بعد الانتصارات الأخيرة التي أسهمت المقاومة في تحقيقها، وفي ضوء المناورات التي يجريها العدو "الإسرائيلي" في الشطر الثاني من الحدود، يُمعن بعض الأفرقاء اللبنانيين، خصوصاً "​القوات اللبنانية​" و"​تيار المستقبل​"، في إطلاق المواقف المعادية ل​حزب الله​، وسلاحه، والتحريض على محور المقاومة ككل.

هذا السلاح الذي يشكّل أبرز نقاط القوة للبنان في أي مفاوضات قد يقبل عليها لحل مشاكلاته العالقة مع العدو "الإسرائيلي"، وأبرزها عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، إضافةً إلى وقف الخروقات والتعديات المتمادية على السيادة اللبنانية، تارةً بالخروقات الجوية والبحرية، وطوراً بنشر شبكات التجسس على الأراضي اللبنانية.

ولم يطرح السياديون الجدد على طاولة البحث أي خطة جدية وفاعلة تقي لبنان شرّ اعتداء محتمل على أراضيه، بل اقتصر اعتراضهم على ترداد لأزمات فارغة من أي مضمون، حيناً يدعون التزام القرارات الدولية، وأحياناً يغالون بالحفاظ على السيادة.

والسؤال: هل التزمت "​اسرائيل​" ب​القرار 1701​ وأوقفت خروقاتها للبنان؟ وهل التزمت بالقرار 242 وسمحت للفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، أم أن الخروقات "الإسرائيلية" لا تشكل خرقاً للسيادة اللبنانية؟

المفارقة أن الدول التي تطالب بنزع سلاح المقاومة في لبنان، تبحث في شكل معمّق ظاهرة حزب الله وقدرته على المواجهة، ما يؤكد فعالية وقوة هذا "الحزب" في الدفاع عن الأرض.

وفي هذا الصدد أشار باحث استراتيجي رفيع المستوى إلى أن كتاباً صدر في "إسرائيل" حول قتال حزب الله، وهو مجموعة من ستة عشر مقالاً، لتقويم المواجهة المستقبلية مع حزب الله على ثلاثة مستويات: سياسي وأمني وعسكري، واعتبر نتائج عدوان تموز موضوعاً قيد الاهتمام والدراسة للاستفادة من العبر، ولوضع الأساليب الملائمة للمواجهة المستقبلية. وكلّف القسم العسكري الأكاديمي في جيش العدو ابتكار الخطط لمواجهة هذا النهج القتالي الجديد الذي يجمع بين القتال التقليدي وغير التقليدي، ويضاف إليه خصائص ذاتية من طبيعة تنظيم حزب الله.

ولم تقتصر دراسة "الإعجاز" التي قدمتها المقاومة في حرب تموز على الكيان الصهيوني، بل تعداه إلى الولايات المتحدة الأميركية، فالرئاسة الأولى كلّفت مركز بحوث في أميركا لدراسة حرب لبنان الثانية، واستخلاص خصائص هذه الحرب وتقديم التوصيات للجيش الأميركي للاستعداد لمواجهة "عدو" يشبه حزب الله.

وقد وضعت الدراسة، ورُفعت إلى البيت الابيض و"البنتاغون"، وصدر على أثرها طلب بإحداث وحدات خفية سريعة للتمكُّن من مواجهة ظروف حرب مماثلة لحرب لبنان الثانية.

كذلك الحلف الأطلسي أبدى اهتماماً لدراسة ظاهرة حزب الله، فكلّف خلية دراسات للاستفادة من الدراسات الأميركية و"الإسرائيلية"، وتزويد الجيوش الحليفة بملخّص عنها، للاستثمار في الميدان في حال واجهت "عدواً" يشبه حزب الله.

إن أداء المقاومة في عدوان تموز وفي ​مكافحة الارهاب​ في لبنان وسورية، فرض على الحلف الغربي إجراء دراسات وتحليلات حول تنظيم المقاومة وقدرتها على المواجهة من حيث التسليح، وكيفية التدريب والتعامل مع ميدان يدور فيه قتال من نمط ثالث، ليس بقتال تقليدي أو قتال غير تقليدي.

في المحصلة، وبالعودة إلى المواقف الداخلية من هذا السلاح، فإن الهجمة الإعلامية التي يتعرض لها، تهدف فقط لشدّ عصب شارع المعترضين الذي بدأ يفقد الثقة بمسؤولين لم يعتمدوا إلا على المراهنات الخاطئة، لكن كل ذلك لن يغيّر في المعادلة الذهبية "الجش والشعب والمقاومة" شيء، ولن يؤثر في وظيفة السلاح المذكور من خلال التفويض الذي يحصل عليه في البيان الوزاري تكراراً.