لا بدَّ من التذكير والتنويه أنَّ لقاء الرئيس ​سعد الحريري​ مع الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، هو الأول لمسؤول لبناني مع أقوى رئيس دولة في العالم، ويأتي اللقاء في وقت لم تستكمل الإدارة الأميركية كلَّ تعييناتها في ما يتعلَّق بكل ملفات العالم ومن بينها لبنان، سواء على المستوى الدبلوماسي، كتعيين سفير أميركي جديد للبنان، أو على مستوى رؤساء المكاتب سواء في الخارجية أو في الإدارات الأمنية.

ولم تكن الإدارة الأميركية لتحدد الموعد للرئيس الحريري للقاء ترامب، لو لم تكن على دراية كاملة بدقة الوضع اللبناني وحاجة البلد الصغير إلى الدعم الأميركي أو على الأقل الحد من التهويل بالعقوبات.

***

قبل اللقاء المنتظر في البيت الأبيض، كان لقاء على درجة كبيرة من الأهمية مع أركان ​البنك الدولي​، الرئيس الحريري كان صريحاً للغاية من خلال إعلانه أنَّ همه الوحيد هو كيفية المحافظة على لبنان والنهوض به وتثبيت الإستقرار وإنعاش الإقتصاد، وهذا ما يشكل جوهر زيارته ل​واشنطن​.

وتوجه إلى المسؤولين في البنك الدولي قائلاً:

في لبنان نعرف أنَّ لدينا شراكة مع البنك تعود إلى عشرات السنين، ونسعى إلى تطويرها لكي نتمكن من النهوض ب​الإقتصاد اللبناني​، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها، أكان في ما يتعلق بالنمو في لبنان أو العجز الذي يعاني منه في ظل وجود مليون ونصف مليون نازح سوري.

***

من خلال هذا الكلام، أراد الرئيس الحريري أن يلمِّح إلى العلاقة التاريخية بين لبنان والبنك الدولي منذ أيام الرئيس الشهيد ​رفيق الحريري​ والتي تعود إلى العام 1992، حين تولى الرئيس الشهيد ​رئاسة الحكومة​ للمرة الأولى.

إنَّ ربع قرن 1992 - 2017 من العلاقة بين البنك الدولي ولبنان، ليس بالأمر العرَضي والهامشي والثانوي، إلى درجة أنَّ البنك الدولي بات يعرف عن لبنان أكثر مما يعرف بعض المسؤولين اللبنانيين.

***

لكن في مقابل الصورة المشرقة، هناك متاعب ومصاعب:

فالزيارة جاءت في وقت دقيق للعلاقة الأميركية - اللبنانية، وبعد موقف الكونغرس أثناء مناقشة مشاريع العقوبات على حزب الله.

كما أنَّها أتت في وقت وضع ​الموازنة​ الأميركية للعام 2018، وفي هذه الموازنة يتبيَّن اقتطاع نحو مئة مليون دولار كانت مخصصة كمساعدات للجيش اللبناني لكنها أُلغيت.

مع ذلك فهناك مَن يعتقد بأنَّ المساعدات التي أُلغيت من ​وزارة الخارجية​، قد تأتي من موازنة ​وزارة الدفاع الأميركية​ للجيش اللبناني، لأنَّ القيادة العسكرية الأميركية تعرف جيداً الدور الإستراتيجي الذي يضطلِّع به ​الجيش اللبناني​ على مستوى الداخل اللبناني وعلى مستوى الحدود، بما يجعل من لبنان واحة استقرار في المنطقة.

***

تُدرِك واشنطن أنَّ الثلاثية بالنسبة إلى لبنان تتركز على بنود:

أهمية حماية الإستقرار اللبناني، لأنَّ من دون هذا الإستقرار لا أهمية لأيِّ شيء.

إنجاز كل ما له علاقة بملف النازحين السوريين الذي بدأ يؤثر تأثيراً مباشراً على الإستقرار.

تحصين الملف المالي والوضع الإقتصادي، لأنَّ أيَّ تراجع سيؤدي إلى تصدع الهيكل فوق رؤوس الجميع.

***

الزيارة بلغت ذروتها في انتظار النتائج لاحقاً.