أشار مصدر وزاري في حديث لـ"الحياة" الى أن "النظام في ​سوريا​ لم ينفك عن التعاطي مع ​لبنان​ على أنه الحلقة الأضعف التي تتيح له إلحاقه بسياسته الخارجية، وهذا ما يفسر ازدياد الضغوط عليه لدفعه إلى التسليم بإعادة تطبيع العلاقات اللبنانية- السورية بذريعة أن سوريا تقف أمام مرحلة سياسية جديدة بعد نجاح الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم روسي مباشر وآخر من ​إيران​ و"​حزب الله​"، في تسجيل انتصار ضد المجموعات ​الإرهاب​ية والتكفيرية"، لافتا الى أن "النظام في سوريا في حاجة ماسة لإعادة تطبيع علاقاته الخارجية، وأن البوابة اللبنانية تبقى الأقرب إليه ليقطع الطريق على من يحاول التذرع بتريث ​الحكومة اللبنانية​ في إعادة التواصل السياسي بين ​بيروت​ ودمشق"، ومؤكدا أن "من أولويات إيران جر لبنان إلى اتخاذ خطوات فورية لإصلاح ذات البين بين البلدين".

وكشف المصدر عينه عن "بعض ما جرى من مداولات بين عدد من المسؤولين اللبنانيين، على المستويين الرسمي والسياسي، وبين معاون وزير الخارجية الإيراني لشؤون ​الشرق الأوسط​ و​أفريقيا​ ​حسين جابري أنصاري​، وفيها أن الموفد الإيراني أبدى تفاؤله بأن المنطقة مقبلة في وقت قريب على تطورات إيجابية تستدعي من لبنان الاستعداد للإفادة منها، مع أن هناك من سأله عن الأسباب التي تدعوه إلى التفاؤل في الوقت الذي تشارك ​طهران​ وفي شكل مباشر في بؤر النزاعات التي ما زالت تتفاعل في هذه المنطقة، من دون أن يلقى منه الأجوبة القاطعة".

ورأى المصدر أن "لإيران مصلحة في إعادة تطبيع العلاقات اللبنانية- السورية باعتبار أن لبنان يشكل لها المعبر الأساسي للحفاظ على مصالحها الأمنية والسياسية و​الاقتصاد​ية في سوريا، خصوصاً بعدما واجهت مشكلة مع ​التحالف الدولي​ لمواجهة الإرهاب عندما حاولت تأمين ممر إلزامي لها من الأراضي ​العراق​ية يربطها بسوريا".

وفي هذا السياق اعتبر المصدر الوزاري أن "إيران أخفقت في السابق في تأمين ممر لها بواسطة "​الحشد الشعبي​" في العراق يربط بين معبر الوليد في الأراضي العراقية وبين ​معبر التنف​ الواقع جنوب غربي سوريا، كما أخفقت وحدات من الجيش النظامي في سوريا في التمركز في المعبر الأخير وتعرضت إلى قصف مباشر من الطيران الأميركي"، مضيفا: "الجيش النظامي هذا اضطر إلى الانسحاب من المنطقة بعد أن أعلمته ​واشنطن​ و​موسكو​ بأنها خاضعة للمناطق الآمنة في سورية التي يفترض أن تخلو من أي وجود عسكري ميليشيوي أو نظامي".

واعرب المصدر عن اعتقاده أن "منع القافلة التي كانت تقل مجموعات مسلحة من "داعش" أجليت من جرود رأس ​بعلبك​ و​القاع​ والفاكهة ومن ​القلمون​ الغربي في سوريا، بموجب اتفاق توصل إليه النظام في سوريا و"حزب الله" و"داعش"، يأتي في إطار منع هذه المجموعات من التوجه إلى ​دير الزور​ والتمركز فيها"، عازيا "سبب التصدي لهذه القافلة من جانب الطيران الأميركي إلى أن ما ينسحب على معبر التنف ينسحب على دير الزور التي تتصل بالأراضي العراقية عبر ​الحسكة​، بالتالي من غير المسموح لإيران وبغطاء من النظام السوري أن يكون لها موقع نفوذ في هذه المنطقة التي هي على تماس مباشر مع ​الأكراد​ والعراق، الذي كان هدد بلسان أكثر من مسؤول فيه بأنه سيضطر إلى قصف أي تجمع داخل الأراضي السورية يسيطر عليه "داعش" أو المجموعات الإرهابية الأخرى".

