لم يكد قانون الإنتخاب الجديد يبصر النور حتى بدأت معه "البازارات" الانتخابية من التحليلات عن مستقبل العلاقة بين "​التيار الوطني الحر​" و"​القوات اللبنانية​" في ظلّ التراشق الكلامي بين الطرفين والرسائل المتبادلة بينهما، وصولاً الى التحالفات الانتخابية المقبلة، ناهيك عن الصراع الكتائبي-العوني الذي يأخذ اشكالاً مختلفة وبرز مؤخرا من خلال السجال حول خطوط التوتر العالي في المنصورية التي "نامت" مدّة من الزمن، وفجأة استيقظ الحديث عنها ف​أزمة النفايات​ وغيرها... ليبقى الانجاز الاهم في هذا كلّه اقرار موازنة العام 2017 بعد غياب طويل!.

العلاقة مع "القوات" متينة

يضحك أمين سر تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ​ابراهيم كنعان​ حين يسمع أن التفاهم بين "التيار" و"القوات" تزعزع، خصوصاً في ظل الكلام عن رسائل متبادلة بين الطرفين، مع تحديد موعد زيارة رئيس "التيار" ​جبران باسيل​ الى بشري وتوزيعه العشرة الاف بطاقة على المنتسبين الجدد في "التيار" في نفس اليوم الذي كانت "القوات" تقيم قداس الشهداء في معراب. ويقول في دردشة مع الصحافيين حضرته "النشرة": "في الماضي راهنوا أن "القوات اللبنانية" لن تسير بالتفاهم مع "التيار" وفعلتها، عوّلوا على عدم ترشيح رئيس القوات ​سمير جعجع​ لرئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورشحّه، أكدوا أن "القوات" لن تشارك بالحكومة وخاب ظنهم... فلننتظر اذاً الانتخابات ولنرى ماذا ستحمل معها"، ومضيفاً: "لو فعلا كان هناك رسائل بيننا وبين "القوات" في ما خص قداس الشهداء وتوزيع 10 الاف بطاقة على العونيين، فكيف يمكن تفسير تمثيلي للرئيس عون في قداس معراب مع العلم أن هذا الامر يحصل للمرّة الاولى، إذ لم يحضر أي رئيس جمهورية أو ممثل عنه هذا القداس سابقاً"، ليعود ويؤكد "نعمل أنا ورئيس "التيار" جبران باسيل بموضوع التفاهم مع "القوات" ونتمسك كقيادة حزبية بكل ما يجمعنا على المستوى المسيحي". جازماً أن "لا عودة الى الوراء في العلاقة مع "القوات" رغم أن بعض التباينات قد تحصل من حين الى آخر ولكن على المستوى الاستراتيجي التواصل والتنسيق مستمرين".

أهمية ​البطاقة الممغنطة

موضوع التحالف مع "القوات اللبنانية" يفتح الباب واسعاً على مسألة قانون الانتخاب والاصلاحات المطروحة فيه، في ظلّ الكلام أنه بات من الصعب تطبيق البطاقة الممغنطة التي كانت السبب الرئيسي في تأجيل موعد الانتخابات النيابية حتى أيار المقبل، حالياً بقي الكلام عن النسبية في القانون ولكن باتت البطاقة الممغنطة قابت قوسين من النسف. هنا يعتبر كنعان أن "التعديلات على قانون الانتخاب يجب ألاّ تطيح بروحيته... فيوم سرنا بهذا بالقانون الجديد كان الهدف تأمين مشاركة الناخبين لا ضبطهم، سواء بورقة اقتراع أو بأي أمر آخر، والبطاقة الممغنطة اقرت من باب تسهيل اقتراع الناخبين والحدّ من تأثير عنصر المال الانتخابي"، مضيفاً: "لولا هذه الاصلاحات فلا حاجة لتأجيل الانتخابات حتى أيار". متطرقاً في هذا المجال الى قضية "التحالفات المتنية" والتي يعتبر أنه "من المبكر الحديث عنها، فهذه المسألة لا يمكن ان تحسم الا ربما قبل شهرين من موعد الانتخابات النيابية"، ومشيرا الى أن "هناك تحالفات مطروحة من ضمن القانون الجديد والعلاقة مع ​الطاشناق​ قائمة، ولننتظر خارطة طريق التحالفات في الايام المقبلة".

