منذ أيام قليلة وتحديداً في 31 آب الفائت، أصدرت رئيسة دائرة التنفيذ في بعبدا القاضية جيهان عون، قراراً أنذرت فيه ​مجلس الإنماء والإعمار​ و​اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية​ والشركة الملتزمة أعمال ​مطمر الكوستابرافا​، وهي شركة العرب للتجارة والمقاولات، بوجوب تنفيذ حُكم إقفال مطمر الكوستابرافا، وأعطت مهلة خمسة أيام من تاريخ تبليغ القرار من أجل التنفيذ.

الإنذار جاء بعد القرار الذي أصدره قاضي الأمور المُستعجلة في بعبدا حسن حمدان خلال شهر كانون الثاني 2017، بوقف نقل النفايات إلى المطمر بعد أربعة أشهر من تاريخ تبليغ القرار إلى الجهات المذكورة.

مهلة الأشهر الأربعة هذه التي أعطاها قضاء العجلة، إنتهت في 18 حزيران الماضي، على رغم ذلك، وبعد مرور شهرين على إنتهائها، لم ينفذ القرار بسبب عدم لجوء الجهة المدعية الى دائرة التنفيذ إفساحاً في المجال أمام محكمة الاستئناف المدنية في جبل لبنان التي كانت تنظر بطلب استئناف قرار الإقفال، الذي تقدّم به اتحاد بلديات الضاحية.

كلها إجراءات قضائية تواكب في السياسة بسلسلة من الإتصالات التي يجريها المعنيون بمطمر الكوستابرافا، وفي هذه الإتصالات تكمن الحقيقة كاملةً، حقيقة إستحالة إقفال المطمر بسبب الفيتو الذي تضعه أحزاب المنطقة على إقفاله.

وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن ​حزب الله​ الذي عقد أكثر من إجتماع مع ممثلين عن مجلس الإنماء والإعمار ووزارتي الأشغال و​البيئة​، للبحث عن الحل البديل، وقد بعث مقربون منه برسالة شديدة اللهجة الى المعني الأول بهذا الملف، ألا وهو رئيس الحكومة ​سعد الحريري​. رسالة، أبرز ما جاء فيها أن المعنيين في الضاحية الجنوبية لن يقفوا متفرجين ولو ليوم واحد، على مشهد النفايات المتكدسة في شوارعهم إذا أقفل مطمر الكوستابرافا، وهم بالتأكيد سينقلون هذه النفايات الى خارج المناطق السكنية، قد يكون الى الشاطىء وقد يكون الى طريق المطار وما من شيء سيمنعهم في لحظة الغضب من تفريغ الشاحنات المحملة بالنفايات وسط أوتوستراد المطار، عندها فليتحمل كل مسؤول مسؤولية ما يمكن أن يحصل. رسالة الضاحية التي تلقاها الحريري، تضمنت أيضاً تفسيراً لهذا التهديد وفيه أن حزب الله و​حركة أمل​ قبلا مرغمين بموقع الكوستابرافا الذي يقع على مدخل الضاحية من ناحية الجنوب، لحل الأزمة التي كانت قائمة في عهد الحكومة الماضية، وعملا على إقناع وزير الدولة لشؤون المهجّرين ​طلال أرسلان​ بالمطمر على إعتبار أن صفحة النفايات طويت موقتاً الى حين البدء بتنفيذ الخطة المستدامة، كل ذلك كي لا تكون النتيجة بأن تعود النفايات الى الشوارع، لذلك فليقف الجميع أمام مسؤولياته أكان عبر تقديم التوضيحات اللازمة للقضاء كي لا ينفذ قرار إقفال المطمر، أو عبر مراقبة أعمال التنفيذ التي يجريها المتعهد للمطمر، وإلا لكل حادث حديث.

إذاً مطمر الكوستابرافا لن يقفل لا بقرار قضائي، ولا بقرار حكومي، قبل أن تضع الحكومة الحالية حيّز التنفيذ خطتها لمعالجة النفايات والتي تتضمن إعادة فتح مطمر الناعمة، وقبل طمأنة جميع المناطق والأحزاب والبلديات بأن النفايات لن تعود الى الشوارع والأحياء السكنيّة، لأن ما يهم الشارع من كل هذا الملف، هو عدم عودة جبال القُمامة الى أمام مداخل الأبنية السكنية والمحال التجارية والمدارس والمستشفيات والجامعات.