ليس السؤال: لماذا لم تُجرَ بعد الإنتخابات الفرعية في ​كسروان​ وطرابلس، بل هو: متى تجرى هذه الإنتخابات؟!. وأي أمر خارج تحديد موعد نهائي وحاسم لإجرائها يجب أن يكون مرفوضاً في المبدأ وفي التفصيل. وفي تقديرنا انه يُفتَرَض ان يكون رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ أول الرافضين! لماذا؟ ليس فقط لأنه معني بشكل أو بآخر بمن سيحل مكانه في مقعد كسروان النيابي، بل خصوصاً لأنه لا يجوز أن يسمح سيّد العهد بأن يسجلوا ويأخذوا عليه ما كان يسجله ويأخذه، هو نفسه، على الحاكمين في مرحلة ما قبل إنتخابه رئيساً للجمهورية.

ولنصارح فخامته وفريق عمله بما يعتمل في نفوس اللبنانيين ازاء هذه النقطة بالذات (ناهيك بنقط أخرى ليس الآن مجالها):

أولاً - يا فخامة الرئيس ان الناس لا تصدّق ان الإنتخابات الفرعية لم تُجر بعد، بل ترفض أن تصدق إنكم لم تحثوا على اجرائها في الأسابيع الأولى التي مرّت على عهدكم، وقد استبشر بكم اللبنانيون خيراً، وما زالوا.

ثانياً - إن المسألة ذات صلة وثيقة بالصدقية. معاذ اللّه أن تتزعزع ثقة اللبنانيين بكم وبعهدكم. ولكن يا فخامة الرئيس لم يهضم اللبنانيون ان يكون تأجيل اجراء الإنتخابات الفرعية بدأ يُربَطُ بحديث عن إلغائها نهائياً، وانّه «لاحقين عليها»! وأيضاً: «لشو وجع الراس قبل بضعة أشهر من الإنتخابات العامة؟!».

ثالثاً - واستطراداً: وإذا صح ما يذاع ويُشاع ويملأ الأسماع في هذه النقطة الإنتخابية بالذات من انه سيُعاد النظر في غير مادة وبنود من مواد وبنود قانون الإنتخاب الذي أقره ​مجلس النواب​ أخيراً، فهذا يحمل في طيّاته رغبات دفينة قد تكون تستهدف العهد مباشرة من تصويب عليه قد يبدو محقاً في نظر الكثيرين، كي لا نقول في نظر الأكثرية الساحقة من ​الشعب اللبناني​.

رابعاً - نحن لسنا مغرمين بقانون الإنتخاب الجديد، ونعتبر انه يجب تصويب الإعوجاجات الكثيرة والمطبات الأكثر والفخاخ الكبيرة التي أوقعوا القانون فيها. ولكننا في الوقت ذاته لا نستسيغ أي نوع من التخبّط الذي بدأ يأخذ أشكالاً عديدة من المعارضة التي لا تزال تبدو، حتى الآن، بأنها غير مرصوصة الصفوف... إنما عملها دؤوب، ونشاطها جدّي، وعليه نحن نقول بأنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال التغاضي أو التساهل عن المساعي المبذولة (جدياً؟) لتطيير الإنتخابات في الربيع المقبل.

خامساً - ونناشد فخامة الرئيس، الذي لم يستفق اللبنانيون بعد من فرحة وصوله الى سدة الرئاسة أن لا تنسيه «الفخامة» ذلك العماد العنيد في الحق، وذلك القائد الذي دخل في وجدانهم واستوطن ضمائرهم وألهب أحلامهم وخيالاتهم بأروع الصور.

الإنتخابات الفرعية؟ أجل. وليكن اجراؤها حتمية وطنية... لأنّ تطييرها (مهما كانت الذرائع) سيشكل أكبر نكسة جدّية للعهد قد يتعذر تأثير تداعياتها على هذا العهد وسيده.