بدا مشهد ​عين الحلوة​ بعد ​عيد الاضحى​، يتأرجح بين السباق المحموم لاتخاذ اجراءات جدية تحفظ أمنه واستقراره والجوار ال​لبنان​ي، وبين مواجهة استحقاقات هامة لجهة عزم ​الدولة اللبنانية​ انهاء ملف المطلوبين والارهابيين المتواجدين والمتوارين فيه، بعد تحقيق الانتصار والانتهاء من تحرير ​جرود رأس بعلبك​ والقاع من تنظيم "داعش" الارهابي وقبلها ​جرود عرسال​ وفليطة من "​جبهة النصرة​" الارهابية.

أوحت تعليقات وتصريحات المسؤولين اللبنانيين والمعلومات المتواترة في الدوائر الضيقة، أن المخيم الذي يعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني وضع تحت "عين المجهر" اللبناني، بعد اقفال الملفات الامنية الساخنة لما يمكن ان يشكله من تهديد للاستقرار الوطني، رغم انه طوال أمد الازمة السوريّة وتداعياتها على الساحة اللبنانية من تفجيرات انتحارية وارهابيّة لم يخرج منه اي انتحاري او سيارة مفخخة او ما يسوء الامن اللبناني، ولكن في ظل رسم خارطة المنطقة من جديد في اطار اعلان الحرب الدولية على "الارهاب" قد تصل اليه هذه المرة وربما دون غطاء كان يحول بعنوانه الفلسطيني دون اسقاط حصانته ردحا طويلا من الزمن.

وفق مصادر مراقبة لـ"النشرة"، فان الدولة اللبنانية لم تحسم موقفها بعد من كيفية التعامل مع المخيم بتداخلاتها وتعقيداتها الديمغرافية والجغرافية، وان كانت تصريحات بعض المسؤولين اللبنانيين توجه البوصلة نحو اقفال الملفّ دون تحديد الطريقة وقد بدأت بممارسة الضغط على ​القوى الفلسطينية​ الوطنية والاسلامية لتحمل مسؤولياتها بعد سلسلة من الاشتباكات الاخيرة، دلّت بوضوح على تنامي قدرة الناشطين الاسلاميين لجهة عدم الحسم وان كانت حركة "فتح" في المعركة الاخيرة في "​حي الطيرة​" التي حصدت 6 قتلى واكثر من 37 جريحا قد ضيّقت الخناق على مجموعتي ​بلال بدر​ وبلال العرقوب.

الثابت حسب المصادر نفسها، ان ثمة خيارات كثيرة غير محددة بمهل زمنية خلافا لكل ما يشاع، سلمية وأمنية، ومنها الاعتماد في المرحلة الاولى على التلاقي الفلسطيني مع المطلب اللبناني في إنهاء قضية المطلوبين وتسليمهم للقضاء اللبناني، ولكن القوى الفلسطينية نفسها تعترف بصعوبة هذا الملف، لذلك قررت تشكيل "لجنة مركزية" لمتابعته، ستقوم على تصنيف المطلوبين وفق الجنسيات، لبناني، سوري، فلسطيني نازح من ​سوريا​ وفلسطيني من لبنان، اعدادهم الحقيقية، التهم الموجهة لهم، خطيرة، متوسطة، الانتماء الى تنظيمات محظوررة او وثائق امنية او اطلاق نار او غيرها.

بموازاة تشكيل اللجنة، فان مختلف ​القوى الوطنية​ الاسلامية أجمعت على أهمية الاسراع بتطبيق بنود التوافق الفلسطيني اللبناني في ​مجدليون​، واجتماع القيادة السياسية الفلسطينية الموحدة الذي عقد في مقر ​السفارة الفلسطينية​ في ​بيروت​، لجهة تشكيل "غرفة العمليات المركزية" لمتابعة الاحداث الطارئة في ​مخيم عين الحلوة​ وهي ستكون برئاسة قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي ابو عرب، وان الاتجاه ان تكون مؤلفة بالتساوي بين فصائل "​منظمة التحرير الفلسطينية​" و"تحالف القوى الفلسطيني" و"​القوى الاسلامية​"، وعلى مستوى قيادي من الصف الاول لاتخاذ القرارات المطلوبة، اضافة الى لجنة من ​الفصائل الفلسطينية​ في منطقة صيدا للتنسيق والتواصل اليومي مع الاجهزة اللبنانية، وستكون برئاسة امين سر حركة "فتح" العميد ​ماهر شبايطة​، بينما لم تحدد بعد رئاسة اللجنة المركزية المختصة لمتابعة ملف المطلوبين للدولة اللبنانية.

وابلغت مصادر فلسطينية "النشرة"، أن الهدف من تشكيل هذه اللجان المتعددة، اتخاذ خطوات عملية لمواكبة أي طارىء بهدف قطع الطريق على اي توتير من جهة، وصولا الى تحصين الامن والاستقرار في المخيم من جهة اخرى، فيما الاهتمام الاساس ينصب على نشر "القوة المشتركة" في "حي الطيرة" الى جانب قوات الامن الوطني المتواجدة فيه لسحب فتيل الاحتقان وتنفيس اي توتر، حيث بدأت الشائعات تنتشر حوله وبانه قريب، على خلفية انتهاء جولة الاشتباكات الاخيرة دون الحسم المطلوب، في وقت اكد فيه قائدها العقيد بسام السعد اننا في جهوزية وننتظر قرار القيادة السياسية".

ميدانيا، واصل أبناء عين الحلوة لملمة أشلائهم المثقلة بالجراح النازفة بعد الاشتباكات الدامية، وتداعياتها التي لم تقتصر على الخسائر البشرية، اذ حصدت ستة قتلى واكثر من 37 جريحا، بل طالت الممتلكات من المنازل والمحال التجارية وخاصة "حي الطيرة"، الذي بات "منكوبا"، حيث لم تنتظم دورة الحياة بعد، رغم أنها بدأت تعود تدريجيا الى حيويتها، ولكنها لم تصل الى طبيعتها، ويحاول أبناء المخيم ان يدفعوا عجلتها قدما الى الامام، ليخفوا آهات الاشتباكات التي اصابت منهم مقتلا ووجعا، مبادرة تلو أخرى، لبلسمة الجراح، وتهدئة النفوس وتنفيس الاحتقان، جرى رفع الانقاض من عناصر الامن الوطني الفلسطيني، مسح الاضرار من ​اللجان الشعبية​ واتحاد المهندسين الفلسطينيين، تنظيف الشارع الرئيسي، لكن الايدي على القلوب والخشية من جولة جديدة تسعى القوى الفلسطينية الى تجنب تجرعها بجهود مختلفة وعلى مسارات عدة، بينما ما زالت داخل "حي الطيرة" نفسه العديد من العائلات نازحة عن منازلها، قلة منها عادت ولم تجد ملاذا اخر لها لتنزح اليه موقتا، ريثما تطمئن القلوب وتستقر الاوضاع الامنية التي ما زالت "هشّة" وقابلة للاهتزاز عند اي حدث او اشكال او حتى شائعة، فيما اصحاب عشرات المحال التجارية المتضررة في ​الشارع الفوقاني​ لم يتمكنوا من ترميمها واصلاحها بسبب عدم صرف أي تعويضات.