تعريفها

١- تركّز اليوغا على طاقة موجودة داخل الإنسان وتعتبرها من تكوينه.

وتوجد، بحسب مفهومها، سبعةُ نقاط طاقة أساسيّة عند المرء يجب التركيز عليها وتطويرها من أجل أن يُصبِح الإنسان متوازنًا داخليًّا ويكتسب سلامًا روحيًّا ويتفتح ذهنيًّا، وكلّ ذلك ينعكس على الجسد.

وتتابع، هذه الطاقة تساعده وتوسّع ذهنه من أجل استيعاب أكثر لذاته والكونِ واللهِ وكلّ ما يجري من حوله.

٢- تَعتبِرُ اليوغا أن لدى الإنسان طاقة إيجابيّة وأخرى سلبيّة، فإذا مال الإنسان إلى الشر تُصبح طاقته مؤذية، وتزداد خطورتها كلما طوّرها من خلال اليوغا، ولتؤثِّر بالتالي عليه وعلى الآخرين على مقدار ضُعفهم.

٣- تجعل اليوغا الإنسانَ يُركِّز على طاقته الداخليّة من خلال ترداد المنترا كما تُعرف.

والمنترا Mantra عبارة عن مجموعة من الرموز والمصطلحات “centering thoughts”، التي قد تكون جملًا تركز على السعادة مثل "أنا سعيد، أنا فرح اليوم"، وهناك منترا أخرى لأسماء حيوانات أو عبارات من عبادات وثنيّة هي بالأساس تقال بلغة السنسكريت – وهي لغة غير مفهومة للسامع - كمبدأ من مبادئ البوذيّة والهندوسيّة القائل بالتكنّي بالحيوانات وأخذ القوّة منها من ضمن ما يُسمّى الأرواحيّة animisme، ويُحدِّد الأستاذُ، الملقّب بال"غورو"، للتلميذ المنترا الخاصة بكلّ شخص من خلال ذبذبات الطاقة التي يصدرها تلميذه وتقدّمه، إذ يُصبح الأستاذ مستقبلاً لها.

وعَبْرَ هذه الطاقة الداخليّة يستطيع الإنسان أن يوسّع ذهنه ويرتفع روحيًّا ليتّحد كونيًّا بالله الذي هو الإله شيفا بالأساس.

إذًا، اليوغا رياضةٌ ذهنيّةٌ لا يمكن فصلها أبداً عن روحيّتها من samsara و karma.

تَبدو اليوغا، ظاهرًا، رياضةَ تنفُّسٍ واسترخاء، لكنّها أعمق من هذا بكثير، وكلّ تسخيف لها لجعلها رياضة فقط هو أمر غير علمي بالكلّيّة، لا بل هو جهلٌ مُطلَق.

تأتي اليوغا إلى بلادنا من باب معالجة الضغوطات اليوميّة النفسيّة، والتي هي أمر واقعي ومسيطر، وتحقّق أرباحًا طائلة باستغلالها لحاجة الإنسان المعاصر للسلام الداخلي.

والجدير بالملاحظة أن أكثر الأدوية الـمُباعة في الصيدليّات في أيّامنا هي مضاداتُ ​الاكتئاب​ بحكم ظروف الحياة التي تزداد صعوبةً يومًا بعد يوم، وترخي بثقلها على الإنسان يوميًّا.

علاوةً على ذلك، تجعل فوضى التواصل الإجتماعي، والسرعة المفروضة لتدبير سبل العيش، من الإنسان شخصًا مشوّشًا ومتعبًا، خاصة في التجمّعات السكنيّة المكتظّة، حيث بأغلب الأحيان لا نشاطات تُمارَس، ولا هدوء يُعاش.

ونمط الإنسان اليومي بات في أكثر الأوقات في أماكن ضيّقة بعيدة عن الطبيعة وفي جو ملوّث بيئيًا، عدا عن عدم ممارسة الرياضة والإفراط في تناول الطعام بخاصة ليلًا والمشروبات.

خطورتها:

١- تبدو اليوغا من الخارج رياضة استرخاء، إلّا أنّها أعمق من هذا بكثير، ولا يمكن فصلها عن مصدرها وروحيّتها التي انطلقت منها وما زالت تتضمّنها في مراحلها المتقدّمة.

٢- تجعل اليوغا الإنسان يركِّز على الذات والقوى الذاتيّة المخلوقة -الطاقة- ابتغاءً للسلام والهدوء والفرح والتوازن الداخلي وتحرُّرِ الذهن والتفتّح، وذلك عوضًا عن أن يركّز الإنسان على الله في داخله وتحديدًا الرّبّ ​يسوع المسيح​، ويطلب قوى الله غير المخلوقة التي تنحدر عليه بنعمة الروح القدس تعزيةً في جهاده.

