الآراء الإسرائيلية بين الإصرار على إبقائها والدعوة إلى إزالتها، أو استبدالها بكاميرات مراقبة داخل الحرم القدسي.

وفجرت، أمس مواجهة غير مسبوقة بين الرئيس الإسرائيلي "رفلين" ونتنياهو، على خلفية الاتصال الذي أجراه رفلين، أمس، بالرئيس التركي أردوغان، بناء على طلب الأخير، الذي وصل إلى مكتب الرئيس الإسرائيلي.

وقد أبلغ مكتب نتنياهو معارضته المطلقة لإجراء مثل هذا الاتصال إلى رفلين، الذي رد بقوله: "لا يعقل أن ترفض "إسرائيل" طلب الرئيس التركي الاتصال به".

ودعا المجلس الوطني الفلسطيني ومجلس النواب الأردني ومجلس الأمة الكويتي الاتحاد البرلماني العربي إلى عقد جلسة طارئة لمواجهة العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، ودعت لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري برئاسة اللواء سعد الجمال، جامعة الدول العربية إلى عقد جلسة طارئة لمجلسها على المستوى الوزاري.

واحتجزت مخابرات الاحتلال الإسرائيلي بعد ظهر أمس، الأمين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس اللواء بلال النتشة بعد استدعائه إلى مركز تحقيق المسكوبية بالقدس.

ميدانياً، استشهد الشاب الفلسطيني محمّد حسن تنوح (20 عاماً) أمس الخميس برصاص قوات الإحتلال، التي زعمت تنفيذه عملية طعن في بلدة تقوع - بيت لحم في الضفة الغربية متأثراً بـ"الرصاصات الخمس" التي استقرت في أنحاء جسده، إحداها في الرأس، بعد زعمها أن الشاب حاول طعن مجموعة من الجنود الإسرائيليين بالقرب من البلدة.

وعلى الأثر إندلعت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وجنود الإحتلال الذين خطفوا جثمان الشهيد وأطلقوا النار في المنطقة.

وأكد قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية الدكتور محمود الهباش، رفض "القيادة الفلسطينية كل الإجراءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى المبارك، ورفض التدخل الإسرائيلي في الدخول والخروج إلى الحرم القدسي الشريف، بما في ذلك إقامة بوابات إلكترونية لتفتيش المصلين المسلمين من خلال جنود وشرطة الإحتلال".

وأوضح الهباش أن "القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس تجري اتصالات مكثفة، ومع جميع الأطراف لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات الفلسطينية، وعلى رأسها الحرم القدسي الشريف، بما في ذلك حائط البراق".

هذا، وسمحت قوات الإحتلال، أمس بالنشر الجزئي لتفاصيل عملية المسجد الأقصى، التي جرت الجمعة الماضية، وقتل فيها شرطيان إسرائيليان واستشهد الشبان الثلاثة، الذين يحملون الإسم ذاته "محمد الجبارين" من مدينة أم الفحم.

وتدعي قوات الإحتلال، أن الفيديو يوثق كيفية إدخال سلاح العملية، حيث يظهر وصول الشبان الثلاثة منفذي العملية مع شاب رابع - تم تضليل شخصيته - ساعدهم بحمل السلاح وإدخاله إلى المسجد الأقصى، وتوثيق نزولهم من الحافلة أمام باب العامود وسيرهم نحو المسجد الأقصى، برفقة شاب رابع، يحمل حقيبة على ظهره ويتجه إلى المسجد، قبل أن يظهر الشبان الثلاثة، وهم يخرجون من المسجد الأقصى، وأحدهم يحمل الحقيبة التي تدعي قوات الإحتلال أنها تحتوي على سلاح العملية على ظهره، ويتجهون لتغيير ملابسهم في محيط المسجد، في الوقت الذي يظهر الشاب الرابع يغادر المسجد والبلدة القديمة، في حين يعود الشبان الثلاثة بعد تغيير الملابس التي أخفوا سلاح العملية تحتها، ولم تعد الحقيبة تظهر معهم، وينتهي الفيديو حتى وصولهم إلى باب الأسباط وبدء إطلاق النار.