وسأل المصدر عن "الدوافع التي أملت على "حزب الله" توجيه انتقادات إلى واشنطن بسبب إصرارها على منع قافلة "داعش" من الدخول إلى دير الزور في الوقت الذي يلوذ فيه النظام في سوريا بالصمت على رغم أنه شارك في الاتفاق الذي كان وراء خروج مسلحي التنظيم من الجرود اللبنانية وأيضاً من القلمون السورية؟"، ومؤكدا أن "النظام في سوريا لن يخوض معركة ضد واشنطن، ومن خلالها ضد التحالف الدولي لضمان وصول قافلة "داعش" إلى دير الزور، ما يدعم وجهة نظره بأن إجلاء المجموعات الإرهابية من أماكن وجودها في ضوء تمكن ​الجيش اللبناني​ من محاصرتها وتهديد وجودها في الجزء التي كانت تحتله من هذه الجرود، لم يوضع موضع التنفيذ على نار حامية إلا بناء لمباركة إيرانية وعدم ممانعة تركية بغية إرباك الأكراد ومكان وجودهم في الحسكة"، معربا عن اعتقاده أن "لدى طهران ودمشق مصلحة في الضغط على لبنان بغية إعادة تطبيع علاقاته بسورية وأن ما يطمح إليه هذان الطرفان أن يكون للتواصل طابع رسمي، أي من قبل الحكومة اللبنانية، لأن قيام بعض الوزراء من لون سياسي واحد بزيارات عمل لدمشق لن يقدم أو يؤخر لأن هؤلاء الوزراء هم من فريق لم يسبق له أن غادر سوريا أو افترق عنها"، وموضحا أن "بعضهم يتواصل سياسياً في مقابل البعض الآخر الذي يتواصل سياسياً وعسكرياً، في إشارة إلى مشاركة "حزب الله" إلى جانب النظام في سوريا في حربه ضد المعارضة ولاحقاً ضد المجموعات الإرهابية".

وتوقف المصدر أمام المواقف التي صدرت أخيراً عن رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، ويقول إنه "تقدم بمواقف لاسترضاء "حزب الله" الذي كان انزعج من عدم قيام وزير الاقتصاد ​رائد خوري​ (التيار الوطني) بزيارة دمشق لمناسبة إعادة افتتاح ​معرض دمشق الدولي​ بذريعة أنه لم يكلف من ​مجلس الوزراء​ لتلبية الدعوة التي تلقاها من نظيره السوري"، مشيرا الى أن "باسيل أراد أن يبيع حليفه "حزب الله" مواقف بالجملة أبرزها دعوته إلى المشاركة في مهرجان "النصر" الذي أقيم في بعلبك وتحدث فيه السيد حسن نصرالله، إضافة إلى قوله بعد الاجتماع الأخير لـ "​تكتل التغيير والإصلاح​" إننا الآن أمام مرحلة سياسية جديدة وللبنان مصالح تتطلب منه التواصل مع النظام في سوريا، ناهيك بأن باسيل دعا إلى عودة ​النازحين السوريين​ إلى سوريا بذريعة أن المسلحين، في إشارة إلى "داعش"، دخلوا إليها وأنه لم يعد من مبرر للبقاء في مخيماتهم في أكثر من منطقة لبنانية، بانتظار رحيل الأسد"، مضيقا: "كأن باسيل من خلال موقفه هذا أراد أن يتجاهل موافقة النظام في سوريا على استقبال قافلة من الإرهابيين يفترض أنه يقاتلهم كما استقبل سابقاً قوافل من "​جبهة النصرة​" و "سرايا ​أحرار الشام​" كانت تتمركز في ​جرود عرسال​ البقاعية".