التحالفات المتنية

واذا كانت التحالفات المتنية تبقى رهن الايام المقبلة، فالواضح أن الساحة المتنية تشهد هذه الايام "صراعاً" قديماً جديداً يخوضه حزب "الكتائب" سابقاً في ما خصّ مكبّ النفايات في برج حمود، لينتقل منه الى "التوتر العالي" في المنصورية. هنا يعود كنعان بالذاكرة الى الوراء الى أيام حكومة ​تمام سلام​ وتحديداً في الجلسة التي عقدت في آذار من العام 2016، والى خطة النفايات التي تضمنت مجموعة مطامر، وكان ​مطمر برج حمود​ واحدا، يومها كنا والكتائب في الحكومة، نحن عارضنا الخطة، وفي جلسة حزيران من العام لجأت الكتائب الى الاعتصام بمطمر برج حمود وتكدست النفايات في الشوارع لأكثر من ستة أشهر، ليتبينّ بعدها أن الحل جاء في الاجتماعات المتكررة ل​لجنة المال​ و​الموازنة​ عبر طرح ​اللامركزية الادارية​ في معالجة النفايات، من خلال التعاون بين البلديات واتحادات البلديات والنواب لانشاء معامل للفرز ممولة من ​الاتحاد الاوروبي​ تنهي أزمة النفايات"، داعيا الى "وضع هذه الخطة موضع التنفيذ عوضاً عن التراشق الكلامي والانتخابي غير المجدي موضحًا أنّ هذه الجلسات ومواقف كل الاطراف مثبتة بمحاضر لجنة المال"، ومتسائلا في هذا الصدد "هناك ثلاثة مليارات دولار صرفت لسوكلين منذ العام 1997 وحتى اليوم على أساس انها تتضمن خطة لانشاء معامل للنفايات فاين هي؟ّ".

"توتر" المنصورية استغلال؟!

في مقابل هذا كلّه يرفض كنعان الاستغلال السياسي الحاصل في منطقة المنصورية عبر اللعب بعواطف الناس، ويشير الى أنه " اول من واكب هذا المشروع منذ العام 2005، ويحرص كما دائما على سلامة سكان المنطقة، وهذا الامر دفعه الى التحرّك في هذا الملف مطالباً وزير الطاقة ​سيزار ابي خليل​ وفريقه القيام بمسح وتحديد كلفة مدّ التوتر تحت الارض"، مضيفا: "السياسة المتّبعة هذه الايام باتت تتركّز على "المآسي" وهذا ما يحصل في المنصورية، فهناك "أصبحت السياسة بالمآسي" وهذا ما اعارضه".

انجاز العهد الابرز

وتبقى الأهمية الكبرى لإحدى الانجازات التي تعتبر من إنجازات عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، وهي اقرار الموازنة الغائبة منذ سنوات، حالياً أنهى كنعان العمل بها، ويرى فيها عملاً تأسيسياً هاماً يجب أن يستتبع بموازنة العام 2018 دون تأخير في الوقت، لافتا الى أننا "خفضنا العجز من 7289 الى 6284 مليار ليرة"، ومضيفاً: "المساهمات في الموازنة التي يصل مجموعها الى 600 مليار ليرة تقريباً (مجموع الجمعيات والعطاءات لغير ​القطاع العام​) تم تخفيضها الى حدود 400 مليار ليرة"، كاشفا أننا "بتخفيض العجز وبالرقابة على القروض والهبات نستطيع أن نصل الى تخفيض حوالي 1000 مليار ليرة، واذا اتبعنا هذه السياسية على عدّة سنوات وخفضنا هذا المبلغ وعالجنا الكهرباء فإننا نتجه الى وضع متغيّر تماماً في مالية الدولة".

ويشير الى أن "الاصلاح الذي تضمنته الموازنة أساسي لأنه يدخل الى ادارات الدولة، ولبنان حاليا بحاجة الى ضبط انفاقاته وتكبير حجم اقتصاده واراداته، على أن تكون هذه الارادات من خلال الضرائب على الاملاك البحرية وغيرها"، مشيرا في المقابل الى أن "الهيئة العامة هي التي ستفتح باب الاصلاح وتصحح الخلل الحالي، لأنه وفي حال تحكمت الخلفيات السياسية بنظرتنا لمالية الدولة فإننا سنسير الى الخلف"، كاشفا عن "سعيه لتمرير الموازنة كما أعدتها لجنة المال لأنها تتضمن رسالة قوية وواضحة الا وهي ان لبنان لا يستطيع أن يكمل بالمسار الذي كان قائما في السابق والذي يتركز على العجز، وللخارج بأننا نستعيد الثقة بمالية الدولة أن لبنان يستطيع أن يشكل نموذج صحي وسليم للتفاوض المالي".

وللعسكريين و​الاجهزة الامنية​ وسواها، لفتتة خاصة، فبعد الحسومات على الطبابة والتجهيزات، يلفت كنعان الى أن "لجنة المال قامت بنقل اعتمادات بقيمة 66 مليار ليرة لبنانية الى موازنة وزارة الدفاع لتغطية نفقات الجيش، و54 مليار ليرة للمؤسسات الامنية و10 مليار ليرة لبنانية للصليب الاحمر اللبناني".

في المحصّلة، ستحمل الأيام المقبلة الكثير من المناكفات السياسية ولكن الثابت الاساسي سيبقى من خلال الانجازات التي حققها "التغيير والاصلاح" سواء في السياسة، أو عبر مجالات عدّة!