٣- إذا كان إنسان يميل إلى الشر، يمكنه أن يطوّر طاقته السلبية لتغدو مؤثرةً عليه والآخرين، ويصبح بالتالي خطيرًا.

٤- استبدال الروح القدس ونِعَمه بطاقة مخلوقة تسيّرها أهواء الإنسان التي لم تتنقّى، لأنه وحدها التوبة الحقيقيّة المبنيّة على الصلاة الحارّة تنقّي الإنسان.

اليوغا لا تُنقِّي ولا تساعد في التحرّر بعكس ما يتم التداول به، ولا تعطي ولادة جديدة، والدلالة على ذلك اعتراف كبار معلّمي اليوغا بأناس طوّروا طاقاتهم سلبيًّا عبر اليوغا.

وإذا الإنسان ميّالاً إلى الشر يُصبح أكثر فأكثر بالتفتّح وتطوير طاقاته ملعباً للشيطان مصدرِ الشر.

فهل يستطيع الإنسان بقواه الذاتيّة المخلوقة أن يتحرّر؟

وإذا عكسنا السؤال: هل تزيد المسيحيّة الشرَّ؟

خلاصة:

قد تبدو اللغة الروحيّة بالنسبة للإنسان اليوم لغة فضائيّة غير مفهومة، ويقول في نفسه:

أين الضرر إذا جلست باسترخاء، وعالجت تنفّسي، وهدّأت اضطرابي، ونزعت القلق من داخلي، وتعلّمت السيطرة على أعصابي، والتحكمَ بردودِ أفعالي وإلى ما هنالك؟.

جوابُنا هو هذا:

١- بالروح القدس روح الله غير المخلوق تستطيع ذلك وليس بقوى بشريّة تنقصها التنقيّة، وليس بقوّة ذاتك.

٢- ليس التنفس والاسترخاء إلّا نقطة من محيط، والإقلاع عن حركات الاسترخاء في اليوغا بعد الإدمان عليها أشدُّ خطرًا من القلق والاكتئاب وكلّ ما نواجهه في حياتنا اليوميّة.

٣- تخلق اليوغا - من خلال المفهوم الذي تُدخِلُه بتركيزها على الطاقة - عند مُمارِسِها تشويهًا للحقائق الإلهيّة الحقيقيّة، فلا يُدرِكُ من بَعْد أنّه في المكان الخطأ، إذ جوهر اليوغا مختلف تمام الاختلاف عن الجوهر المسيحي.

٤- لا يجوز أن نملأ فراغًا بفراغ آخر ينعكس لا على روحانيّتنا فحسب، بل على أجسادنا أيضًا.

٥- لا يجوز أن نخلط السم بالعسل، فالنشوة الروحيّة التي نعيشها في اليوغا ليست إلّا خِدَعاً آنيّة نابعة من تفاعلات نفسية - جسديّة، وتأثيرها على المدى الطويل هو عكس ما نتوقّعه تمامًا.

وهنا نطرح السؤال:

فهل بعد أن تجسّد الله، وأصبح إنسانًا من أجلنا، وصُلِبَ عنّا، وأقامنا معه، وأعطانا نعمة الروح القدس، وألوف من قوافل القدّيسين تشهد على النعم الإلهيّة، نعود لنستبدل الذهب بالقش؟

لماذا لا نقرأ عمَّن عاش الحياة الروحيّة المسيحيّة الحقّة قبل أن نأخذ أي قرار؟

ننجذب بالمظاهر والموضة، تأخذنا موجة وتردّنا موجة أخرى.

والأهم من كلّ هذا:

هل تخليّنا عن سعينا لحياة أبديّة مع الرّبّ يسوع المسيح؟

الصلاة القلبيّة خيرُ شفاءٍ للروح، ومصدرٌ حقيقي للتوازن والسلام الداخلي.

نصيحة:

"فلّاحٌ تقيّ عنده سلام يشهد على ذلك عدا عن القديسين الذين عاشوا في المدن والقرى وفي أهلك الظروف وأصعبها".

وغير صحيح أنّنا لا نستطيع ذلك، فخطوة الآلف ميل تبدأ بخطوة واحدة.

فلنغتصب وقت هدوءٍ نبتعد فيه عن هواتفنا وشاشاتنا، ولنمارس الرياضة كلّ بحسب مقدرته، ولننظّم طعامنا، ولنسمع الموسيقى الراقية، ولنفعّل مواهبنا ونتثقّف، ولنكتشف الطبيعة التي خلقنا الله وإيّاها، ولنرفع قلوبنا وأرواحنا فقط لمن تجسّد من أجلنا ويدعونا أبناءه ألا وهو الرّبّ يسوع المسيح له المجد.

نقلا عن صفحة بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس